حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

لقد استقالت "أمينة أولكار تارهان" من حزب الشعب الجمهوري قبل إكمالها الأربع سنوات داخل الحزب، وقد قدمت رسائل هامة عبر مكتوب الاستقالة، لكن قبل الحديث عن ذلك أودّ التذكير بأمر هام، وهو أنّنا كنا نتوقع نظريا حصول انشقاقات وخلافات داخل الحزب الحاكم الذي أبعد رئيسه عنه، والمستمر في حُكم البلاد منذ 13 عاما، والذي يعيش تحوّلا بعدما خرج اردوغان منه، لكن ما يحدث الآن هو العكس تماما.

غريب جدا أنّ أخبار الاختلاف والانشقاقات لم تأت من حزب العدالة والتنمية، وإنما جاءت من حزب الشعب الجمهوري المعارض، فاستقالة "تارهان" لوحدها بحاجة إلى تحليل عميق، لأنّ حزب الشعب الجمهوري حزب صعب ولا يمكن فهمه بسهولة، فهو يعاني مشكلة في هويته، وهذه المشكلة تتعمق مع مرور الوقت، فبدل أن يقاتل الحزب من أجل الوصول إلى الحُكم، نراه اليوم يشهد نزاعا وتنافسا داخليا.

لماذا استقالت "أمينة تارهان"؟
تركيا تواجه تهديدات داخلية وخارجية.
لا أحد يتصرّف بمسئولية تجاه العمليات الإجرامية سواء الجنائية وكوارث العمل أو الارهابية.
وجود خطابات متناقضة.
فهم المعارضة لحساسية الشعب وما يريده ما زال ناقصا وخاطئا.
عدم قدرتها على تغيير خيارات إدارة حزب الشعب الجمهوري.
حزب الشعب الجمهوري غير مكترث للوصول إلى الحُكم ولا يسعى جديا لتحقيق ذلك.

سبق وأن وصفت "تارهان" رئيس حزب المعارضة "كيليتش دار أوغلو"، بوصف "الملك العريان"، وهذا يجعلنا نقتصر في التعليق على أسباب استقالتها، لكن يوجد هناك نقص في تلك الأسباب، فهي لم تتحدث عن عملية السلام مع الأكراد، ولم تُبد وجهة نظرها المتعلقة بالمسألة الكردية، والاتحاد الأوروبي، والخصخصة، والدستور الجديد، والحريات، وإصلاح الدولة وغيرها من المواضيع الهامة.

هل سيكون هناك استقالات جديدة داخل الحزب؟

في الحقيقة بدأت "تارهان" بالتفكير في الاستقالة من الحزب منذ ترشيحه "لأكمل الدين إحسان أوغلو" لانتخابات رئاسة الجمهورية، حتى إنّ مجموعة من القوميين داخل الحزب على رأسهم "تارهان" حاولوا ترشيح مرشح منهم لرئاسة الجمهورية، لكنهم لم يستطيعوا الحصول على التواقيع اللازمة.

لا يُنتظر حدوث استقالات جديدة داخل حزب الشعب الجمهوري المعارض، فالاستقالات تتم من أجل إبراز مواقف سياسية وتقديم بدائل، لكن هذا لا يتواجد في استقالة "تارهان"، مع هذا فإن وقع هذه الاستقالة سيؤثر داخل إدارة الحزب، وسيبقى خطر حدوث استقالات جديدة "سيفا مسلّطا" عليها خلال المرحلة المقبلة.

هل سينقسم حزب الشعب الجمهوري؟

لن ينقسم الحزب، لكن إذا ما استمرت الاستقالات فإن الحزب سيتعرض لهزة كبيرة ستؤثر عليه خلال الانتخابات القادمة.

في تركيا قاعدة أساسية يعرفها الجميع، وأثبتها التاريخ، وهي أنّ كل حزب ينفصل عن حزبه الأم لا يمكن أن يحقق نجاحا سياسيا، وهناك قائمة طويلة جدا بأسماء "أحزاب ميّتة" انفصلت عن حزبها الأم.

هل سيترك القوميون حزب الشعب الجمهوري؟

الفئة التي تصوّت لحزب الشعب الجمهوري، لا تصوّت له بسبب مواقفه السياسية، أو انجازاته التي حققها، ولا حتى لأشخاص معينين داخله، وإنما يصوّتون لشعار حزب الشعب الجمهوري مهما كان من يمثله ومهما كان فشله، وهذا ما حصل عندما رشّح الحزب "أكمل الدين إحسان أوغلو"، لهذا فإن التحدي أمام حزب الشعب الجمهوري ليس كسب أصوات قاعدته الشعبية، وإنما الحصول على أصوات غير المنتمين سياسيا لأي حزب.

ماذا سيحدث لاحقا؟

التأثير الواضح والصريح لاستقالة "ترهان" من الحزب، ستكون من خلال تقصير الوقت المتاح "ليكيليتش دار أوغلو"، وعلى الأخير أن يحاول قدر الإمكان التقليل من تأثير هذه الاستقالة وربما الاستقالات اللاحقة، وإلا سيكون مضطرا مرة جديدة لعقد مؤتمر عام للحزب لاختيار رئيس جديد له، بعد الانتخابات العامة القادمة خلال العام المقبل.

استقالة "تاهران" من الحزب المعارض، تعني أنها ردة فعل على "تقرّب الحزب من اليمين، وابتعاده عن اليسار"، وخصوصا في الفترة الأخيرة عندما انفتح الحزب على الأكراد، ويعمل جاهدا لتأسيس علاقات مع المحافظين،  ولا شك أن حزب الشعب الجمهوري قد أكل عليه الدهر وشرب، وفقد كل آماله للمرحلة المقبلة.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس