نهاد علي أوزجان- صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تركيز تركيا حاليًّا منصب بشكل تام على الاستفتاء، بينما تتواصل المناقشات والتعليقات. لكن من جهة أخرى نشهد تطورات هامة على صعيد "مشاكلنا الرئيسية". وحزب العمال الكردستاني هو واحد من "مشاكلنا الرئيسية"، التي أشرنا إليها.

غيرت المستجدات الإقليمية من طابع مشكلة حزب العمال الكردستاني. فالمنظمة سعت على مدى سنوات طويلة وراء السيطرة على منطقة تتكون من قرى وبلدات، ويعيش فيها المدنيون فعلًا. لكنها لم تستطع تحقيق هدفها الاستراتيجي هذا في تركيا.

غير أنها تمكنت من تحقيق "الحلم الاستراتيجي"، الذي تحدثنا عنه، في سوريا اليوم، في ظل الظروف المتغيرة، والفرص الجديدة التي سنحت. فالحزب يسيطر فعلًا على الأراضي الممتدة شرقي الفرات في سوريا على الحدود مع تركيا. ويُخضع السكان والموارد المادية لرقابته. وهو ينظمهم ويضع القواعد لهم في إطار الضرورة العسكرية. ويحسب الحسابات، في خطواته القادمة، من أجل تحويل ذلك إلى مكتسب سياسي.

يحمل الوضع الجديد هذا بالنسبة لحزب العمال الكردستاني سلسلة من المزايا، إلا أنه يعني في الوقت ذاته مشاكل ومسؤوليات جديدة. ويتعلق تحول المزايا إلى منافع، بالكيان التنظيمي الجديد للحزب، ووضعه المعايير، وتقويته علاقاته، ومراجعته استراتيجياته الحالية. ومن جهة أخرى، بينما يستغل حزب العمال الكردستاني مزايا كونه تنظيمًا "متنقلًا" في البلدان الأخرى، يتوجب عليه الآن مجابهة مصاعب وضعه "الثابت" في سوريا الآن. وبطبيعة الحال، يتعلق الأمر قبل كل شيء بقراءة الحزب الصحيحة للمشهد، وإدراكه للفرص المتاحة، ووضعها في المكان الصحيح.

القضية الأهم بالنسبة لتركيا هو تغير طابع المشكلة، لكن عليها التلاؤم مع الوضع الجديد من خلال معرفتها أن الجسم الرئيسي ما يزال في مكانه. وبعبارة أخرى، يتوجب على تركيا أن تراجع بسرعة أهدافها السياسية، والاستراتيجيات التي ستوصلها إليها، وتكتيكات مكونات استراتيجيتها. غير أن التدخل في المنطقة، التي غدا وضعها معلقًا بسبب الحرب الداخلية، لن يكون متاحًا عندما يتغير الوضع. ولهذا ينبغي على تركيا ألا تضيع الوقت هباءً.

على الرغم من أن أهم عنصر أدى إلى تغير طابع حزب العمال الكردستاني الإرهابي هو طبيعة وجوده في الأراضي السورية، إلا أن الإمكانيات التي يوفرها له هذا الوجود ستبرز في كافة مجالات نشاط الحزب وفي الاستراتيجيات والتكتيكات التي يتبعها. وعلى سبيل المثال، بينما سيكون انعكاس ذلك سياسيًّا في أوروبا، سوف يتخذ منحىً أمنيًّا في تركيا على وجه الخصوص.

من المؤكد أن المستجدات الحاصلة في سوريا في هذا الإطار هامة بالنسبة لمستقبل تركيا. لكن المشكلة الأساسية هي عدم التمييز بين ما هو تكتيكي، وما هو استراتيجي. لا يشي ورود قضية ما في الإعلام على نطاق واسع بأهميتها/ بعدم أهميتها عسكريًّا وسياسيًّا. وما يرد على نطاق واسع في الإعلام حول الرقة ومنبج هو التطورات على المستوى التكتيكي. أما الناحية الاستراتيجية فهي وجود حزب العمال الكردستاني في شرق الفرات، على طول الحدود التركية.

وبينما تناقش وسائل الإعلام مسألة الرقة ومنبج، يواصل حزب العمال الكردستاني بناء قدراته الاستراتيجية على طول الحدود في سوريا. فهو ينشئ الشبكات اللوجستية ويبني المستودعات، ويستكمل تدريب مسلحيه، ويتصرف كأنه سلطة مشروعة. كما أنه ينشئ "الأمن" ويقيم نظامًا اقتصاديًّا.

يستمتع الحزب بعد التعرض للإزعاج على طول الحدود السورية، ويعمل على إتمام تحضيراته. وعند استكمالها ومؤاتاة الظروف، سيسلك الطريق إلى تركيا من أجل عرض قدراته وقوته العسكرية الجديدة.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس