عبد القادر سلفي - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

بدأت المرحلة الثانية من عملية الموصل. إذ توجه الضربات للنقاط التي أنشأتها داعش حول مدينة الموصل، يمكن القول إن "عملية الموصل الكبرى" وإن لم تبدأ بعد إلا أن لحظة انطلاقها قريبة جدا ولهذا السبب تم تقديم موعد اجتماع رؤساء الأركان للدولة المشاركة في العملية. الأورجنرال خلوصي أكار رئيس هيئة الأركان التركي والذي شارك في الاجتماعات المنعقدة بهذا الخصوص في الولايات المتحدة الأمريكية قد حقق العديد من التفاهمات المهمة. وحسب ما ورد من معلومات فإن التوصيات التركية قد أخذت على محمل الجد وتم قبول مشاركة البشمركة وعناصر قوات نينوى  في عملية الموصل الكبرى. إذ إن من المفترض مشاركة نصف عناصر قوات نينوى والبالغ عددهم ثلاثة آلاف مقاتل في عملية الموصل حيث ستلعب هذه القوات دورا في العمليات التي ستستهدف دخول المدينة، فيما سيتم الاحتفاظ بالنصف الثاني من قوات نينوى كعناصر احتياط على أهبة الاستعداد.

بشكل مشابه ستشارك نصف قوات البشمركة في العمليات فيما سيقف النصف الآخر على سدة الاحتياط يتم تقييمها واستخدامها حسب معطيات المعارك وسير العملية. تركيا كذلك قدمت اعتراضها على فكرة "لتشارك قوات غير شيعية في العملية من الخارج لكن دون دخول المدينة". وبهذا الشكل تكون قد خفضت من احتمالية ارتكاب مجازر شيعية بين أبناء المدينة العرب السنة.

تحمل عملية الموصل لتركيا من الأهمية بقدر ما تحمله للعراق إذ إنها: مسألة أمن قومي ومسألة تأمين الحدود.

فما الذي يمكن أن تفعله تركيا فيما لو وقف مئات الألوف من النازحين على حدودها؟ وكيف لتركيا أن تواجه مثل هذه الأزمة؟ كيف لتركيا أن تفرق بين القادمين من اللاجئين وتميز الإرهابي من غيره؟ ما الذي يمكن أن يحدث لو ارتكبت داعش الجنون وفجرت سد الموصل؟

إنهم قادمون من على بعد مئات ألوف الكيلومترات

إنهم قادمون من الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وإنجلترا من على بعد مئات ألوف الكيلومترات، فلماذا نحن الذين على الأعتاب والذين تحدث العملية على حدودهم يجب علينا أن لا نتدخل؟

فمن جهة قضية المشاركة وشرف المشاركة ومن جهة قضية التركمان تدفع تركيا للتدخل، فمن الذي سيقف في وجه القوات الشيعية فيما لو حاولت التوجه إلى تلعفر والقيام بمذابح بين التركمان هناك؟ إن مخيم بعشيقة هو ورقة تأمين للتركمان في المنطقة كذلك.

هناك كذلك نقطة مهمة تاتي على رأس قائمة الاعتراضات التي سجلتها تركيا بخصوص عملية الموصل، إنها الاعتراض الشديد على أي مشاركة لقوات حزب العمال الكردستاني في العملية، هذه الاعتراضات التي ستستمر كذلك ستحول دون أي مشاركة لحزب العمال الكردستاني في العملية لا بشكل مباشر ولا تحت أي مسميات أخرى، وسوف نستمر في متابعة مشاركة الحزب في العملية او أي محاولة للمشاركة.

المشاركة في عملية الموصل تحمل أهدافًا على صعيد حزب العمال الكردستاني كذلك. فكما أن العمليات ضد داعش في سوريا لمّعت نجم حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، هناك جهود حثيثة وتحفيزات لاستغلال عملية الموصل لتلميع نجم حزب العمال الكردستاني. وضع الحزب في تركيا صعب ويزداد صعوبة إذ إنه وفي آخر العمليات الموجهة ضده أضاع الطريق، فعناصر الحزب المدربة على قتال الجبال والتي تطلق على نفسها "عمال الجبل – ثوار الجبل" قد بدأت تضيع الطرق وتفقد السبل. مراد كارايلان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كان قد وجه تعليماته عبر أجهزة اللاسلكي "حافظوا على قوة ثوار الجبل واجعلوا الشباب في المقدمة". مما أدى إلى نقاشات داخلية في الحزب حول توجيه الدعوة "إلى موت الشباب وتقديمهم قرابين في سبيل المحافظة على قوة ثوار الجبل".

الولايات المتحدة الأمريكية تحفز حزب العمال الكردستاني

الولايات المتحدة الأمريكية بدورها تقدم رسائل تحفيزية لحزب العمال الكردستاني الذي حظي بخيبة الأمل لعدم مشاركته في عملية الموصل وتقول له "لا تتفرقوا. أنتم على قدر من الأهمية واللزوم" وتقدم للحزب بجانب هذا التحفيز كذلك القوة والمدد. والحزب بدوره يسعى إلى الحصول على التحفيز من عملية الموصل هذه كما تلقى الدعم والتحفيز سابقا إثر عملية روجوفا في سوريا. ويمكن ملاحظة زيادة الزيارات الأمريكية لجبل قنديل مقر الحزب الإرهابي. هذا الأمر الذي دعا رئيس الجمهورية رجب أردوغان إلى أن يوجه تساؤلًا للولايات المتحدة قائلا: "هل حليفتكم في حلف الناتو وحدات حماية الشعب أم تركيا؟".

ما الذي عناه الرئيس التركي أردوغان عندما قال "إذا لم تقبل القوات المشاركة في العملية فإن تركيا سوف تلجأ إلى الخطة ب وإذا لم تنجح الخطة ب فإن الخطة ج جاهزة"؟ ما هي الخطة ب وما هي الخطة ج عند تركيا؟ قد يتبادر إلى الأذهان أن الخطة ب هي إغلاق قاعدة إنجيرليك الجوية في وجه قوات الحلف المشاركة في عملية الموصل لكنها ليست كذلك.

الخطة ب و ج جاهزة للاستدعاء

ما زالت المحادثات مستمرة وباب التفاوض لم يغلق بعد لذلك لن أدخل في التفاصيل لكن الخطة ب قائمة على مشاركة تركيا من خلال دولة البرزاني وقوات البشمركة. قد تكون أربيل لا تتمتع بالمركزية التي تتمتع بها بغداد لكن برزاني يلعب دورًا مهمًا في عملية الموصل هذه. أما ما هي الخطة ج؟ فأقول إنها متوقفة على دعوة العرب السنة في الموصل. ففي مخيم بعشيقة تم تدريب "قوات الموصل". وقد منحت هذه القوات التابعة للنجيفي والي الموصل الأسبق اسم قوات نينوى. الخطة التركية ج قائمة على دعوة هذه القوات المحلية في الموصل تركيا للمساعدة. هناك احتمال كبير جدا بأن تسير الأمور وفق الخطة (أ) لكن لا بد دائما من خطة ب و ج.

عن الكاتب

عبد القادر سلفي

كاتب في صحيفة حرييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس