الأناضول

مع بدء عملية إجلاء أهالي حلب الشرقية بعد أشهر طويلة من حصار قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها، ورغم ظروف محنة اللجوء والابتعاد عن الوطن، يتمسك أهالي المدينة القاطنين في إسطنبول، ببصيص أمل، بالحصول على أخبار تطمئنهم عن ذويهم وأحبائهم، مع انقطاع أخبارهم مؤخرا.

ظروف مختلفة دفعت عوائل سورية إلى اللجوء لتركيا، ومحاولة بدء حياة جديدة فيها، إلا أن ما يجمعها هو مراقبة التطورات التي تحصل في بلادهم، آملين بالعودة إليها بأقرب وقت، في حين أن أنظارهم تركزت مؤخرا على مدينة حلب، وأنباء الانتهاكات التي مارستها قوات النظام وميليشياته، في الأحياء الشرقية التي سيطرت عليها مؤخرا.

وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار، وبدء خروج مسلحي المعارضة والمدنيين من بقية الأحياء المحاصرة في حلب، أمس الخميس، لا يزال مصير آلاف العوائل مجهولا، مع تأكيد أممي بحصول انتهاكات وعمليات إعدام طالت مدنيين من بينهم نساء وأطفال خلال الأيام الماضية فضلا عن اعتقال عشرات النازحين إلى مناطق سيطرة النظام في المدينة مؤخراً.

في منزل العائلة المتواضع بحي غازي عثمان باشا بإسطنبول، قالت نورا جمعة (37 عاماً) من أهالي مدينة حلب، إنها قبل أسبوع فقدت الاتصال بأخويها في حي الفردوس، الذي سيطرت عليه قوات النظام مؤخراً بعد فقدان المعارضة السيطرة عليه.

متحدثة للأناضول، أضافت جمعة "قبل أسبوع وصلتني صور من أخويّ أن منزليهما تعرضا للقصف، وأنهما مع أفراد عائلتيهما خرجوا من منطقتهم دون أن يذكروا وجهتهم، وبعدها انقطع الاتصال بهم، ومنذ ذلك التاريخ لم نحصل على أي خبر عنهم، ونأمل من الله أن يفرّج عنهم قريبا".

وأشارت إلى أن حي الفردوس بات "ضمن المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام، حيث طلب الأخيرة من السكان الخروج منه، وسمعنا أن الأهالي نقلوا إلى مقرات إقامة مؤقتة، والرجال تم تجنيدهم للقتال إلى جانب تلك القوات".

وحول محاولة الاتصال بهم خلال الأيام الماضية، أكدت جمعة قائلة "كل يوم أحاول الاتصال بأخويّ أو أحد من أقاربي للاطمئنان عنهم، ولكن لم استطع التواصل معهم حتى اليوم، ولا أعرف أي معلومات عنهم، ولا أدري ماذا حل بهم في حلب".

 ولفتت إلى أنها "تخشى عليهم، خاصة أن لديهم أطفال، ولا تعلم مصيرهم جميعاً".

زوج نورا وهو صلاح الدين بركات(42 عاماً) الذي اقترنت به بعد وفاة زوجته الأولى عام 2011 للاعتناء بأطفاله الخمسة، وهي تمتلك طفل أيضاً من زوجها الأول، روى كيف نزح منذ بداية الأزمة في بلاده مع عائلته ضمن حلب 6 مرات، ولتراجع الظروف الأمنية والاقتصادية، انتقل إلى مدينة عفرين(شمال حلب)، وتعرف على زوجته الحالية، وبعد معاناتهم من النزوح قرروا القدوم إلى تركيا لما يعرفونه عن الأمان والحياة الكريمة فيها.

أما الشاب محمود معمو (30 عاماً) قال "لدي أقرباء في حلب وأصدقاء وأصحاب، نحصل على أخبارهم من فترة لأخرى، أوضاعهم سيئة، ونحن لا نستطيع فعل شيء".

وخلال زيارة لمنزله المتواضع في حي باغجلار بإسطنبول، أضاف معمو للأناضول، "كنا نتحدث معهم وصوت الطائرات والدبابات والقذائف تسمع، وكذلك أصوات بكاء وصراخ النساء والأطفال، فيما المرضى والجرحى لا يمكن علاجهم، ولا يمكن دفن الموتى، فنشعر بالعجر بأننا لا نستطيع فعل شيء".

واستدرك بالقول "بعد موجة النزوح الأخيرة ننتظر أي خبر عن أهالينا وذوينا في حلب بعد أن انقطع التواصل معهم بشكل شبه كامل خلال الأيام الماضية".

وأفاد أنه جاء إلى تركيا قبل أكثر من 3 سنوات عقب تعرضه لإصابة بيده داخل حلب، عندما كان يدافع ضمن قوات الجيش الحر عن بيته وأرضه، فأصيب بشظية قذيفة دبابة تابعة للنظام، وتنقل في عدة ولايات تركية قبل الاستقرار في إسطنبول، ويحدوه الأمل بالعودة إلى بلاده.

وفي زيارة لعائلة أخرى بباغجلار، روت مريم جعفر(39 عاما) أن "لديها أقارب في حلب، ووالدها قتل في شباط/ فبراير الماضي برصاص قناص تابع للنظام في المدينة، حيث خرج ليشتري الخبز، وفجأة حصل اشتباك فأصابه رصاص قناص وقتل".

وبينت للأناضول أن "الكل في داخل سوريا يشكو من ظروف الحرب، وسوء المعيشة، وارتفاع الأسعار، أما نحن في الخارج فنعاني من الاشتياق للأهل بعد التفرق، حيث أنه أسوأ ما في الحرب برأيي".

ولفتت أيضا إلى أن "لديها قلق بأن الحرب لن تنته قريبا في ظل التطورات في حلب".

مريم المطلقة ولديها 3 أولاد، استكملت حديثها بالقول "في بداية الأحداث قلّ العمل، وسجن زوجي أسبوعين وقتها (تطلقت لاحقا)، خرج بعدها، وانتقلوا إلى قرية من قرى عفرين، ولم يكن هناك عمل ومردود مالي، فاضطروا إلى اللجوء إلى تركيا حيث يحاولون بداية حياة جديدة".

وختمت بالقول "نتلقف أي خبر عن أهالينا في حلب، ونحلم بأن يصلوا إلى منطقة آمنة ونستطيع التواصل معهم والإنسان عندما يكون منقطعاً عن أهله وأحبابه فهو كالشجرة التي تقتلع من جذورها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!