ترك برس

أشار كاتب بصحيفة واشنطن بوست إلى أن الأميركيين المعنيين بالسياسة الخارجية لبلادهم وقفوا مذعورين الثلاثاء الماضي وهم يرون كبار المسؤولين الأتراك يجلسون جنبا إلى جنب على طاولة المفاوضات مع قادة روس وإيرانيين في موسكو لبحث الأزمة السورية وإيجاد مخرج جديد لها.

وقال الكاتب جوش روغن، في مقال له بالصحيفة، إن الأتراك أدركوا أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما غير راغبة في التعامل مع الأزمة السورية، ولذا فإن تركيا ستتعامل مع روسيا بهذا الشأن ريثما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب زمام الأمور في بلاده.

وبحسب "الجزيرة نت"، أوضح روغن أن المشهد لم يكن يمثل نقطة تحول في الأزمة السورية فحسب، بل كان يمثل عرضا مذهلا لتحول أحد أبرز أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) ممثلا في تركيا نحو المعسكر الروسي وبعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب برمته.

وأضاف أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسير بخطى ثابتة لمواءمة السياسة الخارجية لبلاده مع السياسة الخارجية الروسية بعيدا عن الولايات المتحدة، من بينها أن حزب العدالة والتنمية وصل إلى السلطة على أساس العداء للغرب.

وأشار روغن إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواجه أيضا ضغوطا داخلية تدعوه للوقوف في وجه الولايات المتحدة، وأن محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة التي تعرضت لها بلاده أضعفت موقفه بشكل عام.

وأضاف الكاتب "لكن السبب الأهم في التحول التركي إلى روسيا يتمثل في فشل سياسات الرئيس أوباما تجاه الشرق الأوسط، خاصة إزاء الحرب الكارثية التي تعصف بسوريا، وأن تفاقم هذه الظروف مجتمعة مهد الطريق أمام التطورات الأخيرة".

وأشار الكاتب إلى أن حادثة اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف الاثنين الماضي سارعت في توطيد العلاقات التركية الروسية بدلا من أن تتسبب في دق إسفين بين البلدين.

ونسب إلى العضو السابق في البرلمان التركي أيكان إرديمير القول إن الولايات المتحدة لم تعد تعني الكثير بالنسبة إلى أردوغان، لأن المطلوب بما يهم الشرق الأوسط هو الأفعال وليست الأقوال، والولايات المتحدة كانت تتحدث أكثر مما تفعل.

وأشار الكاتب إلى أن اجتماع المسؤولين الأتراك في موسكو جاء في أعقاب فشل الجهود الدبلوماسية الأخيرة التي كان يقودها وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن وقف إطلاق النار في سوريا.

وأضاف الكاتب أن لافروف أعلن الثلاثاء الماضي عن فشل الجهود الروسية الأميركية السابقة، وأن المفاوضات الجديدة بشأن الأزمة السورية ستكون بقيادة روسيا، وستكون موسكو مركز الثقل فيها، وأن الترويكا المؤلفة من روسيا وتركيا وإيران أظهرت مدى الكفاءة في هذا السياق، وذلك من خلال الإجراءات العملية على الأرض.

وأشار إلى أن لافروف أعلن أيضا عن فشل المجموعة الدولية لدعم سوريا في تطبيق أي من مبادراتها، وأنه أنحى باللائمة على الولايات المتحدة بشأن فشل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا الذي أبرمه مع نظيره جون كيري في سبتمبر/أيلول الماضي.

وأضاف الكاتب أن تركيا حاولت مرارا العمل مع إدارة أوباما بشأن الأزمة السورية، ولكن أميركا كانت ترفض الطلب التركي المرة تلو الأخرى، وأشار إلى فشل محاولات متكررة من قبل مسؤولين أميركيين لعقد اتفاقات مع تركيا للقتال معا ضد تنظيم الدولة الإسلامية ولتنسيق الجهود لدعم المعارضة السورية.

لكنه قال إن فشل هذه المحاولات يعود في الأغلب إلى عدم رغبة البيت الأبيض في عهد أوباما بالموافقة على طلب تركيا لإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، ولفرض مزيد من الضغط على رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وأشار الكاتب إلى أن مما أدى لزيادة التوتر بين تركيا والولايات المتحدة هو قيام الأخيرة بدعم جماعة "تدعى" قوات سوريا الديمقراطية المؤلفة في أغلبيتها من مقاتلين أكراد من الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين.

وقال إنه يبدو أن الأتراك أدركوا أن إدارة أوباما غير راغبة في التعامل مع الأزمة السورية، ولذا فإن تركيا ستتعامل مع روسيا بهذا الشأن ريثما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب زمام الأمور في بلاده، وترى ماذا يمكن للإدارة الأميركية الجديدة أن تفعل.

من جانبها، نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب سينجيز كندر قال فيه إن حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة ذكرت بعض المراقبين بالأسباب التي أشعلت الحرب العالمية الأولى، لكن روسيا استغلتها لجلب تركيا إلى مدارها.

وأضاف أن تركيا تحارب على ثلاث جبهات غير قابلة للربح في سوريا، فهي تدعم المعارضة السورية المناوئة لنظام الأسد، وتشارك في الحرب ضد تنظيم الدولة، وتحاول الحد من مكتسبات الجماعات الكردية بسوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!