سيد جعفري - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

لأول مرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية شكل النواب الناطقون بالتركية من منختلف المحافظات  كتلة برلمانية في البرلمان الإيراني، وذكرت التقارير أن هذه الكتلة تتكون من 100 نائب من بين 290 نائبا هم عدد أعضاء البرلمان، ويرأسها مسعود بيزيشكان النائب عن محافظة تبريز الذي كان وزيرا للصحة (2001-2005 ) في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.

أثارت هذه الكتلة الجدل منذ تكوينها، ويرجع السبب الرئيس في ذلك إلى عدد أعضائها، حيث يمنح قانون الانتخابات الإيراني عددا معينا من النوب لكل محافظة بناء على عدد سكانها. وفي هذا السياق فإن المحافظات الناطقة بالتركية تشمل أذربيجان الغربية ممثلة ب12 نائبا، وأذربيجان الشرقية ممثلة ب19 نائبا، وأردبيل بسبعة نواب، وزانجان بخمسة نواب. يوجد في محافظتي تشهار محا وبختياري وجيلان وفارس أيضا سكان ناطقون بالتركية لكن أصولهم وتاريخهم يختلف عن الناطقين بالتركية في شمال غرب إيران. وفي حين يشكل الفرس أغلبيية بسيطة من الإيرانيين، يمثل الناطقون بالتركية أقلية كبيرة.

وبناء على هذه الأرقام فإن العدد المتوقع لهذه الكتلة لا يزيد عن 43 نائبا، فكيف وصل عددهم إلى 100 نائب. قالت زهراء ساي عضو البرلمان عن تبريز والمتحدثة باسم الكتلة " إن الكتلة تضم إلى جانب الناطقين بالتركية نوابا من مدن أخرى انضموا إليها"، في حين قال عضو آخر في الكتلة للمونيتور/ طالبا عدم الكشف عن اسمه" إن عدد نواب الكتلة يصل إلى 60 عضوا. لكن عندما تم الإعلان عن تشكيل الكتلة في وسائل الإعلام صرح أحد أعضائها بأن عددها قد يصل إلى قرابة 100 عضو، ومن ثم بدأ هذا العدد يتردد في وسائل الإعلام".

السؤال الرئيس في هذا الصدد هو ما الذي تسعى هذه الكتلة لتحقيقه. في مقابلة مع وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني قال بيزيشكان الذي يشغل منصب نائب الكتلة " لم تفعل الكتلة شيئا حتى الآن، ويسعى البعض لتوجيه الرأي العام نحو أهدافهم . الهدف من تشكيل هذه الكتلة هو جمع النواب الناطقين بالتركية ومتابعة مطالبهم من الحكومة في إطار القانون".

وينظر الناقدون لتشكيل هذه الكتلة على أنها تمثل تهديدا للوحدة الوطنية في إيران، وتسلط الضوء على التعصب العرقي. وردا على هذا قال مسعود بيزيشكيان القيادي بالتكتل" هذا لا ينبغي أن يحدث نحن ندافع عن القانون، ويجب على الحكومة أن تعطي الجميع الحق في التصرف في إطار القانون، لا أحد لديه الحق في أن يفعل أي شيء مخالف للقانون، ولا ينبغي أن تكون هناك طرق ملتوية تخدع الرأي العام".

ومع ذلك، يبدو أن بعض الخبراء المختصين بالعرق، خاصة الناطقين باللغة الأذرية لم يكن لديهم آراء إيجابية حول تشكيل مثل هذه الكتلة، فقد انتقد نور الدين غرافي المحافظ السابق لأذربيجان الغربية في مقال نشرته صحيفة " شرق" في السادس من ديسمبر/كانون الثاني فكرة تكوين هذه الكتلة  وقال " إن  رئيس مجلس النواب علي لاريجاني وغيره من أعضاء البرلمان يدركون أن هذا ابتكار خطير يتعارض مع الدستور، والإهمال في هذا المجال له عواقب مريرة على الجميع".

لكن هل يعد  تشكيل كتل برلمانية على أسس عرقية شيئا جديدا في إيران؟ كتب المورخ المعروف   إرفاند أبراهميان في  كتابه "إيران بين ثورتين" أن المرة الوحيدة التي حدث فيها ذلك كان في فبراير/شباط 1944 ، حين حيث شكلت القبائل البدوية مجموعة برلمانية أطلق عليها " كتلة الديمقراطيين" وبدأت تسعى لتحقيق المطالب القبلية . وجاء تشكيل هذا التكتل نتيجه قمع البدو والقبائل على يد رضا شاه بهلوي، وخليفته وابنه الشاه محمد رضا بهلوي 1941-1979 .

وقال سالار سيف الدين الباحث الآذري المتخصص في الأعراق للمونيتور" إن هذه الكتلة البرلمانية للناطقين باللهجة الآذرية التركية تصر على تحقيق أغراض انتخابية، وتحقيق مكاسب سياسية وشخصية، وهذا أمر نادر الحدوث في برلمانات العالم. ومن الواضح أن تكوين هذه الكتلة لا يخالف الدستور فحسب، لكنه ابتكار خطير لخلق الانقسامات بين مختلف الجماعات العرقية في إيران. أعتقد أن من فكروا في هذه الفكرة يريدون تحقيق مكاسب شخصية، ويريدون جذب الجماهير من أجل الأصوات الانتخابية".

وقال الدكتور مجتبى مقصودي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أزاد في طهران والباحث في الأعراق ، للمونيتور " تمثل الكتل البرلمانية في الدول الديمقراطية الأحزاب البرلمانية، لكن في إيران في حالة هذه الكتلة للمتحدثين بالآذرية التركية فالعكس هو الصحيح، حيث تطرح هذه الكتلة مصالحها الحزبية، بينما في المجتمعات المتقدمة تشكل الأحزاب الكتل البرلمانية على أساس أجندات سياسية".

والواقع أن الكتلة النيابية للناطقين بالآذرية التركية تضم مجموعة من القوى السياسية المتنافسة، فعلى سبيل المثال دخل رئيس الكتلة بيزيشكيان البرلمان ضمن قائمة الأمل الإصلاحية، بينما ينتمي نادر كازيبور نائب رئيس الكتلة وعضو البرلمان عن محافظة أورميا إلى التيار المتشدد.

وقال الدكتور مقصودي الذي يرأس أيضا جمعية إيران لدراسات السلام، للمونيتور " إن أهم وظيفة للبرلمانات في جميع المؤسسات السياسية هو التعامل مع القضايا الوطنية، أما بالنسبة إلى كتلة الناطقين بالتركية، فالعكس من ذلك تماما، حيث نرى بعض أعضاء الكتلة يركز على المسائل العرقية بدلا من الاهتمام بحقوق المواطنين. وهذا التوجه يشير إلى ضعف أداء النظام البرلماني في إيران، ويعد التفافا على مسار هذه الهيئة الرئيسة".

لم يصدر حتى الآن سوى القليل من ردود الأفعال حول تشكيل هذه الكتلة من جانب كبار المسؤولين الإيرانيين، ففي السابع والعشرين من نوفمبر/كانون الثاني أعرب علي يونسي ، مستشار الرئيس لشؤون الأقليات العرقية والدينية معارضته لتشكيل هذه الكتلة، وأكد على عدم السماح للانقسامات العرقية بالظهور من خلال تشكيل هذه التكتلات، كما أعرب منصور حقي قتبور عضو البرلمان السابق عن محافظة أردبيل والمستشار الحالي لعلي لاريجاني عن معارضته لتكوين هذه الكتلة. على أنه لا يوجد حتى الآن إجماع بين المسؤولين الحكوميين حول تشكيل هذه الكتلة أو كيفية الرد عليها.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس