ترك برس

تعيش مدن إقليم البحر الأسود التركي، طرابزون وريزة وأرتفين، في هذه الأيام موسم حصاد الشاي الذي تستنفر به عوائل الإقليم كافة جهودها وطاقاتها للحاق بدرب الموردين إلى السوق في الوقت المناسب.

وبالرغم من الحجم الكبير للعائلات التركية في تلك المدن، إلا أن حقول الشاي الشاسعة تفرض عليها استقطاب المزيد من الأيدي العاملة لإتمام عملية الحصاد، وكانت ثلة كبيرة من المواطنين الجورجيين من ضمن الأيدي العاملة التي تساعد العائلة التركية في إحراز عملية القطف.

يفد العمال الجورجيون إلى تركيا من مدينة باتوم المتاخمة للحدود التركية، إذ تسمح لهم السلطات التركية بدخول الأراضي التركية دون إذن دخول مُسبق ودون تكاليف باهظة، وهذا ما يدفع الكثير منهم إلى القدوم لتركيا والعمل في مجال الزراعة لتأمين قوت يومهم.

وحسب تقرير الصحفي غوراي أرفين مراسل موقع الجزيرة ترك، فإن العمالة الجورجية قانعة بالأجرة التي تتقاضها جراء عملها مع أصحاب الحقول الأتراك، كما أن المعاملة التركية الكريمة لهم من العوامل الأخرى التي تساهم في قدوم عدد كبير من منهم.

"تعلمت قطف الشاي هنا"

ينقل أرفين تجارب العمال الجورجيين في تقريره "الجورجيون يأتون إلى الشاي" بقوله: "خرجت من الفندق إلى حقول الشاي في صباح يوم الأحد الماطر في مدينة ريزة، حيث تفوح رائحة الشاي في جميع أطراف المدينة، إذ لا يكتفي سكان المدينة بزراعة الشاي في حقولهم الزراعية بل يزرعونه في حدائق منازلهم الخلفية وعلى شرفهم."

عقب وصوله إلى حقول الشاي، لاحظ أرفين وجود الكثير من الجورجيين العاملين في قطف الشاي إلى جانب المواطنين الأتراك، وعلم بأن هؤلاء العمال لم يأتوا لتركيا في هذا العام فقط، بل إنهم يأتون إلى تركيا في كل موسم حصاد للشاي منذ عدة سنوات، ويتغيّر عددهم حسب مساحة الحقل.

راسان مامورادا البالغ من العمر 33 عامًا أحد المواطنين الذين بدأوا الوفود إلى تركيا للعمل في حقول الشاي منذ 8 سنوات. يقول مامورادا: "أتيت من مدينة باتوم القريبة من تركيا. آتي إلى تركيا 3 مرات في السنة. أظل في تركيا 20 يومًا ومن ثم أعود إلى بلادي التي تعاني من بطالة تضطرني للقدوم إلى هنا."

ويكمل مامورادا: "لم أكن أعلم آلية قطف الشاي ولم أكن أعرف اللغة التركية قبل القدوم إلى تركيا، ولكن بعد وفودي إلى هنا تعلمت كليهما. أستيقظ في السادسة صباحًا، وإذا كانت حالة الطقس جيدة أعمل حتى السادسة مساءً، وأجمع خلال هذه الفترة ما بين 500 إلى 600 كيلو من الشاي، وإذا كان الجو ممطرًا فإن قطف الشاي يصبح أمرًا يسيرًا، مما يجعلنا نقطف كميات أكبر من أيام الجو المشمس.

"النقود التي نحصل عليها هنا تكفينا لمدة 6 شهور في باتوم"

حسب الصحفي أرفين، فإن مامورادا ليس وحده الموجود في مدينة ريزة، بل هناك الكثير من أقاربه وأصدقائه وغيرهم من المواطنين الجورجيين الذين يعملون في حقول الشاي، حيث يتناولون يوميًا 3 وجبات طعام يتم توفيرها من قبل صاحب العمل، ويبلغ مقدار ما يحصلون عليه في نهاية عملهم لمدة 20 يومًا حوالي ألفين و500 ليرة.

ويضيف مامورادا في حديثه لأرفين قائلًا: "أنا متزوج ولدى ابنة. زوجتي لا تستطيع العمل، كما أنني عاطل عن العمل في باتوم، ولو وجدت عملًا فيها كنت سأتقاضى شهريًا ما يقارب 300 إلى 400 لاري "400 إلى 535 ليرة تركية"، ولكنني أحصل على ما يلزمني لمدة ست شهور في باتوم خلال 20 يومًا من العمل هنا".

"هناك حاجة متبادلة بين الجورجيين وأصحاب الحقول الأتراك"

يؤكّد عمر كولاي صاحب أحد حقول الشاي أن المواطنين الجورجيين استغرقوا بعض الوقت لتعلّم عملية القطف، ولكنهم أتقنوا القطف بعد ذلك وأصبحوا محترفين، مشيرًا إلى أن أصحاب الحقول يعانون من نقص حاد في الأيدي العاملة، إذ أن كثيرًا من المواطنين الأتراك هاجروا إلى المدن الكُبرى، مخلفين ذلك النقص، مما جعلنا في حاجة إلى أيدي عاملة خارجية، واليوم هناك حاجة متبادلة بيننا وبين العمالة الجورجية، ففي حين يحصلون هم على قوت حياتهم، نحصل نحن على فرصة لقطف محصولنا في الوقت المناسب لتوريده إلى السوق."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!