ترك برس

طرح الكثير من المتابعين للشأن التركي التساؤل أعلاه، معبرين عن وجود حالة من التشتت لديهم فيما يتعلق بالمسار الجديد للسياسة الخارجية التركية الجديدة.

تحسنت العلاقات التركية مع إسرائيل، ولم تلبث أن عادت إلى نصابها القديم مع روسيا، ويُشار إلى أن تحسنها مع مصر بات قاب قوسين أو أدنى، وفي إطار ذلك هل فعلًا هناك تغيّر جذري للسياسة الخارجية التركية؟ هل المبادئ التي ستتغيّر أم التكتيكات؟ هل يشمل ذلك التغيّر سوريا؟

هذا ما طرحه موقع الجزيرة ترك على ثلة من الخبراء الأتراك في السياسة الخارجية لبلادهم، وقد وجهت الجزيرة ترك أسئلتها لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة بيلغي إلتار توران والأستاذة في قسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية بجامعة باهتشة شهير غولنور أيبات والأستاذ في قسم العلاقات الدولية بجامعة صابانجي فؤاد كايمان والأستاذ في قسم العلاقات الدولة والعلوم السياسية بجامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية برهان الدين دوران.

ووفقًا للموقع، فإن رؤى الخبراء أجمعت على أن هناك تغيّر واضح في المسار العام للسياسة الخارجية التركية، والتساؤل الذي اتفق على طرحه الخبراء فيما يتعلق بالتغيّرات التي طرأت على السياسة الخارجية التركية مؤخرًا هو هل تركيا في خضم تغيّر جذري في سياستها الخارجية؟ وقد تجنب الخبراء الإجابة على ذلك، مؤكّدين أن التحدث عن ذلك سابق لأوانه بعض الشيء.

وأشار الخبراء إلى أن تعديل مسار العلاقات المنقطعة مع روسيا وإسرائيل كان أمرًا ضروريًا لا بد منه في الوقت الحالي، مبررين ذلك بالتكلفة الاقتصادية والسياسية التي مُنيت بها تركيا في الفترة السابقة نتيجة الانقطاع.

وطرحت الجزيرة على الخبراء سؤالًا مفاده "هل ستشهد السياسة الخارجية التركية تغيّرًا جذريًا تجاه مبادئها الرئيسية الثلاث، والتي تتمثل في مقاطعة الغرب والاتحاد مع دول العالم الثالث والسير على نهج مصلحة المذهب السني؟"

وردًا على السؤال اتّفق الخبراء على أن ذلك ممكن جدًا، حتى لو حاولت الحكومة إخفاء ذلك، موضحين أن التغيّرات التي طرأت أجبرت الحكومة التركية على الاتجاه نحو ذلك، ولكن لا بد من الأخذ بالاعتبار الخسائر الممكنة التي يمكن أن تُمنى بها تركيا نتيجة ذلك التغيّر.

أما عن النتائج السلبية التي يمكن أن تُصيب تركيا مع اتجاهها نحو التغيير في سياستها، يتوقع الخبراء بأن قسمًا كبيرًا من الشارع العربي سيسخط على تركيا، وهذا ما سيؤثر بدوره على نشاطها الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي في المنطقة العربية، مضيفين بأن ذلك لن يتوقف عند الشارع العربي بل سيشمل الشارع التركي أيضًا، وما شهده الشارع التركي من خلاف شعبي وإعلامي جلي بين تركيا وهيئة الإغاثة الإنسانية "إي ها ها" أكبر مثال على تأثير تغيّرات السياسة الخارجية على القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية.

وعلى الصعيد الإيجابي للتغيّر الذي شهدته السياسة الخارجية، يُشير الخبراء إلى أن حجم الميزان التجاري التركي سيرتفع وسيُشهد ارتفاعًا واضحًا في عدد السياح الروسي والإسرائيليين القادمين لتركيا، وستحقق تركيا مردود اقتصادي ملموس جراء مدها لخط نقل الغاز الإسرائيلي لأوروبا، وإلى جانب تلك الفوائد الاقتصادية الإيجابية سيتشكل سد منيع لتخفيف النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، لا سيما في ظل تبادل الطرفين "التركي والإسرائيلي" حالة الانزعاج من النفوذ الإيراني المطرد في المنطقة.

وذهب الخبراء إلى أن التغيّر في السياسة الخارجية التركية لن يتوقف على روسيا وإسرائيل، بل سيطال مصر وسوريا أيضًا، منوّهين إلى أن الخطر الاستراتيجي الكردي الذي تعارضه تركيا وسوريا معًا، يمكن كبح جماحه عبر إعادة تحسين العلاقات المتبادلة بين الطرفين.

ووفقًا لآراء الخبراء، فإنه في ظل خفوت جذوة الربيع العربي في كافة الدول التي انطلق بها، باستثناء تونس، لم تعد هناك فرصة لتركيا لإعطاء الأنظمة العربية دروسًا في الديمقراطية، وما يتوجب عليها الآن هو الذهاب "للتصالح مع النظام السوري لصد الخطر الكردي والإرهابي" على حد قولهم.

الجدير بالذكر أن الحكومة التركية أعلنت في الثامن والعشرين من حزيران/ يونيو المنصرم، توصلها إلى اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل، ولم يمض الكثير حتى أعلنت إرسالها رسالة اعتذار لروسيا واتجهت لإظهار نيته الجادة في إجراء عملية إصلاح شاملة للعلاقات التركية مع الدول الأخرى بما فيها مصر وسوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!