نهاد علي أوزجان - صحيفة ميللييت - ترجمة وتحرير ترك برس

تحدث تطورات ملفتة للانتباه على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري عقب الهجوم بالغاز السام على مدينة إدلب. قصفت الولايات المتحدة الأمريكية بالصواريخ القاعدة الجوية التي استخدمها الأسد في الهجوم. على الرغم من أن الهجوم كان له وقع كبير في وسائل الإعلام، إلا أن هناك شكوكًا كبيرةً حول كون الضربة "صورية". فطراز ومواصفات الطائرات التي تعرضت لأضرار وضآلة حجم الخسائر تؤكد الأنباء الواردة في هذا الاتجاه.

وتُظهر قائمة الخسائر في الوقت ذاته أن الصواريخ لن يكون لها تأثير يُذكر على المشهد العسكري، وأن التغيير الحقيقي سيكون ممكنًا مع القرارات السياسية والحملات العسكرية الجديدة.

أطلق ترامب من خلال صواريخه هجمة من الناحية المعنوية أكثر من هدف الحصول على نتيجة عسكرية. وفي الوقت ذاته وضع نفسه تحت مسؤولية سيكون مضطرًا لتحملها في المستقبل. ومن الواضح في هذا الإطار أنه ركّز على الحصول من الضربة الصاروخية على نتائج على أربع جبهات. أولًا تذكير الأسد بمن هو صاحب الكلمة الحقيقي. ثانيًا، سعى إلى تغيير أجندة النقاش الدائر حول قضايا السياسة الداخلية. ثالثًا، أظهر لإيران أنه لن يتردد في "استخدام القوة" إذا دعت الحاجة. رابعًا، علم من سيكون "حليفه" في حملة يمكن أن يشنها في سوريا.

أما بالنسبة لروسيا، فيبدو المشهد أكثر تعقيدًا. تلوح المؤشرات إلى أنها كانت على علم مسبق بالضربة الأمريكية قبل تنفيذها. وبذلك لم تقع خسائر في صفوف القوات الروسية، كما لم يعد هناك داعٍ لاستخدام صواريخ إس-400.

أظهرت كل هذه التطورات نية الولايات المتحدة تغيير استراتيجيتها، وأشارت إلى استمرار بحثها عن أسلوب للتعامل مع الأزمة السورية. وهذا السبب في توجيه المسؤولين الأمريكيين إشارات مختلفة، وإدلائهم في اليوم نفسه بتصريحات متناقضة. وعلى الرغم من ذلك، فإن من الواضح أن مواصلة الطريق بدون الأسد ستكون من قضايا النقاش الأساسية في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.

ويتوجب على الإدارة الأمريكية في هذا الخصوص إيجاد حل لثلاث قضايا مختلفة. أولًا، تصفية جميع الفصائل الراديكالية، وليس داعش فحسب. ثانيًا، تعزيز "المعارضة المعتدلة" التي تقبل دون إثارة مشاكل النموذج السوري الجديد المقترح. وأخيرًا، إقناع روسيا بهذه الاستراتيجية الجديدة.

عند النظر إلى الموقفين الروسي والإيراني اليوم، يتضح أن الدبلوماسية وحدها لا يمكنها تطبيق الاستراتيجية الجديدة، ولا تتيح الإمكانية لإخراج الأسد من اللعبة. وفي هذه الحال، ينبغي تغيير المشهد العسكري، وإضعاف الأسد، وإخراجه من دائرة الحل.

أما الطريقة التي ستُضعف الأسد من الناحية العسكرية فهي تقوية المعارضة المسلحة وقيامها بعمليات ضد الأسد. ومما لا بد منه من أجل تحقيق ذلك تشكيل مناطق حظر الطيران والمناطق الآمنة، التي طالبت بها تركيا منذ بداية الأزمة، وتحقيق الظروف الملائمة من أجل الدعم البشري والتدريب العسكري للفصائل المعارضة.

لكن تنفيذ هذه الخطة يتطلب امتلاك أراضٍ ذات اتساع وعمق كافيين، ومع مجموعات يمكن التعامل معها والسيطرة عليها. وعندما تبدأ مناقشة هذا الخيار، ستكون أول "منطقة آمنة" تخطر على بال الإدارة/ القوات الأمريكية، هي المناطق الواقعة تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي. أما القوة الموثوقة فستكون من العاملين مع حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي، تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية.

وعلى الرغم من أن السيناتور الأمريكي جون ماكين عندما يتحدث عن "المنطقة الآمنة"، يطرح أفكارًا شبيهة بتلك التي تطرحها تركيا، لكن عندما يتعلق الأمر بالتطبيق فإن نشوب أزمات جديدة قد لا يكون أمرًا مثيرًا للدهشة على الإطلاق.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس