ترك برس

"تتضمن محاولة الانقلاب العسكري التي تمت بتاريخ 15 تموز/ يوليو، العديد من الدروس المهمة المتعلقة بأسس المعارضة والسلطة، وضرورة انتشار الإعلام الحر المتنوع في إطار أجواء ديمقراطية سياسية وحرية اقتصادية واجتماعية."

بذلك استهل الخبير السياسي والحقوقي يونس إيمره مقاله في الجزيرة ترك "دروس وعبر من محاولة الانقلاب الفاشلة"، الذي أشار فيه إلى أن أولى الدروس هي أن الشعب التركي لم يُعد شعب "المعكرونة والفحم والمساعدات الاجتماعية" التي كان يحلم بها الشعب التركي إبان السبعينات والثمانينات وحتى أواخر التسعينات، بل أصبح شعبًا واعيًا بمكتسبات الديمقراطية وفضل الحرية وثمنها الغالي.

أما عن وقوف أحزاب المعارضة بجانب الحكومة، فيقول إيمره إن هذا إثبات آخر على مستوى الرُقي الديمقراطي الذي وصلت إليه الأحزاب السياسية التركية التي أنحت المصالح السياسية جانبًا، ووضعت المبادئ الديمقراطية والوطنية والإنسانية العليا نصب أعينها منطلقةً نحو الميادين بلسان يصدح بالوطن والحرية.

ويرى إيمره أن حزب الشعب الجمهوري على وجه الخصوص أصبح على قناعة تامة أن زمن شراء الناخب وإقناعه بالشعارات الركيكة ولى بلا رجعة، وأصبح هناك زمن يكتسب الحزب السياسي التركي فيه قاعدته الشعبية بناءً على التضحيات والمواقف السياسية الصادقة، لم يُعد هناك مواطن تركي يسعى إلى رضى "آغا" الحزب في المنطقة الانتخابية، بل أصبح هناك مواطن تركي ذو كرامة عالية تسعى جميع الأحزاب لكسب رضاه عبر البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحقيقية.

وأكّد إيمره أن محاولة الانقلاب أثبتت حدوث تغيّر سياسي واجتماعي وثقافي في تركيا، موضحًا أن أي إنسان ينظر نظرة موضوعية غير مؤدلجة يحسب ذلك المكتسب لصالح حزب العدالة والتنمية الذي نقل تركيا هذه النقلة النوعية.

ويُشير إيمره إلى أن إفشال محاولة الانقلاب برهن للعالم كله أن الديمقراطية والمعارضة القوية دائما ً وأبدا ً لصالح المصلحة الوطنية وليس ضدها البتّة، موضحا ً أن ما يعيق تحقق المصلحة الوطنية هو التضييق على المعارضة وتحجيمها واقصائها، لأن التضييق يعني النفور والقطبية الإيديولوجية العميقة، ولا يمكن أن تصب القطبية في صالح المصلحة العامة بأي حال من الأحوال.

ويُشدد إيمره على أن سياسة "الاحتضان الديمقراطي الشامل" التي يسير عليها حزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه وحتى الآن، اتضح بأنها تكفل لأي حزب يتبع هذه السياسة قاعدة شعبية راسخة مستعدة للتضحية للحفاظ على بقائه.

وعن درس آخر، يوضح إيمره أن العالم يجب أن يقبل هذه المحاولة على أنها برهان جلي عن حجم خطر الكيان الموازي الذي حاول السيطرة على كافة أركان ومؤسسات الدولة في تركيا، مؤكّدًا أن القول بأن الجماعة حاولت الاستيلاء على الدولة منذ مطلع السبعينات وحتى الآن، ليس أمرًا خياليًا أو ادعاءًا كاذبًا بل هو حقيقة ماثلة أمام الجميع، فلا يعقل أن تنظم الجماعة هذا الكم الهائل من الجنرالات لصالح خططها، في غضون عشر أو عشرين سنة، بل ذلك العمل يحتاج إلى أكثر من ثلاثين سنة، وهو ما تم إثباته إبان القبض على الجنرالات المتهمين بمحاولة الانقلاب.

وتعليقًا على تساؤل البعض عن سبب سماح حزب العدالة والتنمية لجماعة غولن بالتمدد، يفيد إيمره بأن حزب العدالة والتنمية قدم إلى رأس سلطة مليئة بروائح الدولة العميقة والعصابات وغيرها، وكان لا بد من شريك راسخ في السلطة للركون إليه في تطهير الدولة من الدولة العميقة والعصابات، ولم يكن هناك سوى جماعة غولن التي ظهرت بثوب إسلامي "قريب لإيدولوجية" حزب العدالة والتنمية، وبعد تمكن حزب العدالة والتنمية من تطهير السلطة من العصابات بالاستناد إلى كوادر جماعة غولن. أرادت الأخيرة الحصول على امتيازات أكبر داخل السلطة، وبدأت تنافس حزب العدالة والتنمية على السلطة، وقد بدأت بوادر التنافس تطرأ على السطح بحلول عام 2010، وانفجرت بشكل كبير عام 2013.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!