تورغان غولر – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

لقد طالت يد الغدر ثلاثة من جنودنا.

هنا يجب أن نتساءل: لماذا غدروا بهؤلاء الجنود العزّل؟

للإجابة على هذا السّؤال، لن أكتب ما هو معروف للعيان. لأنّ جميع الإجابات الكلاسيكيّة باتت لا تطمئن هذا الشّعب الذي ذاق مرارة الغدر والطّعن من الخلف.

ترى البعض يقول مستهزئاً "ها هي إنجازات عملية المصالحة الوطنيّة" ويصرخ آخر "اللعنة على هذه العملية التي بدأتم بها".

السيّد كمال كلتشدار أوغلو يتسائل "هل من وجود لسلطة الدّولة في القسم الجنوبي الشّرقي للبلاد". وكأنّه يريد أن يقول إنّ الدّولة لو أحكمت سيطرتها على هذا القسم لما استشهد هؤلاء الجنود الثلاثة.

في هذه الحالة ما هي دلائل عدم وجود الدّولة في الجنوب التركي؟

لو كانت سلطة الدّولة بيد حزب الشّعب الجمهوري، كيف كانوا سيمنعون وقوع هذه الحادثة وأمثالها؟

إنّ مثل هذه الأسئلة لا تلقى جوابا لها في الأوساط المحلّيّة. ولا تجد أصلاً من يسأل مثل هذه الأسئلة. ولو فرضنا أنّ البعض قام بطرح هذه الأسئلة، فلن تلقى لها أجوبةً مطمئنة.

إذاً في هذه الحالة ما هو الموجود؟

لو دقّقنا في تصريحات السيد كلتشدار أوغلو حيال أحداث الشّغب الأخيرة التي قتل فيها العشرات من الأبرياء، لاحظنا أنّه كان يقول "علينا أن نبحث عن سبب هذا الغضب الشّعبي". واليوم خرج علينا ليتساءل هل من وجود للدّولة في جنوب البلاد.

وبالتّزامن مع هذا الوضع بدأ الرأي العام يتساءل. هل نختار الدّيمقراطية أم نختار الأمن؟

عندما نقول الأمن، كأنّنا نبحث عن الحرب لأن هاتين الكلمتين مترادفتين. أمّا الديمقراطيّة، فتعني المصالحة الوطنيّة. فاختر أيّهما شئت.

عندما تختار الحكومة الطّرق الديمقراطية، يخرج السيد كلتشدار أوغلو ليقول إنّ الدولة التركية أبدت ضعفا ويتساءل عن وجود الدّولة في جنوب البلاد. كما يضخ القلق في نفوس المواطنين عبر إطلاق تصريحات بأن الدّولة التركية في طريقها إلى الإنقسام.

وعندما تختار الحكومة التركية الحلول الأمنيّة، يخرج أيضا ليقول إن على الدّولة أن تبحث عن سبب نزول المواطنين إلى الشّوارع. فهو بتصريحاته هذه إنّما يشجّع المخرّبين ويمنحهم المزيد من الجرأة على النزول إلى الشارع.

ربّما يتسائل البعض عمّا أفكّر به حيال هذين الخيارين.

قلتها من قبل والآن أكرّر ما قلته سابقا. إنّنا لسنا مرغمين على اختيار أحد هذين الاحتمالين. فعلينا أن نختار أحد الخيارين بما يتلائم مع الوضع الراهن. أي يجب علينا أن نحدّد خياراتنا بما يتناسب مع مقتضيات الوضع الحالي لكل منطقة.

لكن هنا لا بدّ أن نذكر هذا الشّرط المهم. وهو أن مسيرة المصالحة الوطنيّة لا يجب أن تتوقّف وتتأثّر بما يحصل في البلاد على الصّعيد السياسي والأمني.

نقطة أخيرة أودّ أن أذكرها.

إن الحكومة حزب العدالة والتنمية لم تستطع أن تغيّير فكر الشّعب حيال مسيرة المصالحة الوطنيّة خلال العام الماضي. كما أن سياسة حزب الشّعوب الدّيمقراطية بدأت تتخبّط وتصارع الانهيار خلال الشّهر الأخير الماضي. لأن هذا الحزب لم يستطع أن يقدّم المبرّرات المقنعة حيال الدّعوة التي أطلقتها قيادات الحزب للنزول إلى الشّوارع لقاعدته الشّعبيّة. كما أنّ كثرة الانتقادات الموجّهة ضدّه أرهقت الحزب على ما يبدو.

ففي ظلّ هذه الأوضاع، يجب على الحكومة أن تكثّف من وجودها في الجنوب وأن تتعاون مع وجهاء المجتمع هناك لشرح تفاصيل عمليّة المصالحة للمواطنين. كما يجب على الحكومة أن تسرّع هذه العمليّة قدر الإمكان وتقحم المنظّمات المدنيّة أكثر من أجل إنجاز العمليّة وتكليلها بالنجاح. 

عن الكاتب

تورغاي غولر

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس