ترك برس

في الخامس والعشرين من شهر نيسان أبريل الماضي شنت القوات الجوية التركية هجمات جوية متزامنة على منطقة سنجار العراقية وعلى جبل قرجوخ (كراتشوك) بالقرب من مدينة المالكية السورية الشمالية. استخدمت ثلاثون طائرة من نوع F-16  أقلعت من قاعدة ملاطيا الجوية قنابل موجهة بالليزر تزن ألفي رطل من نوع (GBU 10 Paveway) لمهاجمة قوات وحدات الحماية الأيزيدية (YBS) في سنجار وضرب مرافق التحكم والقيادة ومحطة إذاعية، ومركز وسائط الإعلام في شمال سوريا التابعة لوحدات حماية الشعب الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

أشار المحلل الأمني التركي متين غورجان في تحليل نشره موقع المونيتور إلى أن هذه الهجمات كانت أول عملية جوية تركية متزامنة ومنسقة ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني فى العراق وسوريا، ورأى أنه عندما أعلن المسؤولون في أنقرة العملية، فإنهم لم يشعروا بالحاجة إلى إلقاء اللوم على أي هجوم من الجانب الآخر كذريعة.

ورأى غورجان أن نية أنقرة غير المعلنة من هذه الهجمات هي إيجاد حالات على الأرض للتحقق من نوايا الولايات المتحدة وجديتها في التعاون مع الجماعات المسلحة الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا والعراق. أرادت أنقرة اختبار ردة فعل الولايات المتحدة قبل اجتماع الرئيسين دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان. وسوف تقرر تركيا ما تريده من هذا الاجتماع بناء على رد الولايات المتحدة من الهجمات الجوية التركية.

وبحسب المحلل الأمني التركي فإن مسألة استمرار العمليات الجوية التركية ضد أهداف للتنظيمات التابعة لحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا والعراق سيحدده رد فعل  الولايات المتحدة أولا ثم رد فعل روسيا.

وتوقع أنه إذا أعلنت الولايات المتحدة وروسيا منطقة حظر جوي فوق شمال سوريا وسنجار وفرضتها بتسيير دوريات جوية، فإن تركيا ستواصل هجماتها الجوية على المنشآت المهمة للجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق، بعد إعطاء إشعار قصير إلى الولايات المتحدة وروسيا.

وفي هذه الحالة، سيكون من المثير للاهتمام مشاهدة الطائرات الأمريكية وهي تقلع من قاعدة إنجيرليك الجوية في تركيا في محاولة لمنع الطائرات التركية من دخول منطقة حظر الطيران. وفي حال طبقت منطقة حظر الطيران فوق سوريا والعراق أيضا على الطائرات التركية، فهل تستطيع تركيا الانتقام من خلال إغلاق مجالها الجوي أمام طائرات التحالف؟ هذا سؤال بالغ الأهمية.

أما تأخر ردة الفعل الروسية على الهجمات الجوية التركية، فيفسره الخبير في العلوم السياسية كيريم هاس من جامعة موسكو الحكومية، بسببين: الأول هو ترقب روسيا لمزيد من التوتر في العلاقات الأمريكية التركية. ذلك أن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب قضية وحدات حماية الشعب، التي يمكن أن تعجل بخروج تركيا المحتمل من الناتو، هي مكسب استراتيجي لموسكو.

أما السبب الثاني لرد فعل روسيا البطيء هو أن موسكو تريد أن يزداد اعتماد حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب على روسيا".

ويقول هاس إن هناك نقطتين حاسمتين في رد الفعل الرسمي الروسي: الأولى انتقاد تركيا لتنفيذ هجمات جوية دون إذن من الدول ذات السيادة في العراق وسوريا. والنقطة الثانية هي أن روسيا تعتبر قوات حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب "المحارب الحقيقي" للمنظمات الإرهابية. وفي هذه الحالة، تتداخل رؤية موسكو لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب مع رؤية واشنطن.

هذا الدعم القوي من روسيا لقوات حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الذي جاء واضحا في بيان الخارجية الروسية قد يكون إشارة إلى أن هذه الجماعات قد تعتمد على المزيد من الحماية من موسكو. وأشار هاس  إلى أن زيادة الوجود العسكري الروسي في عفرين التي تحتلها وحدات حماية الشعب، هو موقف مشترك بين الولايات المتحدة وروسيا لإحباط رغبة تركيا في السيطرة على منبج التي يسيطر عليها الأكراد، وإنهاء تركيا لعملية درع الفرات.

وأضاف هاس أنه "حتى لو كانت هناك خلافات حول قضايا أخرى بين الولايات المتحدة وروسيا، فإنهما تتجهان نحو تقارب مصالح أكثر جدية. وقد تعطي روسيا الضوء الأخضر لمقترحات منطقة حظر الطيران فوق شمال سوريا التي كانت ترفضها من قبل".

وختم غورجان تحليله بأن أنقرة تنتظر الخطوة المقبلة من جانب واشنطن وروسيا خلال الاجتماعين المقبلين للرئيس رجب طيب أردوغان مع الرئيسين بوتين وترامب في الشهر الحالي. ولذلك فإن شهر مايو ينتظر أن يكون حيويا لمثلث أنقرة واشنطون موسكو.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!