صلاح الدين تشاكرغيل - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

ماذا كان يُنتظر من القارة التي خرجت منهكة بعد الحرب العالمية الثانية؟ لكن موضوع الاتحاد الأوروبي كان على جدول الأعمال.

في صيف عام 1991، تمزق الاتحاد السوفييتي، وجاء الدور على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن زعيمة حلف الناتو، الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن لديها النية لذلك، واعتقد الأوروبيون أنّ بإمكانهم حل مشاكلهم بأنفسهم دون الحاجة إلى أمريكا خصوصا بعد زوال خطر نشوب حرب عالمية.

وقد قال "ميتيران" رئيس فرنسا الأسبق، في اجتماع زعماء الناتو في نابولي عام 1992، قال: "حان موعد انسحاب القوات الأمريكية من أوروبا"، وجاء بعد يومين من ذلك تصريح بوش الأب بقوله "لن نبقى في منطقة غير مرغوب تواجدنا فيها"، ليعطي الأمل للأوروبيين، لكنه سرعان ما تراجع عن ذلك وسحب كلامه، ليرجع ويقول "نحن من أنقذنا أوروبا في الحرب، ونحن من أسسنا أوروبا والاتحاد الأوروبي، ولا يوجد لدينا نية للخروج من هناك"، وحينها أدرك زعماء أوروبا بضرورة الخنوع والقبول بذلك.

كما ذكر البابا "يوحنا بولس الثاني" بأنّ "إضعاف الولايات المتحدة الأمريكية يعني اضعاف المسيحية".

**

وهنا كان يجب على أمريكا أنْ تُظهر لأوروبا بأنها لا تملك من القوة ما يكفيها لحل مشاكلها بنفسها، وقد توقفت الحرب التي نشبت بين كرواتيا وسلوفينيا وصربيا خلال أشهر، بينما لم تتردد أمريكا في استخدام حرب البوسنة من أجل إظهار ضعف أوروبا وعجزها عن حل مثل هذه القضية. ولذلك بقيت الحرب مُستعرة حتى قررت أمريكا إنهاء تلك الفاجعة من خلال اتفاقية ومعاهدة دايتون.

وحينها أدرك الأوروبيون بأنهم لا يزالون تحت الوصاية الأمريكية، وأنّ عليهم الرجوع إليها حتى في تعاملهم مع مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي من عدمه.

**

اعتادت الدول الأوروبية على أنْ تنظر إلى تركيا على أنها عنصر أجنبي عليها، وكانت تربطهم مع تركيا علاقات في إطار المصالح الاقتصادية فقط، لكن أمريكا بوصايتها على الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، كانت ترى بأنّ تركيا تمثل الجيش الحامي لأوروبا ولحلف الناتو.

ووصلنا إلى أيامنا هذه، التي يقود فيها تركيا زعيمٌ أثبت لكل الدول بأنّ تركيا لن تكون كما كانت في الماضي، ولن تكون جيشا حاميا لحلف الناتو، وثبت أيضا بأنّ أوروبا ضعيفة للغاية عسكريا، وتشبه حشرة عجوز، وتشبه الصوص في وضعها السياسي، برغم انها قوية اقتصاديا.

**

ولهذا وصل الاتحاد الأوروبي مجددا إلى عتبة التفكك، وذلك بعد الاستفتاء الذي أجرته بريطانيا وانسحابها بناء عليه من الاتحاد الأوروبي. كما أنّ إيطاليا ستتوجه إلى الاستفتاء يوم 4 ديسمبر/كانون الثاني للتصويت بنعم أو لا على موضوع الانسحاب والانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وربما يتبعها في ذلك اسبانيا والبرتغال.

كما أننا نجهل تماما ما سيقدمه الملياردير دونالد ترامب للعالم خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك ربما نكون "وصلنا إلى نهاية التاريخ" حسب منطق الأوروبيين والغرب.

ولو نظرنا الى المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية، لوجدنا صعود اليمين، وبالتالي أيا كان من سيفوز في تلك الانتخابات التي ستجري في ربيع 2017، فإنّ المحصلة ستكون وصول شخصية مماثلة لترامب لرئاسة الجمهورية الفرنسية.

أما ألمانيا وميركل التي قالت "مهما كان الوضع علينا أنْ نبقى أعضاء في الاتحاد الأوروبي"، فإنّ خروجها من الاتحاد الأوروبي لن يكون نهاية العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس