أحمد ولد سيدي - خاص ترك برس

عمدت الدولة التركية إلى جعل 18 مارس/آذار الذكرى السنوية 102 لمعركة "جناق قلعة"، مناسبة محفل للإنجازات والمشاريع الضخمة، حيث وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء بن علي يلدرم، السبت، حجر الأساس لأطول جسر معلق في العالم "جناق قلعة 1915".

وتحتفل تركيا في 18 مارس/آذار من كل عام بالذكرى السنوية 102 لمعركة "جناق قلعة"، ويصادف هذا العام الذكرى الأولى بعد المائة للمعركة التي وقعت عام 1915، بين الدولة العثمانية والحلفاء، حين حاولت قوات بريطانية، وفرنسية، ونيوزلندية، وأسترالية، احتلال إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، وباءت المحاولة بالإخفاق.

ويؤكد تقرير نشرته صحيفة الخليج أون لاين عن الحديث الهام أن تركيا تحتفل هذا العام بهذه الذكرى الوطنية بعد عام حافل وضع مصيرها على المحك، إثر محاولة الانقلاب الفاشلة الصيف الماضي، بالإضافة إلى التدخل العسكري المباشر لها في سوريا ضد عناصر تنظيم "داعش" والمليشيات الكردية الانفصالية، فضلاً عن سلسلة العمليات الإرهابية التي عاشتها البلاد خلال العام المنصرم.

وسيصل طول الجسر المخطط افتتاحه في الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية إلى 3 آلاف و860 متر، ومع القناطر يصل إلى 5 آلاف كيلومتر.

 تفاصيل المعركة

تعتبر معارك "جناق قلعة" منعطفاً تاريخيّاً ليس بالنسبة لتركيا فحسب، بل للمنطقة والعالم بأسره، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 1914، اقترب الأسطول البريطاني الفرنسي من مياه مضيق الدردنيل، وهو يمني نفسه بانتصار حاسم وسريع، وألقت بعض المدمرات قنابلها على العسكرية العثمانية، ومن حنكة القوات العثمانية أنها لم ترد على الهجوم، ووقفت دون مقاومة، ما بث الثقة في رجال الأسطول البريطاني، وأيقنوا بضعف القوات العثمانية.

وبعد مضي شهرين أو أكثر من هذه العملية توجهت قطع من الأسطول البريطاني إلى الدردنيل، مستأنفة ضرب الاستحكامات العسكرية الأمامية مرة أخرى، ثم اقتحم الأسطول المضيق بجسارة، إلا أنه اصطدم بحقل خفي من الألغام، وأصيب بأضرار بالغة، وكان لإخفاقه دوي هائل وصدى واسع في جميع أنحاء العالم.

- اللجوء للهجوم البري

لم يسكت الحلفاء على هذا النصر العثماني، وقرروا تعزيز الهجوم البحري بهجوم بري، على أن يكون دور القوات البرية هو الدور الأساسي، ويقتصر دور القوات البحرية على إمداد القوات البرية بما تحتاج إليه من أسلحة وذخائر ومواد تموينية، ومساعدتها على النزول إلى البر، وحماية المواقع البرية التي تنزل بها.

وكانت القوات البرية تتألف في معظمها من جنود أستراليين ونيوزلنديين، وهم معروفون بالبأس الشديد في القتال، في حين تعزز القوات الفرنسية الموقف.

بدأت هذه القوات تصل إلى بعض المناطق في شبه جزيرة غاليبولي، وانتهز العثمانيون هذه الفرصة، واصطادوا القوات المهاجمة، وكانوا قد أكملوا استعدادهم لمواجهة هذا النزول المتوقع، وأظهروا بسالة فائقة وشجاعة سطرت أمجاداً للعسكرية العثمانية.

وأدى النصر العثماني إلى إنقاذ عاصمة الخلافة إسطنبول من السقوط في أيدي الاحتلال الأجنبي، وفقدت قوات التحالف الأمل في الاستيلاء على منطقة المضايق، وبدأت بالفعل بالانسحاب، وأخفقت في تحقيق أهدافها، وكان إخفاقها مزدوجاً في البر والبحر.

وكلفت تلك المعارك الدولة العثمانية أكثر من 250 ألف شهيد، شارك فيها جنود من سوريا والعراق وفلسطين والعديد من دول العالم الإسلامي، فيما تكبدت القوات الغازية نفس العدد المذكور تقريباً.

مرور الذكرى هذا العام.. مرحلة مفصلية

تمر الذكرى الـ 102 هذا العام في مرحلة مفصلية تمر بها تركيا، أبرزها التذبذب الاقتصادي والحرب ضد داعش والمليشيات الإنفصالية في سوريا بالإضافة إلى تدهور العلاقات مع أوروبا مؤخراً بسبب الأزمة مع هولندا، وهو ما يعيد للأتراك الرغبة في الإصرار على الخروج من هذه المرحلة بانتصار على ما يصفونه بـ "الإرهاب"، مستلهمين العبر من "جناق قلعة".

من جهة أخرى، انقلبت علاقات أنقرة الاستراتيجية مع روسيا خلال العام، من أزمة وقطيعة في جوانب اقتصادية وسياسية عدة، بعد أن أسقطت تركيا طائرة روسية اخترقت أجواءها، إلى مصالحة وتطبيع كامل للعلاقات والتي تحسنت كثيراً عقب محاولة الإنقلاب الصيف الماضي، على حساب العلاقات مع الغرب التي تدهورت كثيراً.

ونظمت فعاليات في جميع أنحاء البلاد، أكبرها في ولاية جناق قلعة (شمال غرب)، بحضور كبار المسؤولين الأتراك، كما يتم إحياء اليوم في جمهورية شمال قبرص التركية، والممثليات الدبلوماسية التركية في الخارج.

وشارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت 18 مارس/ آذار 2016، في احتفالات الذكرى التي يطلق عليها أيضاً "يوم الشهيد التركي"، ووضع حجر الأساس لأطول جسر معلق في العالم "جناق قلعة 1915".

وسيصل طول الجسر المخطط افتتاحه في الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية إلى 3 آلاف و860 متر، ومع القناطر يصل إلى 5 آلاف كيلومتر.

وتبلغ ميزانية الجسر الأطول في العالم 10 مليار ليرة تركية، ويعتبر الجسر الأول في مضيق جناق قلعة، الخامس على بحر مرمرة، وسيربط الجسر بين منطقتي شكريا من جانب جناق قلعة، وبين سوتلوجه من الجانب الأوروبي من إسطنبول.

ويحمل الجسر عقب افتتاحه أهمية كبرى في تسهيل حركة المواصلات، من تراكيا إلى منطقة إيجة والبحر الأبيض، ومنطقة مرمرة وجناق قلعة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!