الصورة أرشيفية

الأناضول 

تستضيف العاصمة السعودية الرياض، غدا الخميس، اجتماعا خليجيا تركيا على مستوى وزراء الخارجية؛ لبحث تعزيز التعاون والقضايا السياسية الراهنة ومكافحة الإرهاب.

الوزاري الخليجي- التركي المرتقب يأتي تتويجا للنقلة النوعية التي شهدتها العلاقات بين دول الخليج وتركيا على مدار الفترة الماضية، وتعزيزا للعلاقات المستقبلية بين الجانبين.

هذه النقلة النوعية كانت جلية على مدار الـ12 شهرا الماضية، حيث عقدت 12 قمة تركية خليجية جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقادة دول الخليج، تضمنت 6 قمم مع قادة السعودية، و4 مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقمة مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ولقاء مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر.

وتعكس تلك القمم المتتالية والزيارات المتبادلة في وقت قريب وقصير، الحرص المتبادل بين الجانبين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتعزيز التعاون على مختلف الأصعدة.

وتوجت تلك القمم بتعاون اقتصادي وعسكري وثقافي متنامي بين تركيا ودول الخليج، وهو ما تم بلورته إستراتيجيا بتوقيع أنقرة والرياض يوم 14 إبريل/ نيسان الماضي في مدينة إسطنبول، على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي.

وبالتوازي، واصلت الشراكة الإستراتيجية التركية القطرية طريقها في التقدم، وتوجت بدخول الاتفاق بين حكومتي تركيا وقطر بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحملة جوازات السفر العادية حيز النفاذ منذ 28 مايو / آيار الماضي، وتوقيع اتفاقية أمنية واتفاقية توأمة بين الدوحة وأنقرة.

كما قام الملك البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة، بزيارة رسمية إلى تركيا، في أغسطس/ آب الماضي، هي الأولى من نوعها منذ ٨ سنوات، توجت بـ 5 اتفاقيات تعاون، ووضعت أسس تعاون راسخ متنامي بين البلدين.

أيضا شهدت العلاقات مع الإمارات تطورات إيجابية بإعادة أبو ظبي سفيرها لتركيا، في يونيو/ حزيران الماضي، وذلك بعد فترة فتور في العلاقة بين البلدين. 

كذلك حافظت العلاقات الكويتية التركية على وتيرتها المتنامية، وسط سعي متواصل لزيادة التعاون بين الجانبين. 

واقتصاديا، فازت العديد من الشركات التركية بمشاريع تبلغ قيمتها مليارات الدولارات في دول الخليج، فيما ارتفعت وتيرة الاستثمارات الخليجية بتركيا، دون أن تتأثر بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في منتصف يوليو/ تموز الماضي. 

وسياسيا، تدعم تركيا التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن وتشارك فيه 5 من دول الخليج الست، وتتطابق وجهات نظرها مع دول الخليج، فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية. 

وفي الشأن السوري، تتطابق وجهات نظر أنقرة مع كل من الرياض والدوحة في حتمية رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعم المعارضة السورية، والتأكيد على الحل السياسي للقضية، مع المحافظة على سيادة ووحدة التراب السوري، وحق شعبه في الحرية والكرامة والعدالة.

وفي الشأن الإسلامي، تدعم تركيا التي تترأس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي ودول الخليج، قضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وكانت دول الخليج على رأس الدول التي دعمت الشعب التركي وحكومته المنتخبة ديمقراطيا، في مواجهة المحاولة الانقلاب الفاشلة، التي شهدتها البلاد منتصف يوليو/تموز المنصرم، وباءت بالفشل.

تركيا والسعودية.. 6 قمم ومجلس إستراتيجي 

التعاون المتنامي في العلاقات بين تركيا والسعودية، بلغ ذروته خلال عام 2016، بتوقيع أنقرة والرياض يوم 14 إبريل/ نيسان الماضي في مدينة إسطنبول، على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، وذلك بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وجاء الاتفاق في أعقاب قمة جمعت الزعيمين من بين 6 قمم جمعت بين أردوغان وقادة السعودية خلال 11 شهرا (3 قمم مع العاهل السعودي (بمدينة أنطاليا التركية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 / وفي الرياض 29 ديسمبر/ كانون الثاني الماضي ديسمبر 2015 / وبإسطنبول إبريل 2016)، وقمتين مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف ( نيويورك 21 سبتمبر/ أيلول الماضي وأنقرة 30 سبتمبر / أيلول الماضي) وقمة مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (في مدينة هانغتشو الصينية يوم 3 سبتمبر/ أيلول الماضي).

وتوجت تلك القمم بزيادة التعاون بين الجانبين على مختلف الأصعدة، لاسيما العسكري حيث شهد هذا العام فقط 4 مناورات عسكرية مشتركة بين الدولتين.

وتعد تركيا عضوا بارزا في التحالف إسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي أعلنت المملكة عن تشكيله في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ويضم 40 دولة.

على الصعيد الاقتصادي، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 8 مليارات دولار سنوياً، وسط جهود لزيادة التعاون بين الجانبين.

وبلغ عدد الشركات السعودية العاملة في تركيا 800، فيما بلغ عدد الشركات التركية العاملة في المملكة قرابة 200، بحجم أعمال إجمالي يبلغ 17 مليار دولار أمريكي، ورأسمال يتجاوز 600 مليون دولار. 

تركيا وقطر.. شراكة مثالية وتوأمة سياسية 

الشراكة الإستراتيجية بين تركيا وقطر واصلت تقدمها، وتوجت بدخول الاتفاق بين حكومتي البلدين بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحملة جوازات السفر العادية حيز النفاذ منذ 28 مايو/آيار الماضي.

وأعلن أردوغان في 2 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلغاء تأشيرات الدخول المتبادلة بين تركيا وقطر، وذلك خلال اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، التي جرت برئاسة مشتركة بينه الرئيس التركي وأمير قطر في الدوحة.

وفي أعقاب قمة الدوحة في ديسمبر/كانون أول الماضي، عقد الزعيمان على مدار العام الجاري 3 قمم، إحداها في 12 فبراير/ شباط في قصر يلدز بإسطنبول، والثانية في 19 يونيو/ حزيران بقصر هوبر بالمدينة نفسها، والثالثة في نيويورك 19 سبتمبر/ أيلول الماضي.

وجرى خلال تلك القمم بحث تطوير العلاقات الثنائية، ومناقشة آخر مستجدات الوضع في سوريا، والعراق واليمن وفلسطين.

تلك القمم صاحبها وأعقبها تعاون متنامي على مختلف الأصعدة، حيث تم في 28 إبريل/ نيسان الماضي، توقيع اتفاقية بين الجانبين لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وتتعلق بتمركز القوات التركية في قطر. 

وصادقت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، صادقت في 5 مارس/آذار 2015، على "اتفاق تعاونٍ عسكري" بين تركيا وقطر، يتيح تبادل خبرات التدريب العملياتي، وتطوير الصناعات العسكرية، مع إمكانية تبادل نشر قوات مشتركة بين البلدين إذا اقتضت الحاجة.

وفي 24 أغسطس / آب الماضي تم التوقيع على اتفاقية توأمة بين بلديتي الدوحة وأنقرة وذلك في إطار تعزيز أواصر التعاون والإخاء بين دولة قطر والجمهورية التركية.

وجاء اتفاقية التوأمة بعد يوم من توقيع تركيا وقطر عقد مشروع إنشاء خط الخور السريع ( شمال شرق) بتكلفة تبلغ 7 مليارات و600 مليون ريال قطري ( نحو مليارين و80 مليون دولار).

وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر مليار و300 مليون دولار في العام الماضي، في ظل توقعات بتصاعد هذا الحجم، في ظل التعاون المتنامي بين البلدين.

ويبلغ حجم استثمارات الشركات التركية العاملة في قطر نحو 11.6 مليار دولار تركيا ، فيما تعد تركيا وجهة اقتصادية مهمة لدولة قطر، حيث تحتل الاستثمارات القطرية في تركيا المرتبة الثانية من حيث حجمها حيث تبلغ نحو 20 مليار دولار، وتتركز تلك الاستثمارات في قطاعات الزراعة والسياحة والعقار والبنوك.

سياسيا، تشهد العلاقات التركية القطرية "تجانسًا وتناغمًا" في رؤية القضايا الإقليمية، وهناك توافق في الرؤى حيال العديد من الأزمات والقضايا، التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن، مثل ثورات "الربيع العربي"، والأزمات في سوريا، وليبيا، واليمن، والوضع بالعراق. 

تركيا والبحرين.. 5 اتفاقيات ومنتدى اقتصادي 

العلاقات التركية البحرينية بدورها شهدت تنامياً ملحوظاً على مختلف الأصعدة خلال الفترة الأخيرة.

وقام عاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بزيارة إلى تركيا، خلال الفترة من 25 إلى 28 أغسطس/آب الماضي، وهي الأولى من نوعها لزعيم عربي منذ الانقلاب الفاشل في منتصف يوليو/تموز الماضي.

وعقد العاهل البحريني خلال الزيارة محادثات رسمية مع أردوغان، تم خلالها التوقيع على 5 اتفاقيات وبروتوكولات تعاون، كما شارك في افتتاح "جسر السلطان ياووز سليم"، الذي يربط شطري مدينة إسطنبول الأسيوي والأوروبي، بحضور رسمي يتقدّمه الرئيس التركي.

وتعد تركيا من أهم الوجهات السياحية المفضلة للمواطنين البحرينيين الذين ارتفعت أعدادهم من 491 سائحا إلى تركيا عام 2000 إلى أكثـر من 32.4 آلاف سائح بحريني عام 2015.

وحسب آخر الإحصائيات الرسمية، التي نقلتها وكالة الأنباء البحرينية، يصل حجم التبادل التجاري بين المنامة وأنقرة إلى حوالي 400 مليون دولار، وتتركز صادرات البحرين إلى تركيا في الصناعات التحويلية والألمونيوم الخام، فيما تتركز واردات المملكة من تركيا على المنتجات الاستهلاكية كالأغذية والمشروبات والسجائر والألبسة والمنسوجات والإكسسوارات وغيرها.

ومن المقرر أن تستضيف البحرين منتدى الأعمال الخليجي التركي الثاني، الذي ينظمه اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة البحرين والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية واتحاد الغرف والسلع التركية، يومي 1 و2 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

ويهدف المنتدى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين تركيا ودول المجلس وزيادة حجم التبادل التجاري، إلى جانب تسويق الفرص الاستثمارية والتجارية المتوافرة في الجانبين، وتعزيز قنوات التواصل بين الخليجيين ونظرائهم الأتراك. 

تركيا والكويت.. لقاء وتعاون متواصل 

العلاقات بين تركيا والكويت واصلت سيرها في طريق التطور، لاسيما بعد الزيارة التي قام بها أردوغان، في 28 أبريل/ نيسان 2015، وأجرى خلالها مباحثات مع أمير الكويت، تركزت حول تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

وعززت أهداف تلك القمة بلقاء أمير الكويت مع الرئيس التركي في مدينة إسطنبول في 14 إبريل/ نيسان الماضي، وذلك على هامش قمة التعاون الإسلامي.

ودفعا لأهداف قمة 2015 ولقاء 2016، قام لطفي ألوان وزير التنمية التركي ، بزيارة الكويت سبتمبر/ أيلول الماضي، أوضح خلالها أن حجم التبادل التجاري السنوي بين تركيا والكويت بلغ 700 مليون دولار، معربًا عن تعزيز علاقات البلدين في هذا الخصوص 
وبيّن ألوان خلال الزيارة أن استثمارات رجال الأعمال الكويتيين في تركيا بلغت قرابة ملياري دولار، وأن شركات المقاولات التركية قامت لغاية الآن بإنجاز أعمال في الكويت بلغت قيمتها 6.3 مليارات دولار.

وأعرب عن شكره لحكومة الكويت لحصول شركة "ليماك" التركية على صفقة إنشاء مشروع مبنى جديد لمطار الكويت الدولي.

ونجحت "ليماك" التركية، بالفوز بمناقصة إنشاء وإنجاز وتأثيث وصيانة مبنى الركاب الجديد بمطار الكويت الدولي، نهاية فبراير/شباط الماضي، بقيمة إجمالية تبلغ 4.33 مليارات دولار.

وبين ألوان أنّ الكويت تعتزم خلال الأعوام الخمسة القادمة إنشاء مشاريع ضخمة بقيمة 150 مليار دولار أمريكي. 

الإمارات وتركيا.. عودة السفير ونمو الاستثمارات 

شهدت العلاقات مع الإمارات أيضا تطورات إيجابية بإعادة أبو ظبي سفيرها لتركيا، في يونيو/ حزيران الماضي، وذلك بعد فترة فتور في العلاقة بين البلدين.

وقدم السفير الإماراتي لدى أنقرة "خليفة شاهين المرر"، في 14 يونيو/ حزيران الماضي، أوراق اعتماده للرئيس التركي.

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أوضح خلال زيارته للإمارات العربية المتحدة شهر نيسان/ أبريل الماضي، أن السفير الإماراتي سيعاود عمله مجدداً بالعاصمة أنقرة.

وكانت العلاقات الدبلوماسية التركية الإماراتية شهدت فتورًا على خلفية اختلاف في وجهات النظر بخصوص عدد من الملفات أبرزها إطاحة الجيش المصري بمحمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطياً في يوليو/ تموز 2013

على الصعيد الاقتصادي، ما تزال الشركات الإماراتية تراهن على السوق التركية.

وفي أغسطس/ آب الماضي، أعلنت إعمار العقارية الإماراتية (الشركة شبه الحكومية المشيدة لبرج خليفة أعلى مبنى في العالم) عن الافتتاح المبدئي لمتنزه في مدينة أنطاليا السياحية على مساحة تصل إلى 639 ألف متر مربع، تبلغ قيمته مليار دولار، بالتعاون مع مجموعة فنادق "ريكسوس" العالمية.

وتخطط شركة إعمار مولز الإماراتية، لافتتاح مركز تجاري في تركيا مع نهاية العام الحالي، بحسب تصريحات سابقة لرجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، الذي يرأس مجلس إدارة الشركة.

وتستثمر "مجموعة أبراج كابيتال" الإماراتية، التي تدير أصولاً قيمتها 9 مليارات دولار وتمتلك مكتباً في اسطنبول، نحو 900 مليون دولار منذ عام 2007 في السوق التركية، وفقا لبيان سابق للمجموعة. 

وقال سيلوجك يورجانسي أوغلو، رئيس قسم تركيا ووسط اَسيا في مجموعة أبراج الإماراتية للاستثمار المباشر، إن المجموعة بصدد إبرام 5 صفقات استحواذ في تركيا للعامين المقبلين للاستفادة من الاستهلاك المحلي المتزايد، مثل السلع الاستهلاكية والخدمات، والرعاية الصحية، والخدمات المالية واللوجستية وتجارة التجزئة. 

وافتتحت شركة موانيء دبي العالمية (حكومية) في مايو/أيار الماضي رسمياً، محطة "موانيء دبي العالمية- ياريمشا" التي تعد واحدة من أكبر المحطات البحرية في تركيا.

تركيا والخليج.. استثمارات رغم أنف الانقلاب الفاشل 

وإجمالا ارتفعت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي بتركيا، دون أن تتأثر بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو/ تموز الماضي.

وفي هذا الصدد قال ممثل وكالة دعم وتشجيع الاستثمار التركية في السعودية ومنطقة الخليج مصطفى كركصور، في تصريح سابق للأناضول في نهاية يوليو/ تموز الماضي، إن دول الخليج تستثمر 15 مليار دولار في تركيا.

وبين أن عدد السياح في تركيا من دول الخليج يبلغ 750 ألف سائح سنويا، منهم 500 ألف سائح من السعودية.

وأكد المسؤول بالوكالة التابعة لمجلس الوزراء التركي مباشرة، على أن الحكومة التركية تضمن حقوق المستثمرين السعوديين والخليجيين وجميع المستثمرين في بلادها، كما تضمن حقوق المواطنين الأتراك تماماً.

وذكر أن قوانين الاستثمار لم تتغير قبل أو بعد محاولة الانقلاب التي أفشلها الشعب التركي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!