محمود القاعود - خاص ترك برس

تتعرض مدينة حلب السورية لمحرقة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، وتواجه عدوانا إجراميا بشعا من ثالوث القتل والهدم والتدمير (أمريكا – روسيا – إيران) وما يتفرع عن هذا الثالوث الإجرامي من منظمات وميليشيات ودول ودويلات في الغرب والشرق.

يُعاقبون حلب لأنها رفضت استمرار حكم موظف الاستخبارات الأمريكية السفاح بشار الأسد... يُعاقبون حلب لأنها تُريد التحرر من ربقة الصليبية العالمية... يُعاقبون حلب لأن أهلها يقولون: لا إله إلا الله... محمد رسول الله.

لسنا هنا في معرض العبارات الإنشائية والكلمات المرصوفة... فقد قيل الكثير وبكي من بكي... وتألم من تألم... وانتشرت "الهاشتاغات" المنددة... وترك العرب شعبا بأكمله فريسة لقوي الشر الصليبية المجوسية الصهيونية... ولكن لننظر للموضوع من زاوية أخرى... لنفرض أن هناك جماعات صليبية متطرفة لها تصور صليبي معين تُريد أن تحكم به الناس في فرنسا وأمريكا، وقامت بعض الدول الإسلامية بتشكيل تحالف دولي، لقصف باريس وواشنطن، بحجة محاربة الإرهاب الصليبي، وراح هذا التحالف يقتل الأطفال والنساء والشيوخ، ويُلقي بالقنابل الفسفورية والعنقودية والصواريخ الارتجاجية وبراميل وحاويات البارود فوق الأمريكان والفرنسيين وهم نيام، ويهدم بيوتهم، وينسف مستشفياتهم، ويُدمّر محطات المياه والكهرباء والمحاصيل الزراعية، وينتشر جنود التحالف لاعتقال وقتل كل الشباب والشيوخ، ويغتصبون الفرنسيات والأمريكيات ويذبحون الأطفال الرضع، ويحاصرون المدن الكبرى مثل نيويورك وكاليفورنيا وشيكاغو في أمريكا... ومونبيليه ونيس ومارسيليا في فرنسا، ويمنعون عن سكان هذه المدن الماء والطعام والدواء، وكل هذا لأن التحالف الإسلامي يحارب الإرهاب الصليبي...

تُرى... ما هو الموقف حينها؟

ما هو رأي أدعياء الاستنارة ومن يروّجون للعلمانية البغيضة والطابور الخامس والمتنصّرين؟

هل سيباركون وقتها كل هذا القتل والدمار الذي يباركونه الآن بحق أهل حلب والفلوجة والشرقاط وديالي وصلاح الدين وحمص وبابا عمرو وداريا ودوما والغوطة والرقة ودير الزور والحسكة ومنبج... إلخ؟

هل عندما تُمطر سماء واشنطن وباريس حاويات وبراميل وخراطيم البارود فوق رؤوس السكان... سيعدون ذلك مكافحة للإرهاب ويدعمونه ويؤيدونه؟

هل تتخيلون شعور مئات الآلاف من الأطفال وهم  يستيقظون على صوت الـ B52 وينامون علي قصف السوخوي والميغ والإف 35؟ هل يُثير شعور هؤلاء الأطفال المنظمات التي تُعنى بحقوق الكلاب والقطط وتدعو لعدم إزعاجهم؟ أم أن أطفال المسلمين أقل من الحيوانات؟

المثقفون والقوّادون والدجالون الذين يُطبلون لأمريكا والغرب الصليبي في حربهم الإجرامية ضد الإسلام والمسلمين... هل سيكون هذا موقفهم لو أن محرقة حلب تحدث في واشنطن أو باريس أو الفاتيكان أو موسكو؟

صبرا أهل حلب فإن موعدكم الجنة.

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس