جلال سلمي - خاص ترك برس

أوضح الخبير في العلاقات الدولية ريتشارد فولك أن الغموض هو سيد الموقف حول مستقبل العلاقات الأمريكية مع الأطراف الدولية، إلا أن الاحتمال الأكيد هو أن الأوراق الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط متجهةّ للتغيير بشكل جذري.

وبيّن فولك في مقاله "ماذا ينتظر العلاقات التركية الأمريكية" المنشور على الجزيرة ترك، أن العلاقات بين الطرفين تدهورت في عهد أوباما الذي مارس المماطلة مع الطموح التركي الذي تمحور حول الرغبة في إسقاط نظام الأسد، وتسلم "فتح الله غولن" من الولايات المتحدة دون عراقيل، مشيرًا إلى أن تركيا تشهد نقاشا حادا حول التعديلات الدستورية التي يتوقع عرضها على الاستفتاء الشعبي في بداية نيسان/ أبريل المقبل، وفيما يعتبر قسم من الشعب التركي أن التعديلات تهدف إلى ترسيخ ركائز "السلطوية الأردوغانية" في تركيا، يرى القسم الآخر أن التعديلات ترمي إلى تأسيس نظام حكم قوي يُجنب تركيا الأزمات التي أصابتها نتيجة النواقص التي يعاني منها النظام البرلماني، الأمر الذي يضع تركيا في حالة استقطاب داخلية تشغل الحكومة عن التطورات الخارجية.

ورأى فولك أن الإدارة الأمريكية الجديدة يجب أن تعلم أن غولن الذي يقيم في بنسلفانيا، تم منحه عام 2001 "كرتا أخضر" أو إقامة دائمة بجهد من وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي" بالرغم من الاعتراضات الشديدة من وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي أي"، مشيرًا إلى أن تمسك جهاز المخابرات بغولن هو السبب الرئيسي وراء الشك في ضلوع الولايات المتحدة عبر جهاز مخابراتها أو ضباطها المتواجدين في قاعدة إنجيرليك العسكرية بأضنة التركية، ما يجعل إعادة بناء جسور الثقة بين الطرفين بحاجة لبعض الوقت.

وفيما يتعلق بالمسار الجديد للعلاقات التركية الأمريكية، يشير فولك إلى أن أنقرة تبدو وكأنها تأمل في إقناع إدارة ترامب بالمساهمة في دفع عجلة الحل السياسي الذي تسعى مع روسيا إلى إرسائه، وإيقاف تمدد تنظيم "داعش" وقوات الحماية الكردية، موضحًا أن الأهداف السياسية لترامب تدعم عملية الحل السياسي في سوريا، إلا أن العائق الذي قد يحول دون تدخل الولايات المتحدة في بعض زوايا الحل هو العنصر الإيراني.

وعلى ما يبدو، فإن حل الحرب في سوريا، وتخفيف حدة التنافس السياسي مع روسيا، وبدء صفحة جديدة في العلاقات مع تركيا، تعكس حالة من الربح المتبادل لكل من واشنطن وأنقرة، ولكن، وفقًا لفولك، يمكن أن يكون هناك عوائق أمام ذلك، مثل:

ـ تأثير اللوبي الإسرائيلي، لإبقاء الولايات المتحدة على دعم للمجموعات الكردية الفاعلة في سوريا، والتي تشكل عنصرًا مهمًا في توازنات القوى، ولا ريب في أن ذلك يضر بالمصلحة القومية لتركيا.

ـ ارتفاع حدة المواجهة بين الولايات والمتحدة وإيران، وبالتالي حدوث تقارب أوسع بين روسيا وإيران.

ووصف فولك تركيا بالدولة التي تسير على خيط رفيع وسط زوابع تعصف بسياستها الخارجية بشكل دائم، نتيجة وجودها في موقع استراتيجي يحاكي مصالح القوى الدولية والإقليمية، ما يعيق تنفيذها لسياسة "زيادة عدد الأصدقاء، وتقليل عدد الأعداء" التي صرح بها رئيس الوزراء بن علي يلدرم، عشية توليه منصبه في أيار/ مايو المنصرم.

ختامًا، أكّد فولك أن تطبيق ترامب لسياساته التي وعد بها خلال حملته الانتخابية، كمحاربة "داعش" والتقارب مع القوى الإقليمية الحليفة والإبقاء على دول الشرق الأوسط على حالها دون تقسيمها وتدميرها وإمكانية إعادة "فتح الله غولن"، قد يؤدي إلى إعادة بناء العلاقات التركية الأمريكية على دعائم متينة، إلا أنه يشدد على أن ترامب يحتاج لتنفيذ ذلك إلى أن يكون أقوى من الدولة الأمريكية العميقة، والمؤسسات الاستخباراتية، والكونغرس الأمريكي. ويجب على الساسة الأتراك أن لا يغفلوا نقطة ترجيح ترامب محاربة الإرهاب على إسقاط نظام الأسد، حتى لا يسقطوا بذات الآمال التي عقدوها على إدارة أوباما ولم تحدث.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!