
ترك برس
رأى الخبير الأمني في مركز "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "مراد يشلتاش"، أن سبب ثناء الرئيس رجب طيب أردوغان على المخابرات التركية هو أن تركيا تمر بظروف عصيبة، موضحا أن المخابرات عنصر فاعل لأمن البلد في هذه المرحلة، وأن إبعاد رئيسها الآن قد يلحق ضررا بتركيا.
جاء ذلك في حديثه لـ "الجزيرة نت"، حيث قال إن وثائق الاستخبارات التي ظهرت عقب المحاولة الانقلابية أوضحت أن الجهاز لم يخبر الرئيس أو رئيس الوزراء بها، لأن المعلومات التي تلقاها الجهاز كانت تشير إلى أن المحاولة أخمدت.
ويثير التباين في التصريحات الرسمية التركية تجاه جهاز الأمن الأول، الجدل بشأن الدور الفعلي لجهاز المخابرات التركي في إفشال الانقلاب، وأهمها السؤال عن أسباب مراوحة الرئيس بين نقد الجهاز حينا والثناء عليه حينا آخر.
وأجاب مراد يشلتاش عن السؤال مستعينا بالتقارير الرسمية التي قالت إن المخابرات كانت على علم بمحاولة الانقلاب، وإنها نسقت مع رئيس هيئة الأركان خلوصي أكار ضد الانقلابيين لردعهم، وهو ما يفسر استهداف الجهاز مبكرا من قبل الانقلابيين.
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي "مصطفى أوزغان" إن الضبابية ما زالت تخيم على المشهد الذي تحرك به جهاز المخابرات خلال محاولة الانقلاب، موضحا أن الحكومة نفذت إصلاحات داخل الجهاز وضخت فيه دما جديدا، لكن "قد يكون هناك قصور في مهنية أدائه".
وأوضح أوزغان أن محاولة الانقلاب لم تكن أول الحقول التي ظهر فيها قصور أداء المخابرات، حيث سبق ذلك قصور في توقع الهجمات التفجيرية التي نفذتها "جماعات إرهابية" في تركيا أو اكتشافها.
وأشار إلى أن مشكلة نقص الكفاءة ظهرت إلى جانب المخابرات في إعلام حزب العدالة والتنمية والإعلام المناصر له، قائلا إن الصحفية هاندا فيرات التي وجدت الطريق لتوصيل الرئيس بشعبه في أحلك اللحظات هي معارضة لأردوغان، لكنها لعبت دورا مركزيا في صد الانقلاب بفضل مهنيتها.
وعزا أوزغان السبب في قصور أجهزة الدولة، ومن ضمنها المخابرات، إلى اعتماد الدولة على الانتماء السياسي والقرب من حزب العدالة والتنمية كمعيار لضم العناصر للجهاز، عوضا عن المهنية والاحتراف، على حد تعبيره.
وكثر الجدل حول الدور الحقيقي للمخابرات التركية في إفشال المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد منتصف الشهر الجاري، ونسبت المسؤولية عنها لجماعة الخدمة التي يتزعمها المعارض المقيم بالولايات المتحدة فتح الله غولن.
وكان من الشائع بعد فشل المحاولة الانقلابية أن المخابرات قامت بدور مهم في إفشالها، لكن الانتقادات الأخيرة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأدائها غيّرت هذا الاعتقاد، مع أن أردوغان أعلن أنه لن يغير رئيس الجهاز هاكان فيدان قائلا "يجب عدم تغيير الحصان أثناء الطريق"، وهو مثل تركي معروف.
وكان أردوغان استقبل فيدان بالمجمع الرئاسي في أنقرة الجمعة الماضي، واجتمع به ساعتين، رغم عدم إدراج اللقاء مسبقا على جدول أعمال الرئيس.
ورجحت العديد من الأوساط أن يكون اللقاء ركز على الأسباب التي دفعت المخابرات إلى التأخر في إبلاغ أردوغان بمحاولة الانقلاب، لا سيما أن اللقاء عقد بعد يوم واحد من انتقاد أردوغان للجهاز.
ومنذ تعيينه على رأس جهاز المخابرات عام 2010، كان فيدان بمثابة ذراع أردوغان القوية، حيث حقق نجاحات يذكرها له المراقبون، لا سيما كشف خلايا جماعة الخدمة داخل مؤسسات الدولة، وإحباط مخططات تفجيرية كبرى أعدت لها جهات مختلفة، خاصة حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية.
كما تنسب العديد من وسائل الإعلام للقائد الأمني ذي الخلفية الأكاديمية نجاحا فاق العادة في "تقليم أظافر الاستخبارات الإسرائيلية"، ومنعها من استخدام الأراضي التركية كمنصة عائمة لتنفيذ عملياتها الخارجية، الأمر الذي يتناقض مع الحالة التي ظهر عليها الجهاز في تعامله مع محاولة الانقلاب.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول في وقت متأخر من مساء الجمعة 15 يوليو/ تموز، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لـ"منظمة الكيان الموازي" الإرهابية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة اسطنبول (غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، وفق تصريحات حكومية وشهود عيان.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، وطوق المواطنون مباني البرلمان ورئاسة الأركان، ومديريات الأمن، ما أجبر آليات عسكرية حولها على الانسحاب مما ساهم في إفشال المحاولة الانقلابية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!











