إسماعيل يشا – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

مساء يوم الجمعة الماضية وبينما كنا نتناول الطعام انا واطفالي وابي جاءتني الاخبار عن تحركات غربية تجري في انقرة وإسطنبول، بعض المخبرين قالوا بانها تحركات إرهابية، وبعضهم قال بانها تدريب لاحد الفرق القتالية في الجيش، واخرين أكدوا بانه انقلاب يقوده فلول جماعة فتح الله غولن الإرهابية.

خرجت الى الشارع في قونيا وكانت الأمور على ما يرام، لكن سمعت اخبار عن وقف خطوط الطيران وان طائرة انطلقت من كونيا بقيت في الجو! فتحت التلفاز وبدئت اقلب القنوات الفضائية لأفاجئ بان الذي يحصل هو بالفعل انقلاب يقوده مجموعة من الجيش حسب ما صرح به رئيس الوزراء بن علي.

لقد أحسن بن علي عندما دعا الناس الى التظاهر ومواجهة الانقلاب بدل تهدئتهم وتخديرهم، ومن لحظة تصريحات رئيس الوزراء والناس يتجمعون ويخرجون الى الشوارع والميادين، لكن ما يزال القلق يملئهم ويتساءلون عنما سيخبرهم به رئيس جمهوريتهم.

لقد كانت لحظة تاريخية فاصلة في تاريخ تركيا الحديث ساعة خروج الرئيس عبر تطبيق هاتفي في قناة السي ان ان التركية، خرج الرئيس ودعا الناس الى التظاهر حتى اسقاط الانقلاب.

سمعت كل الناس هذا الخبر فانطلقوا يحشدون أنفسهم وينزلون الى الميادين والساحات والشوارع حتى يواجهوا الانقلاب بصدورهم العارية التي يملأها الايمان والحب العميق لوطنهم. خرج الناس من كل الاعمار شيبا وشبابنا، ومن كل الأحزاب من غير تفريق طائفي او عقائدي او فكري، خرجوا لأنهم يريدون حفظ حياتهم الكريمة ومستقبلهم المشرق. خرجوا وهم يصيحون وبكل قلب شجاع "يا الله، بسم الله، الله أكبر".

عاشت تركيا لحظاتها التاريخية العظيمة بكثير من القلق والترقب، فبعدما شاهدنا والعالم نجاح الانقلاب في بعض الدول العربية وبالذات مصر، كنا وكل الاحرار في العالم ندعو ان لا تتكرر المأساة. لن ننسى كل من ودعم وهلل للانقلابين في تلك اللحظات الخائنة، كما ولن ننسى كل احبتنا من العارب وغيرهم الداعمين والرافعين اكفهم يدعون لفرجنا ونصرنا على هؤلاء الظلاميين.

لن ننسى تلك الدروس التاريخية التي لقنها الاتراك والاكراد في تحالفهم وتعاضدهم للعالم اجمع، لن ننسى كل ذلك الإباء والشجاعة المتقدة التي كانت تدفع الناس دفعا حتى يواجهوا الدبابات والاعيرة النارية بصدورهم العارية.

في تلك الساعات كنت اقراء كتابات المعلقين على الصور الشجاعة لهؤلاء الافذاذ الميامين في تويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي وكيف ان الناس كانوا مبهورين من كل هذا الاقدام والفداء الذي اظهره شعب تركيا الابي، كنت وفي كل لحظة امتلئ بكل الفخر من صنعة أبناء شعبي الميامين أصحاب الاقدام الثقيلة والقلوب الحرة الزكية.

لم تغمض كل العيون المتقدة وهي تبصر وبنظرة ثاقبة الخونة الانقلابين ولو للحظة واحدة طوال تلك الليلية التاريخية، في الصباح وبعد انقشاع الغبار عن ساحة المعركة وفشل الانقلاب توجهت الى البيت، وانا في الطريق كنت أتذكر كل تلك اللحظات حلوة والمرة، قلّبت هاتفي ثم شاركت بعض الصور وكلي فخر وعزة بما صنعنا بهؤلاء المجرمين.

بعد كل هذه الساعات وانا اجول في خاطري تذكرت ما سألني اياه بعض من أصدقائي واخرين من متابعيني العرب قبل اشهر عن احتمالية خيانة جيشنا لتركيا كما فعل السيسي، لكني ومن ذلك اليوم كنت اعلم بان من قادتنا من هم شرفاء وغيورين على وطننا الحبيب واجبتهم بان مثل ذلك السيناريو لا يمكن حدوثه في تركيا، لقد راينا القليل من الخون الذين كنت اعلم بوجودهم كما في سلاح الجو وبعض الأماكن الأخرى، لكن لم يخب ظني بالسواد الأعظم من جنودنا الابطال وشرطنا الابية.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس