ترك برس

شهدت مدينة إسطنبول الأسبوع الماضي وعلى مدى أربعة أيام  "المهرجان الثقافي لرياضات الشعوب التركية" الذي يضم أكثر من 800 رياضي يمارسون رياضات تقليدية في الأناضول وآسيا الوسطى. ويهدف المهرجان إلى تعزيز الرياضة التي مارسها أجداد الأتراك.

ومن هذه الرياضات رياضة "الجيريت" التي تقوم على ركوب الخيل ورمي الرماح على فرسان الفريق الخصم. يقول أرديم البالغ 32 عامًا بعدما نزل عن صهوة جواده: "إنها أم الرياضات وتمثل الروح التركية".

ويأمل المقاول الزراعي من شرق تركيا أن تنتشر هذه الرياضة التي يمارسها منذ كان مراهقا، عبر البلاد لتضاهي شعبيتها يوما ما شعبية كرة القدم. هذا ما يهدف إليه "المهرجان الثقافي لرياضات الشعوب التركية" الذي يريد منظموه من خلاله الترويج للرياضات التي كان أسلافهم يمارسونها من الفرسان البدو في آسيا الوسطى إلى الإنكشاريين في السلطنة العثمانية، ويسعون عبر ذلك إلى الاحتفاء بماضي تركيا الظافر.

وإلى جانب كونه تجمعا ذا طابع تراثي، يندرج هذا الحدث في إطار جهود الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للعودة إلى الجذور العثمانية لتركيا. ويوضح بلال أردوغان أحد أبناء الرئيس التركي وهو راعي المهرجان ومن عشاق رياضة الرماية بالقوس: "نريد أن نحيي قيمنا التقليدية بدءا بالرياضة من أجل التقدم نحو المستقبل مسلحين بهذه القيم".

وقد حُول موقع مخصص للتجمعات السياسية على الضفة الأوروبية لإسطنبول، إلى مخيم عثماني مع مصارعين وفرسان يشاركون في مسابقات وعروض إلى جانب ورش للمطبخ التقليدي ورقصات فولكلورية من آسيا الوسطى وحياكة السجاد في الهواء الطلق.

وأمام خيمة تقليدية يقوم عدنان بالاوان، المنحدر من مدينة بورصة شمال غرب تركيا عاصمة العثمانيين الأولى، بعرض "السيف والترس". ويقول: "بدأت ممارسة هذه الرياضة في سن الثامنة. ورغم أني صرت اليوم في سن السابعة والخمسين، إلا أنني ما زلت أتأثر بذلك مثل اليوم الأول".

وولدت غالبية هذه الرياضات من ممارسة الحرب التي طبعت حياة العثمانيين وسمعتهم بعدما امتدت إمبراطوريتهم في ذروتها من البلقان إلى الخليج، إلا أنها كادت تختفي مع انهيار الدولة العثمانية. ولكن معظم هذه الرياضيات صمدت حتى اليوم بفضل توارثها عبر الأجيال.

وتدرب أرديم على رياضة جيريت على يد والده وجده، وهو يملك جوادين ويمول بنفسه العدة التي يحتاج إليها. وقد وعد وزير الرياضة التركي،عاكف كاغاتي كيليتش، بأن توفر الحكومة الدعم المالي لتطوير هذه النشاطات، وأنه سيحث الأندية على الاهتمام بالرياضات التقليدية.

ويقول سادي بكر، بطل المصارعة التركية التقليدية: إن "الاهتمام بالمصارعة زاد في المدة الأخيرة، وتبذل الدولة مزيدا من الجهود في هذا المجال. ونتيجة لذلك حققنا خمس ميداليات ذهبية خلال بطولات أوروبا الأخيرة في المصارعة. قوة الأتراك السابقة تبرز من جديد".

ويشير يعقوب، وهو مدرب لرياضة الرماية بالسهام التقليدية إلى الاهتمام المتزايد بهذه الرياضة. ويقول مبتسمًا وهو يرتب سهامه في جعبة جلدية: "بات لدينا أكثر من ألف عضو". ويرى أن إقبال الشباب على هذه الرياضة يرجع خصوصا إلى المسلسلات التلفزيونية التي تتناول سيرة حياة السلاطين، والتي كثرت في السنوات الأخيرة".

ويأمل منظمو المهرجان في أن يكون حضور أكثر من 800 ألف مشاهد باعثا للأمل، وأن يثير الحدث شغفا بهذه الرياضات في نفوس التلاميذ الذين يشاركون مع مدارسهم. وهم يحلمون حتى بتنظيم "ألعاب أولمبية تركية" في غضون خمس سنوات تجمع رياضيين من آسيا الوسطى والقوقاز والبلقان.

وقال بلال أردوغان في كلمته في افتتاح المهرجان: "قد لا يدرك البعض أهمية ما نقوم به اليوم، إلا أننا سنقطف الثمار يوما ما. وبإذن الله سيكون القرن الحادي والعشرين عصرنا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!