ترك برس

استعرض أتيلا يايلا، الباحث السياسي والرئيس السابق لاتحاد المفكرين الليبراليين الأتراك، تقييمًا حول التساؤلات والادعاءات التي تطرحها بعض الدول الغربية والأوروبية والأحزاب السياسية المعارضة في تركيا فيما يخص التعديلات الدستورية المقرر إجراء استفتاء شعبي عليها منتصف أبريل/نيسان الجاري.

جاء ذلك في مقال كتبه الناشط في مجالات الحقوق المدنية والمناصر للديمقراطية الليبرالية يايلا، ونشرته صحيفة صباح التركية حول الجدل والنقاشات المتعلقة بالانتقال من نظام الحكم البرلماني إلى النظام الرئاسي في تركيا.

هناك من يدعي بأن النظام سيتغيّر بالكامل في حال فوز حملة "نعم" في الاستفتاء، ما علاقة الاستفتاء بتغيير النظام؟

النظام في تركيا لن يتغير في حال فوز حملة "نعم" خلال الاستفتاء، ويمكننا أن تقييم ذلك من خلال بعدين، الأول يتعلق بكون تركيا "جمهورية"، وصدور نتيجة لصالح التعديلات الدستورية لن يحول تركيا إلى نظام ملكي أو نظام رجل واحد.

إن تركيا تملك ديمقراطية تحاول تطويرها بشكل مستمر. الوصول إلى المناصب السياسية الأساسية يتم عبر الانتخابات التنافسية وكذلك مغادرتها، وهذا أيضًا لن يتغير في حال صدور نتيجة الاستفتاء لصالح التعديلات الدستورية. يعني أنه لن يتم التخلي عن الديمقراطية ولن يتأسس نظام استبدادي شمولي في تركيا.

نظام الحكومة هو الذي سيتغير عند صدور نتيجة لصالح التعديلات في الاستفتاء الشعبي والتي سوف تساهم في إنقاذ تركيا من النظام الجاري وتفسح المجال أمام النظام الرئاسي.

تدّعي المعارضة أن نظام رجل واحد سيولد بعد الاستفتاء الشعبي، ما رأيكم تجاه هذا الأمر؟

إذا كان القصد من هذا الطرح هو تجسيد السلطة التنفيذية في شخص واحد فهذا صحيح، ولكنه طرح خاطئ إذا كان القصد منه هو جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بيد رجل واحد، لأن الشعب هو الذي يمنح السلطة التنفيذية للشخصية السياسية بشكل مباشر في النظام الرئاسي المقترح، وهو ما يتوافق مع الديمقراطية من الناحية النظرية والعملية.

ما هي السياسة التي يعتمد عليها الجناح الرافض للتعديلات الدستورية وخاصة حزب الشعب الجمهوري خلال فترة الاستفتاء الشعبي؟ وما الذي تعنيه سياسة التخويف التي انتشرت مؤخرًا؟

لقد اعتمد حزب الشعب الجمهوري استراتيجية التخويف في حملة "لا" للاستفتاء، ويدعي بأن النظام السياسي سيتغير بالكامل في حال صدور نتيجة "نعم"، وأن هذا الأمر سيعرّض وحدة ووجود البلاد للخطر، وهذا ادعاء لا أصل له ومخالف للواقع، وقبيح أيضًا.

كيف يجب تقييم موقف الدول الغربية خلال فترة الاستفتاء على التعديلات الدستورية؟

إن اهتمام الدول الغربية بما يجري في تركيا ووجود بعض التمنيات لديها أمر طبيعي لكون الأخيرة جزء من المعسكر الغربي، لكن الوضع الذي نواجهه اليوم مختلف جدًا، حيث أن بعض الدول الأوروبية تتدخل بالسياسة الداخلية لتركيا بشكل علني ومباشر وهائج، وتؤيد طرفًا ضد الآخر، وهذا تصرف خاطئ. إنهم يدعمون بكل قوتهم الحملة الداعية للتصويت بـ"لا" خلال الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية.

بأي وجه سيواصل هؤلاء علاقاتهم وتعاونهم مع الأطراف المناهضة للتعديلات الدستورية في حال انتهاء الاستفتاء لصالح المؤيدين، وأعتقد أن موقف الدول الغربية في هذا الإطار سيُساهم في ظهور نتيجة معاكسة لما يهدفون، وسوف يتسبب بشكوك لدى الناخبين الأمر الذي من شأنه أن يفسح المجال لزيادة نسبة التصويت بـ"نعم".

ما الذي تعنيه التعديلات الدستورية التي سيتم التصويت عليها خلال الاستفتاء، بالنسبة للديمقراطية في تركيا؟

ستقدم تركيا على تجريب نظام حكم جديد وهو ما سيؤثر على عمل النظام السياسي وثقافتنا السياسية. البلاد ستكون أكثر ديمقراطية من بعض الجوانب وسوف يتعزز مبدأ الفصل بين السلطات إلى حد كبير، كما ستزداد الشرعية الديمقراطية للقضاء الذي سيخضعُ لتأثير المجتمع بشكل أكبر.

هناك جدل واسع بشكل خاص حول رفع إجمالي عدد النواب في البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح للنيابة من 25 إلى 18عاما، ما هو تعليقكم على هاتين المادتين؟

كِلا الخطوتين تُساهمان في تعزيز الديمقراطية، حيث أن خفض سن الترشح يزيد من عدد الأشخاص الذين سيشاركون في النظام السياسي، وهذا الأمر يتوافق مع الديمقراطية.

ويمكن طرح التعليق ذاته على زيادة عدد النواب في البرلمان، لأن هذه الخطوة ستخفض عدد الناخبين للنائب الواحد في ظل بقاء عدد السكان على حاله، وهذا من شأنه تعزيز قوة التمثيل الديمقراطي.

ما السبب وراء طرح المعارضة لصلاحية" الإلغاء أمام الرأي العام بشكل كثيف؟

الهدف من ذلك هو تضليل الرأي العام وخلق تصوّر بمجيء نظام قائم على رجل واحد وأن الرئيس قادر على إلغاء البرلمان متى ما يريد وبشكل عشوائي وفقًا لأهوائه دون أن يلحق أي ضرر بمنصبه هو، وبعبارة أخرى، الموضوع عبارة عن حملة تشويه تعمل عليها الأطراف المناهضة للتعديلات من أجل خداع المجتمع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!