محمد بارلاص - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

نشرت صحيفة نيويورك تايمز، التي لم يعجبها هدف ونتيجة الاستفتاء الذي شهدته تركيا منتصف الشهر الجاري، مؤخّرًا، تعليقًا قالت فيه: "في الوقت الذي تبذل فيه دول منظمة حلف شمال الأطلسي ما في وسعها بهدف السيطرة على التوجهات الاستبدادية لأردوغان، يتحتم عليها دعم وتشجيع المدافعين عن قيم الديمقراطية في تركيا"...

حلف شمال الأطلسي والديمقراطية...

وتضمن تعليق الصحيفة الأميركية الأفكار التالية:

"إن نتيجة هذا الاستفتاء، أتت تتويجًا للجهود التي بذلها أردوغان منذ وقت طويل، في سبيل استبدال النظام البرلماني في تركيا بنظام رئاسي قوي. على الرغم من أن تركيا عضو حيوي في حلف الناتو، إلا أنها بدأت تدريجيًا تتحول إلى بلدٍ يبتعد رويدًا رويدًا عن هذا التحالف المبني أساسًا على قيم الديمقراطية".

خَيار "غلاديو"

يبدو أن رؤية الناتو كمنظمة تدافع عن وتحمي الديمقراطية بات يشكل اتجاهًا جديدًا في الحلف.

إذا ما تفوق هذا الاتجاه، فسيجدر وقتئذ بالمعلقين الحديث عن الاجتهادات والخيارات الصادرة عن منظمة "غلاديو"، والتي هي منظمة سرية أنشأها حلف الناتو في إيطاليا، بعد الحرب العالمية الثانية، لمكافحة الشيوعيين.

كما سوف يكون حريًا بأولئك المعلقين، وضع غلاديو بدل "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان"، أي الحديث لتلميع صورة الانقلابات العسكرية والاغتيالات المدبرة من قبل تلك المنظمة والاستفاضة بشرحها.

نيويورك تايمز تراهن على "سوروس"

وهنا يجدر بنا الإضارة إلى أن صحيفة نيويورك تايمز كانت مستاء للغاية أيضًا من انتخاب دونالد ترامب رئيسًا في الولايات المتحدة، وقد نشرت تعليقات قضت مضجع ترامب عقب انتخابه. لكن هذه الصحيفة لم تدعو الناتو إلى القيام بأي عمل ضد ترامب لحماية "قيم الديمقراطية". بل راهنت فيما يتعلق بالإطاحة بترامب على الاحتجاجات الشعبية الممولة من قبل الملياردير الأميركي الجنسية الهنغاري المولد، جورج سوروس، المعروف بدعمه للسياسات الليبرالية وبدوره الفعال في مرحلة التحول من الشيوعية إلى النظام الرأس مالي في هنغاريا.

العمى السياسي

في الواقع لقد اعتدنا على هذا النوع من التعليقات الحمقاء والرعناء وغير الواقعية الصادرة عن هذه الصحيفة. سيما أن هذه التعليقات تصدر عن جهة غير قادرة على وصف الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر بـ "الانقلاب"، فيما تعتبر أن الاستفتاء الذي جرى في تركيا (16 نيسان/ أبريل 2017) ووصلت فيه نسبة المشاركة إلى 85 في المئة يشكّل تهديدًا لقيم الديمقراطية.

إضافة إلى ما سبق، فإن هذه الصحيفة ترفض تمامًا رؤية تطورات مهمة شهدتها الساحة السياسية والاجتماعية في تركيا خلال الأعوام الماضية، والتي أبرزها محاولة تنظيم "فتح الله كولن" الإرهابي السيطرة على الدولة التركية من خلال انقلاب عسكري فاشل نفذه في 15 تموز/ يوليو الماضي، والتحالف بين منظمتين إرهابيتين تناصبان تركيا العداء، وهما "ب ي د" و"بي كا كا"...

هل جاء الدور على الـ "سي آي أي"

نعم... وأخيرًا رأينا دعوة من صحيفة أميركية لحلف شمال الأطلسي من أجل الذود عن "قيم الديمقراطية". ومن يعلم، قد يظهر أحد ويدعو وكالة المخابرات المركزية "سي آي أي"، للذود عن الأخلاق العالمية والشفافية. وأتساءل هنا عن إمكانية إعطاء الملايين من السوريين الذين لجأوا إلى تركيا مهمةً لحماية الديمقراطية التركية؟.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس