ترك برس

امتنع الإعلام الغربي عن متابعة أحداث 15 تموز/ يوليو بالشكل الذي تستدعيه الأحداث، ونأى بنفسه عن إظهار الدعم للديمقراطية الحقيقية في تركيا؛ مطار فيينا يحتوي عبارات تهاجم تركيا؛ وزيرة الخارجية السويدية تهاجم تركيا، مدعيةً بأن تركيا أصدرت قرارًا يسمح للأطفال ما دون سن الخامسة عشر بممارسة الجنس، هكذا نقل وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو الموقف الغربي تجاه تركيا التي نجحت في صد محاولة انقلاب دموية، مشيرًا في تصريحاته بالأمس من أمام مقر حزب الشعب الجمهوري المعارض، إلى أن ما صرحت به وزيرة الخارجية السويدية يعد "فضيحة" ويكشف عن نشر الأكاذيب المشوهة لسمعة تركيا، من خلال بعض المسؤولين الغربيين الذين يثبتون بأنهم غير قادرين على تحمل مسؤولياتهم تجاه الدول الأخرى.

عبارات تترجم روح الغضب والامتعاض الشديدين لدى تركيا تجاه موقف الغرب الذي وصفه جان أجون الباحث في مركز الدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية "سيتا" بأنه يسعى "لتمصير" تركيا.

أوضح أجون أن ليلة 15 يوليو عادت به إلى أحداث 3 يوليو في مصر، حيث كان يعمل هناك رئيسًا لفرع سيتا في القاهرة، مشيرًا إلى أن المصريين أظهروا صمودًا في مواجهة الانقلاب، وظنوا أن جيشهم لن يفتح نيران رشاشاته ضدهم، وهذا ما حدث تمامًا في تركيا، والفرق هنا أن هناك قوات من الجيش وبعض الأجهزة الأخرى وقفت إلى جانب الشعب في ديمقراطيته، أما في مصر فكان الشعب الأعزل وحيدًا أمام الآلة العسكرية المجتمعة ضده.

وحول الموقف الغربي حيال الانقلاب العسكري الدموي في مصر، نوّه أجون إلى أن الغرب، باستثناء ثلة قليلة جدًا من مؤسساته ومفكريه ووسائل إعلامه، دعم الانقلاب العسكري في مصر، غاضًا الطرف عن حجم الجرائم الجسيمة التي ارتكبها المنقلبون على الشرعية.

وتابع أجون مبينًا أن الانقلاب العسكري في مصر تمخض عنه إغلاق قسم كبير من الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني واعتقال عدد كبير من الشخصيات ومقتل الآلاف من خيرة الشباب المصري، وكان الموقف الغربي، لا سيما الأمريكي، حيال هذه الجرائم مخادعًا وبعيدًا عن المبادئ التي يدعي تبنيها ليل نهار، إذ، حسب أجون، كانت الولايات المتحدة التي عادة ما تحاول ربط الديمقراطية باسمها، أول من احتضن الانقلابيين، وقد تعرضت بعد ذلك لانتقادات شديدة ثم أعلنت تعليقها المساعدات العسكرية للجيش المصري، ولكن تلك المسرحية الهزلية سرعان ما انتهت.

لم يكن حديث أوباما عن دعم دولته التام للعملية الديمقراطية في دول الشرق الأوسط أثناء زيارته للقاهرة قبل سنوات سوى حديث فارغ أثبت خداع الولايات المتحدة لشعوب المنطقة من جديد حسبما يرى أجون، فقد تبيّن أن هذه الدولة هي الداعم الأول والأساسي والمستمر لأي انقلاب عسكري في المنطقة.

وعن الموقف الغربي إزاء الانقلاب العسكري في مصر، قال أجون إن الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون زارت مصر والتقت برواد الانقلاب السياسيين، ولم تذم ما قاموا به، بل حاولت إقناع المنقلَب عليهم بضرورة تقبل الحقيقة الجديدة في مصر!

وبالحديث عن محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، بيّن أجون أنه يعتقد بأن حالة الصمت التي سادت وسائل الإعلام الغربية حتى تأكد لهم بأن الانقلاب قد فشل، تكشف عن رغبة بل نية الغرب الجادة في تحويل تركيا إلى مصر بأسرع وقت ممكن، مضيفًا أن استهداف وسائل إعلامه ومؤسساته المجتمعية والحكومية لتركيا وشخص رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان يُعبر عن مدى خيبة الأمل التي أصابتهم نتيجة فشل الانقلاب، لا سيما في ظل ترويجهم لما حدث في تركيا على أنه سيناريو تمثيلي سعى من خلاله أردوغان إلى تدعيم سطوته.

لا يقدر الغرب على رؤية أنظمة ديمقراطية ناجحة تخالف مسيره، لذا ستشهد تركيا وغيرها من الدول التي تحاول الاستقلالية في القرار محاولات عدة للانقلابات العسكرية، على حد وصف أجون الذي يختم مقاله بالقول "لو نجح الانقلاب في تركيا، لدعمه الغرب فورًا وصدّره على أنه مشروع جاء لتمثيل الشارع التركي، باختصار لو نجحت محاولة الانقلاب لاتّجه الغرب لتمصير تركيا. موقف الغرب قبالة محاولة الانقلاب أظهر من جديد بأن الغرب مجتمع سياسي مُفلس من القيم الأخلاقية."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!