ديميتري لارو - ايزفيستيا - ترجمة وتحرير ترك برس

منعت تركيا برنامج التعاون بين حلف شمال الأطلسي والنمسا، ما يمكن أن يكون له تأثير سلبي على علاقات تركيا مع الدول الأخرى العضوة في الحلف. والجدير بالذكر، أن قرارات حلف شمال الأطلسي فيما يخص التعاون مع البلدان التي لا تعد من الأعضاء على غرار النمسا، تعتمد على قاعدة على الإجماع.

لكن الخلافات السياسية العميقة بين تركيا وعدد من دول أوروبا الغربية هي ما يدفع تركيا إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة، قد تضر بمصالح دول الاتحاد الأوروبي، ما قد يترتب عنه تجميد سياسة التقارب مع البلدان الشريكة.

وتجدر الإشارة إلى أن أنقرة أوقفت العديد من أوجه التعاون مع "دول شركاء" لحلف شمال الأطلسي على غرار التدريبات العسكرية وذلك في خطوة تعدّ بمثابة تصعيد جديد للخلاف الدبلوماسي مع دول الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد أن تكررت التصريحات نادت بإيقاف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وحظر الاجتماعات التركية في البلدان الأوروبية. ووفقا للسلطات النمساوية، لن تؤثر قرارات تركيا على المهام الحالية المشتركة بين النمسا وحلف شمال الأطلسي، إلا أنها قد تولد بعض العقبات في المستقبل.

وفي هذا السياق، قال أحد المسؤولين رفيعي المستوى من حلف شمال الأطلسي: "نحن نشعر بالأسف إزاء الموقف الحالي الذي تتخذه تركيا والذي سيؤثر على كل برامجنا للتعاون مع الشركاء غير الأعضاء في الحلف". وأضاف المسؤول قائلا: "نأمل في أن تتمكن حليفتنا تركيا وشريكتنا النمسا من حل خلافهما في أسرع وقت ممكن". وعلى الرغم من أن النمسا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي إلا أنها دولة شريكة له.

والجدير بالذكر أن جميع القرارات يتم اتخاذها بالتوافق بين جميع أعضاء حلف شمال الأطلسي، أي أن كل عضو في الحلف له الحق في منع بعض الاجراءات والقرارات، على سبيل المثال، منع التوسع أو إنشاء قواعد عسكرية على أراضي البلدان الشريكة.

وقد أكد المحلل السياسي السلوفاكي مايكل أندريشيك: "تركيا تسير على طريق تعزيز السلطة الرئاسية، ما أثار انتقادات حادة من طرف الأوروبيين، بالإضافة إلى ذلك تعمل تركيا على محاولة حل المسألة الكردية ومحاربة تنظيم الدولة"، وأضاف " أخالُ تركيا تحاول تحقيق أهدافها على هذا النحو، اذ تعمل أنقرة على الضغط على منظمة حلف شمال الأطلسي وتعوّل في ذلك على مكانتها الهامة أو تهدد بالبحث عن شركاء آخرين خارج التحالف".

علاوة على ذلك، يحمل موقف تركيا تأثيرا سلبيا في المقام الأول على التعاون بين حلف شمال الأطلسي وجورجيا التي تطمح للانضمام إلى الكتلة السياسية والعسكرية للحلف، ويذكر أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الجورجية فاختانغكابانادزه، اقترح إنشاء قاعدة خفر السواحل لحلف شمال الأطلسي على ساحل بلاده.

فضلا عن ذلك، بإمكان تركيا منع تطوير التعاون بين حلف شمال الأطلسي وجورجيا، وذكر المحلل السياسي الروسي أجدار كيرتز أنه "لدى أنقرة نفوذ واسع للضغط على القيادة الجورجية، بالإضافة إلى أن الأتراك يدركون أن إنشاء قواعد عسكرية للحلف على السواحل الجورجية سيمثل مصدر إزعاج بالنسبة لروسيا، وهذا لا يخدم مصالحهم أذ تعمل تركيا على تحسين علاقاتها بروسيا في الفترة الأخيرة".

وتعد تركيا من البلدان الفاعلة في حلف شمال الأطلسي والتي لمواقفها تأثير على سائر أعضاء الحلف، فأنقرة كسائر البلدان الأعضاء بإمكانها منع التعاون مع الدول الشركاء مع الحلف والتي يبلغ عددها 22. ووفقا للمعلق العسكري فيكتور ليتوفكين فإن "تركيا تقوم بالضغط على الحلف "وابتزازه" وذلك نتيجة لصراعها مع الدول الأوروبية، إلا أن هذا الصراع يعد مؤقتا".

وتتسم العلاقات التركية الأوربية في الوقت الراهن بالتدهور الشديد على خلفية منع عدد من الدول الأوروبية لتجمعات الوزراء بالجالية التركية في أراضيها، في اطار التحضيرات لاستفتاء على الدستور التركي الذي سيؤدي إلى انتقال النظام البرلماني إلى نظام رئاسي.

ويعتبر الخلاف بين تركيا وبعض الدول الأوربية بداية لتغيير في السياسة الخارجية لأنقرة، وقد تمثّل العلاقة غير الودية بين تركيا وبلدان أوروبا الغربية عائقا خطيرا أمام تقارب حلف شمال الأطلسي مع دول جديدة. ويعد اعتزام تركيا لشراء نظام الصواريخ المضادة للطائرات من صنف س-400 الروسي، دلالة على رغبة أنقرة للبحث عن شركاء خارج الحلف.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس