إبراهيم عبدالله صرصور - خاص ترك برس 

أن يفرح السيسي وبشار وبطانتاهما الفاسدة والساقطة اخلاقيا ووطنيا من قطعان الراقصين والراقصات والممثلين والممثلات الأحياء منهم والأموات، والمتكسبين من العلمانيين والليبراليين الفاشلين، والمرتزقة من الكتاب (والمفكرين!!!)، فهذا طبيعي، فماذا نتوقع من انقلابيين سفاحين يقتلون ويمزقون شعوبهم وأوطانهم في سبيل بقائهم المغتصِب للسلطة في بلادهم، وممن التف حولهم من سقط المتاع في مجتمعاتنا العربية؟!

أن يكره الغرب أردوغان وحكومته وحزبه وعقيدته الثائرة، وأن يتآمروا عليه كما كشفت التحقيقات على أثر سقوط محاولة الانقلاب في تركيا،  فهذا أيضا غير مستغرب على الإطلاق... فالحكومات الغربية في أغلبها الساحق، ولا أقول الشعوب فهي مضللة في أغلبها، والأقلية فيها تعرف الحقائق المجردة، ما زالت تحمل أحقادا غائرة في النفوس بسبب ما توارثته من ثارات تراكمت عبر القرون بفعل حكومات الإسلام منذ القرون الوسطى وحتى سقوط الخلافة العثمانية في إسطنبول في العام 1923، وما حققته من إزالةٍ لعروشٍ، وإسقاطٍ لإمبراطوريات، وما حققته من قفزات في مجالات الحضارة والمدنية جعلتها مهوى قلوب اهل أوروبا لقرون طويلة... هم لا يريدون لهذا الإسلام الذي نافسهم طويلا، وحد من أطماعهم وحاصر انتهازيتهم ورغبتهم الجامحة في السيطرة والنفوذ، أن يكون له مكان تحت الشمس...

ببساطة هم لا يريدون منافسا لهم في العالم، يشاركهم تقاسم (الكعكة!!!!!!!!!!)... يريدونها لوحدهم فقط... أما الآخرون وبالذات المسلمون منهم، فليس لهم أن يطمعوا في أكثر من الأكل والشرب والنكاح، وإن أرادوا الصلاة كعلاقة مع الله فقط لا تتجاوز ذلك إلى الحياة، فلهم ذلك...

أما أن يأتي التشفي بأردوغان وحكومته وحزبه عند بداية محاولة الانقلاب الفاشلة وحتى الآن، ثم الطعن في مشروعية الرئيس الشرعي الوحيد في العالم العربي والإسلامي الذي جاء عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة وديمقراطية حتى النخاع، إن يأتي ذلك كله من نخب مثقفة - وأنا لا أعمم - من المفروض ان تحتكم في تحليلاتها للمعايير العلمية والموضوعية مهما اختلفوا أو اتفقوا مع السيد المقدام والبطل المغوار السيد أردوغان، فهذا ما استغربه فعلا...

من المؤسف جدا أن ينبري هؤلاء في الطعن في أردوغان بإسفاف مضحك مبكي في ذات الوقت، متناسين مسائل لا يجب أن نختلف عليها أبدا:

أولها - لا للانقلابات العسكرية (العسكرتارية) التي ما جرت على وطننا العربي منذ تسلم العسكر مقاليد الحكم فيها إلا الويلات والدمار والتخلف والهزائم والاستبداد والفساد...

ثانيها - الوصول للسلطة لا يجب أن يكون إلا عبر صناديق الاقتراع فقط وفي إطار انتخابات ديمقراطية نزيهة وحقيقية وشفافة، تتم في أجواء من الحرية والتعددية والكرامة بعيدا عن سطوة البوليس والمخابرات وقبضة العسكر...

ثالثها - تداول السلطة سلمي فقط، وعبر الأدوات الديمقراطية فقط.

رابعها - السلمية في بناء العلاقات البينية داخل المجتمعات وبينها وبين الخارج ، بعيدا عن أي شكل من اشكال العنف والبطش واللاقانون... 

يؤلمني جدا أن أجد الصفحات والمواقع  تطفح بالشطط في الحديث والتحليل والتطاول على الحكومة والرئيس التركيين، النظام الديمقراطي الوحيد في عالمنا العربي والإسلامي، خصوصا بعد فشل محاولة الانقلاب التي  قتلت المئات من الشعب التركي السلمي، وقصفت المؤسسات السيادية وخططت بناء على ما رشح من معلومات، لارتكاب اغتيالات وإلغاء حريات وتعطيل مؤسسات المجتمع المدني... إلخ...

غريب ألا يُغَلِّبَ هؤلاء النفر من شعبا وأمتنا عقولهم على أحقادهم الفكرية والشخصية، فيفعلون ما فعلت أحزاب المعارضة العلمانية في تركيا في وقوفها إلى جانب الدولة والديمقراطية في مواجهة الانقلاب، وإصرارهم على الوقوف خلف الشرعية بالرغم من اختلافهم الجوهري مع أردوغان وحزبه وحكومته وسياساته...

تعالوا حتى نعترف، إن تهجم هؤلاء - وأنا لا اعمم ففيهم العقلاء رغم قلتهم - وتطاولهم غير الأخلاقي على أردوغان وحكومته ليس سببه ديمقراطية أردوغان وحكمه الرشيد، فهذا مما يستحق الإشادة والتأييد والإشارة بالبنان، بل لأنه (إسلامي)، وهؤلاء لا يريدون أن يروا إسلاما عزيزا في وطننا العربي لأسباب لا يتسع المقام للخوض فيها... لهذا دعموا انقلاب السيسي، ولهذا يدعمون مذابح جزار دمشق الذي قتل نحو سبعمائة ألف من أبناء الشعب السوري، وشرد نحو سبعة ملايين، وحول مدن سوريا الزاهرة إلى كومة من الأنقاض، لا لسبب، إلا لحرصه على البقاء في السلطة التي اغتصبها هو وأبوه منذ أكثر من أربعين عاما... لهذا أيضا يدعمون حفتر في ليبيا وعبدالله صالح والحوثيين في اليمن... وهكذا، وهكذا...

من أجل أن نكون منصفين مع هؤلاء، علي الاعتراف بأنهم قد يقبلون بالإسلام شريكا، ولكن أي إسلام؟؟؟؟ هذا هو السؤال... المتابع لأدبيات هؤلاء وما تطفح به منها قنوات الصرف الصحي الصحفية الصفراء، يرى بوضوح أن الإسلام الوحيد المقبول عند هؤلاء هو الإسلام التي يتعامل مع المقابر والمناسك، والذي لا علاقة له بالحياة... أما الإسلام الذي هو نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعًا، الإسلام الذي هو دولة ووطن وحكومة وأمة، وخلق وقوة ورحمة وعدالة، وثقافة وقانون وعلم وقضاء، ومادة وثروة وكسب وغنى، وجهاد ودعوة وجيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة، وعبادة صحيحة سواء بسواء، فهذا إسلام لا يريدونه لأنه ببساطة ينغص عليهم حياتهم - كما يبدو - ويمنعهم من الولوغ في المحرمات ويضمن لهم الاستئثار بالسلطات والتمتع بالثروات دون رقيب أو حسيب...

الأمر واضح وضوح الشمس... هم يعرفون أنه وفي ظل نظام ديمقراطي فان الحظ الأوفر - وليس الأكيد - هو لأصحاب المشروع الإسلامي... لذلك تراهم يعلنون الحرب على الإسلاميين في كل مكان، ويفضلون العسكر الانقلابيين والدكتاتورية الفاسدة والحاقدة، ويتحالفون معها أن ضمنت لهم عدم وصول الإسلاميين إلى السلطة ولو ديمقراطيا...

خسارة فعلا... قد يظن هؤلاء أنهم بتطاولهم على الشرعية في تركيا أو مصر قد يرسموا تاريخا أو يغيروا ناموسا أو قانونا كونيا... لا... فالله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون... 

عن الكاتب

إبراهيم صرصور

رئيس الشق الجنوبي من الحركة الإسلامية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس