سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

للوهلة الأولى يبدوا غريباً. ولكنّ الأزمة السورية التي أوقعت تركيا في خلافات مع الولايات المتّحدة الأمريكية ودول التّحالف، بدأت تقرّبها من فرنسا التي كانت تعارض السّياسات التركية والتي كانت ترى في أنقرة منافسة لها على الساحة العالميّة.

أمّا الأن، نجد أنّ العلاقات تتحسن بين البلدين وأنّ المشاكل العالقة بينهما بدأت تتحلحل شيئاً فشيئاً. وهذا واضح من خلال النّتائج الإيجابية التي أثمرها لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيرة الفرنسي فرانسوا هولاند الذي جرى مؤخّراً في العاصمة الفرنسية باريس.

فقد تصدّرت الأزمة السورية وما نتجت عنها من خطر تنظيم الدّولة الإسلامية على المنطقة برمّتها، محور المحادثات بين الزّعيمين التركي والفرنسي.

فتركيا لها وضعية خاصّة تميّزها عن باقي الدّول فيما يخصّ الأزمة السورية. فالمقترحات والحلول التركية لم تلقَ ترحيباً من قبل الولايات المتّحدة الأمريكية وحلفائها الذين يشنون في هذه الأثناء حرباً على تنظيم الدولة الإسلامية.

لكنّ اللقاء الأخير الذي جرى في العاصمة الفرنسيّة بين أردوغان وهولاند، أظهر تقارباً بين الآراء والمقترحات التركية والفرنسيّة حيال الأزمة السّوريّة. ويمكننا أن نقول بعبارة أخرى أنّ تركيا وجدت حليفتها بعد أن عانت من العزلة فيما يخصّ الأزمة السوريّة.

مطالب تركيا

لقد حاولت القيادة التركية مراراً أن تقنع الولايات المتّحدة وحلفائها بمقترحاتها حول حلّ الأزمة السورية. كما سعت إلى إقناع روسيا وإيران اللذان يعتبران من أشدّ المدافعين عن النّظام السوري.

وكان الحلّ التركي المقترح هو شنّ الحملة العسكريّة على تنظيم الدولة الإسلامية بالتّزامن مع الإطاحة بنظام الأسد الذي كان سبباً في نشوء الجماعات المتطرّفة في سوريا. ومع استمرار عمليّات التّحالف، طالبت تركيا بإقامة مناطق حظر للطّيران في المناطق الشّماليّة لسوريا.

وحول هذه المقترحات قالت قيادات التّحالف إنّ أولويّاتها في الفترة الرّاهنة هي القضاء على تنظيم داعش في سوريا والعراق. أمّا مسألة الإطاحة بنظام الأسد فسيتمّ النظر فيها بعد التّخلّص من خطر الدّولة الإسلاميّة.

وفيما يخص إنشاء المناطق الآمنة ومناطق حظر الطّيران في الشمال السوري، لم تهتم الدّول الغربية بهذا المقترح وخاصّة روسيا. فقد عارضت بشدّة هذه الفكرة.

ومن هنا تأتي أهميّة الموقف الفرنسي الدّاعم للمقترحات التركية. ففي حين قامت الدّول الدّاعمة والمعادية للنظام السوري برفض المقترحات التركية، قامت فرنسا بتأييد هذه المقترحات.

مطالب فرنسا

لا أحد يستطيع أن يتكهّن بأصداء الدّعم الفرنسي للمقترحات التركية في الأوساط الدّوليّة من حيث تنفيذ هذه المقترحات، لكنّ القيادة التركية ممتنّة من التّطابق الفكري بينها وبين باريس فيما يخصّ الأزمة السّوريّة.

لا سيما أنّنا لو أخذنا بعين الاعتبار العلاقات المتوتّرة بين البلدين في فترة حكم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي كان يعتبر القيادة التركية منافساً لفرنسا في الشّرق الأوسط وفي مناطق القوقاز. فإنّ هذه الخطوة تعتبر تحسناً وتقارباً بين سياسات البلدين.

فالفرنسيون يرغبون بلعب دور فعّال أكثر في سوريا ومنطقة الشّرق الأوسط. وهم يريدون تحقيق ذلك عن طريق التنسيق والعمل المشترك مع الأتراك. وأعتقد أن التّقارب الذي حدث بين الدّولتين بخصوص الأزمة السورية، سينعكس إيجاباً على تحسن العلاقات بين فرنسا وتركيا على الأصعدة الأخرى.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس