محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

مهما حاول الإنسان أن يقدم الأدلة والبراهين على براءته ونزاهته ووطنيته وإخلاصه متضمنا شهادة الشاهدين له بذلك فإنها لن تكون مطلقا دليلا يوازي الدليل القطعي الذي يشهد به خصومه له بهذه البراءة والنزاهة، وهذا ينطبق على أثيل النجيفي في وقت إصدار المحكمة العراقية لأمر إلقاء القبض عليه في الوقت الذي يتواجد مع مقاتليه في ساحات المعركة لتحرير مدينته.

النواب الثلاثة والذين يطلق عليهم (سنة المالكي) بين أبناء الشعب العراقي من السنة والذين قاموا بتقديم الشكوى ضد أثيل النجيفي قضائيا لم يكونوا مدركين توقيت القضاء العراقي لإصدار أمر إلقاء القبض على النجيفي، لأن إصدار القضاء للقرار بهذه الأيام الحرجة وغير المناسبة هي عبارة عن فخ نصب لهم قبل أن ينصب الفخ للنجيفي وهذا القرار وتوقيته غير المعقول قد أسدل الستار عن دورهم في الحياة السياسية وربما أكثر من ذلك لهولاء النواب الثلاثة بعد أن أصبحوا بنظر أسيادهم أوراق محروقة لا تفيدهم في شي بعد الآن، وفي الوقت نفسه صنع هولاء من أثيل النجيفي بطلا قوميا بدون تكلف دعائي من قبله.

منذ سقوط الموصل سخر هولاء أنفسهم كمدافعين عن المالكي وكذلك عن قادته العسكريين الذين هربوا دون مقاومة تذكر من الموصل ومعهم ألوف مؤلفة من العسكر بعدما تركوا أسلحتهم ومعداتهم كغنائم لداعش بعد نزعهم لرتبهم وزيهم العسكري، وبدلا من أن يحاسبوا ويتهموا هولاء تم توجيههم إلى محاسبة النجيفي بشتى أنواع التهم الباطلة وهم يعلمون جيدا أن الحكومة المركزية تعمدت تجريده من صلاحياته عنوة ومنعته من التدخل في الشؤون الأمنية رغم أن صلاحيته الدستورية تخوله ذلك كرئيس للجنة الأمنية في المحافظة.

أدرك القاصي والداني أن الأوضاع في الموصل تتجه نحو المجهول قبل سقوطها وأدركوا أيضا بعد سقوطها أنها تتجه نحو تغيير ديموغرافي حقيقي استنادًا إلى الوقائع والأحداث ومن أهمها إقالة النجيفي بعد تشكيله للحشد الوطني من أجل تحرير الموصل الذي أعقبته إقالة وزير الدفاع وهو من أهالي الموصل أيضا أثناء المباشرة بالتخطيط لمعركة الموصل.

في هذه الأثناء تعالت الأصوات حول الوجود التركي في منطقة بعشيقة وتمت مناقشة هذه القضية تحت قبة البرلمان العراقي وبضغط من نواب التحالف الشيعي وتمت إدانة الوجود العسكري التركي وكأن القوات التركية قد دخلت الأراضي العراقية عنوة دون طلب من الحكومة المركزية، وقد أظهرت القنوات الفضائية التي أعادت المؤتمر الصحفي للمالكي مع أردوغان وكذلك بين العبادي وأحمد داود أوغلو بما لا يقبل الشك أن وجود هولاء العساكر كان بطلب من بغداد تحديدا في وقت كانت فيه مدينة بغداد تتهيأ للدفاع عن حدودها الشمالية والغربية.

في أثناء مطالبة الحكومة العراقية بخروج القوات التركية صرح الرئيس التركي أردوغان بأن قواته لم تدخل العراق إلا بطلب من الحكومة المركزية وأوعز إلى الجهات المختصة لكشفه هذه الحقيقة خلال أيام، وقبل الكشف عن الأدلة من قبل تركيا استقبلت وزارة الخارجية العراقية بعض المسؤولين الأتراك، وعلى أثر تلك اللقاءات خفّت الأصوات وأخذت منحى آخر تارة بمزاعم أنه لم يكن طلبا رسميا موثقا وتارة أخرى بأنهم طلبوا تدريب القوات العراقية والبيشمركة وفصائل الحشد الوطني على أن يتم كل ذلك في معسكرات الأراضي التركية ولكنهم تناسوا مرة أخرى السلاح والعتاد المقدم من قبل الحكومة التركية إلى هذه القوات.

ويبدو أن الحكومة التركية ومن خلال الوفد الزائر إلى بغداد أبلغت الجانب العراقي بسعي أنقرة إلى كشف محاضر الجلسات والاجتماعات للرأي العام والذي جرى بين المالكي والرئيس التركي في السابق وبين العبادي وداود أوغلو بعد سقوط الموصل وهذا ما يؤثر بطبيعة الحال ما لم يرغبه الجانب العراقي لسبب ما ولذلك تغيرت حدة ولهجة أركان الحكومة العراقية.

لكن الأمر المؤكد ما صرح به مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية طلب عدم ذكر اسمه من أن القوات التركية دخلت الأراضي العراقية بطلب من الحكومة العراقية.

إن قرار إلقاء القبض على النجيفي جاءت مرة أخرى في سبيل رفع الاتهام عن الأوساط العراقية الحاكمة والحكومة المركزية وحزب الدعوة تحديدا وبنفس الوقت إلقاء المسؤولية ضد النجيفي وبصورة غير مباشرة ضد رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني والذي يقف في مواجهة الأطماع الإيرانية ولهذا  السبب فإن كل الاطراف المتحالفة مع إيران سواء أحزاب عراقية أو كردية تحاول النيل من مركزه، والتهمة الموجهة ضد أثيل النجيفي تصيبه بصورة غير مباشرة وبصورة غير معلنة.

وفي أول تصريح لأثيل النجيفي لقرار إصدار أمر إلقاء القبض أكد بأن قوات الحشد الوطني موجودون في ميدان المعركة إلى جانب الجيش العراقي وهم القوة الوحيدة من أهل الموصل في إشارة إلى أن قوات الحشد الوطني والتي بزعامته تملك خصوصية التدخل داخل المدينة للحفاظ على استقرارها وأمنها وكما تم الاتفاق عليه سابقا دون السماح للحشد الشعبي من الدخول للمدينة، وبهذا التصريح يقطع الطريق أمام الجهات التي تخطط لتغيير ديموغرافية المنطقة والتي تسعى إلى إقامة خط واصل من بغداد وقبله من إيران وصولا إلى الأراضي السورية فالبحر المتوسط فبعد أن كانت إيران تسيطر على عواصم أربع دول عربية وعلى حد زعم تصريح المسؤول في الحرس الثوري الإيراني تسعى إلى السيطرة على الطريق الواصل من طهران حتى البحر المتوسط غربا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس