جلال سلمي - خاص ترك برس

حل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر في 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 ضيفًا على العاصمة التركية أنقرة، في زيارة تشاورية يناقش من خلالها إمكانيات التحرك المشترك فيما يتعلق بالأزمتين السورية والعراقية.

وتأتي زيارة كارتر لتركيا في إطار الزيارة الرسمية التي تستمر إلى السابع والعشرين من تشرين الأول وتشمل إلى جانب تركيا الإمارات العربية المتحدة وفرنسا وبلجيكا.

التقى كارتر أثناء زيارته كلًا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم ووزير الدفاع التركي فكري إيشيق، حيث تمت مناقشة القضايا الإقليمية وخاصة مسألة معركة تحرير الموصل وتطورات عملية درع الفرات.

ومن جهته، صرح إيشيق بأن وزير الدفاع الأمريكي قبل بالجيش الحر كقوة فاعلة ضد داعش، موضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب في تحريك ملف التوجه إلى الرقة بأسرع وقت ممكن.

وأشاد إيشيق بالتصريحات الأمريكية التي أعطت لتركيا وعدًا بالضغط على قوات الحماية الشعبية للانسحاب إلى شرق الفرات، مشيرًا إلى أن تركيا تنتظر إلى الآن تنفيذ الأمر ميدانيًا، مع تأكيدها للإدارة الأمريكية أنه لا يمكن الثقة بوعود المنظمات الإرهابية ولا يمكن معرفة ما ستفعله هذه المنظمات في المستقبل.

وأوضحت القناة أن كارتر أكد، أثناء زيارته للبرلمان التركي، قال إن لتركيا الحق في المشاركة بعملية تحرير الموصل، مشيرًا إلى أن أمريكا تتفهم الاهتمام التركي العالي فيما يتعلق بسوريا والعراق وتعتبره أمرًا معقولًا.

وأردف كارتر أن الاختلاف بين أمريكا وتركيا هو اختلاف على مستوى الآراء والأساليب، أما فيما يتعلق بالمبادئ الاستراتيجية فهناك توافق عالٍ بين الدولتين، لا سيما في مبادئ محاربة كافة أنواع الإرهاب، منوّهًا إلى أن أمريكا تدعم محاولات تركيا لتأمين حدودها.

وثمن كارتر الدور التركي في تحرير منطقة دابق وما بعدها، معبرًا على آماله في إيجاد سبيل مشترك لإجراء عملية تحرير الرقة.

وفي هذا الصدد، نقل الموقع الإلكتروني لقناة فرانس 24 أن كارتر دعا العراق إلى تفهم حساسية تركيا تجاه الموصل كونها جارة لها، موضحًا أن الفترة الحالية لا تستحمل المشادات الكلامية، بل يجب توحيد الجهود للقضاء على الخطر الإرهابي الكبير الذي تشكله "داعش" على المنطقة.

وقد تمخضت زيارة كارتر لتركيا ومن ثم العراق وتصريحاته عن تحول موقف بغداد إلى منحى أكثر إيجابية حيال مطلب أنقرة الانخراط في عملية تحرير الموصل، حيث صرح رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" بأن بغداد تثمن موقف تركيا حيال الموصل، موضحًا أن بغداد ستطلب المساعدة من تركيا ودول الجوار إذا احتاجت لها.

وفي لقاء له مع ترك برس، رأى الباحث العراقي في العلاقات الدولية "علي عيدان الجبوري" أن الزيارة قد تفضي إلى مشاركة محدودة لتركيا في عملية تحرير الموصل، مبينًا أن محاولات إعادة بناء الثقة بين أنقرة وبغداد بدأت تظهر للسطح، وهذا ينذر باحتمالية تقريب وجهات نظر البلدين لتبديد المخاوف التركية من حصول تغيير ديموغرافي في الموصل.

وأضاف عيدان أن مشاركة تركيا ستتركز بشكل أساسي على استهداف قوات حزب العمال الكردستاني وخصوصًا في منطقة سنجار، يرافق ذلك رفض معلن للحكومة العراقية بتواجد هذه القوات على أراضيها، فكما أن تركيا بحاجة إلى العراق كممر اقتصادي وثقافي نحو العرب، تحتاج العراق تركيا كحليف تاريخي ومستورد أساسي للنفط الذي قد يتم نقله عبرها إلى أوروبا.

وفي سياق متصل، قال الباحث في الشؤون التركية الروسية "د. باسل الحاج جاسم" إنه بات من المؤكد أن تركيا سيكون لها دور جزئي في عملية استعادة الموصل، وهذا ما بدا واضحًا من تصريحات وزير الدفاع الأمريكي، موضحًا أن تركيا تعلم أن كلفة التدخل مهما بلغت لن تكون أكثر من تكلفة عدم التدخل.

وصرح جاسم لترك برس بأن المشاركة التركية ليس بالضرورة أن تأتي في إطار عسكري، فهناك طرق وأساليب عدة يمكن المشاركة عبرها ولا سيما في مرحلة ما بعد داعش، حيث تتوجس تركيا من تحويل المدينة إلى بؤرة للحروب المذهبية والقومية.

وعلى النقيض من هذه الآراء، رأى الكاتب والإعلامي "يحيي شمس الدين"، من مدينة كركوك العراقية، أن كارتر يريد من خلال هذه الزيارة كسب الوقت، فبينما العمليات العسكرية مستمرة وتحشيد الحشد الشعبي متنامي وبناء حزب العمال الكردستاني لقواعده في العراق متواصل ما زال كارتر يصرح بحق تركيا بالمشاركة، متسائلًا: أي مشاركة التي تحظى بها تركيا "المترددة" في إطار الافتقار للتناغم بين التحرك الميداني والنشاط الدبلوماسي؟

وأوضح شمس الدين أن معظم الجهات الفاعلة في الموصل تعارض مشاركة تركيا، وإن كانت تشعر بضرورة التدخل فعليها تنشيط تحركها الدبلوماسي مع مواكبتها بتحرك عسكري جوي يحرز تغيير قادر على تشكيل ورقة ضغط على القوى الفاعلة هناك.

يذكر أن أنقرة ترغب بالمشاركة في عملية تحرير الموصل تخوفًا من حدوث تغير في التركيبة المذهبية والعرقية في المدينة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!