برهان الدين دوران - الصباح التركية - ترجمة وتحرير ترك برس

يراقب أردوغان وعود الاتحاد الأوروبي التي لم يتم الوفاء بها بعناية شديدة، ويتحدث عن عدم موثوقية أوروبا أمام الشعب التركي. لهذا السبب، صورته أمام قادة الاتحاد الأوروبي هي أنه تركي استبدادي.

يعارض السياسيون الألمان خطط الرئيس رجب طيب أردوغان في تلبية المواطنين الأتراك خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ هذا الأسبوع. حيث أعلن وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل أنه تم رفض طلب تركيا بسبب المخاوف الأمنية والمناخ السياسي في ألمانيا. وهذا ليس جديداً: في تموز/ يوليو 2016، منعت السلطات الألمانية القائد التركي من مخاطبة المشاركين في مسيرة مؤيدة للديمقراطية في كولونيا. وكونه لا توجد مشكلة مع قادة حزب العمال الكردستاني - حزب الاتحاد الديمقراطي الذين يلقون الخطب داخل حدودهم وتوفير ملاذ آمن لمتآمري الانقلاب والمنتمين لغولن، لا يكاد يكون موقف ألمانيا منسجماً مع حقيقة أن تركيا حليف للناتو وبلد مرشح للاتحاد الأوروبي.

ولكي نكون واضحين، عرف الشعب التركي لبعض الوقت أن الحكومة القوية في ألمانيا ترغب في عكس شعور الديمقراطية وحرية التعبير من أجل مصالحها الوطنية. فلا يأخذ القادة الألمان في الاعتبار انتخابات أيلول/ سبتمبر 2017. ويواجه الإعلاميون والسياسيون الأوروبيون مشكلة أكبر بكثير: فهم لا يعرفون كيفية التعامل مع الرئيس أردوغان الذي أثبت مراراً وتكراراً أنه يستطيع تحريك شعبه لصالحه ولصالح تركيا.

لا سيما منذ محاولة الانقلاب في الصيف الماضي، يعتبر المستقبل السياسي لأردوغان وبقاء تركيا ورفاهها واحداً للملايين من الأتراك. وليس سراً أن القادة الأوروبيين يحلمون بتركيا التي لم يعد أردوغان يهيمن فيها على السياسة الوطنية. وحقيقة أن بعض الحكومات الأوروبية، بناء على تعليمات من ألمانيا، تؤيد علناً ​​حملة "لا" قبل الاستفتاء الدستوري في 16 أبريل/ نيسان هي مثال على ذلك. ولسوء حظهم، فاز أردوغان بالتصويت الشعبي رغم مختلف التحديات. في رأيهم، كان من المفترض الإطاحة بأردوغان من السلطة نتيجة تمردات بارك غيزي والانقلاب القضائي في كانون الأول/ ديسمبر 2013 أو محاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو.

وفي الوقت الذي تصمد فيه تركيا أمام الهجمات وتتخذ خطوات للتصدي للتهديدات الأمنية الناجمة عن سوريا والعراق، أصبحت صورة أردوغان العامة ساحة معركة. في السنوات الأخيرة، عززت وسائل الإعلام الغربية فكرة أن الرئيس التركي كان إسلامياً استبدادياً. وحينما تتخذ الحكومة التركية خطوات جريئة في السياسة الخارجية، فإن الناس الذين لا يشعرون بالتعاطف معها يصفون الطيب أردوغان وصفاً سلبياً؛ بهدف استهداف تركيا. على الرغم من أن السرد الذي دفعته وسائل الإعلام الغربية لا علاقة له بالوقائع على الأرض، إلا أن الأوصاف السلبية مستنسخة للهجوم على الأتراك في المستقبل. بعد أزمة الطائرة، نشرت وسائل الإعلام الروسية بشكل غير قابل للرقابة أخباراً ضد أردوغان. وفي الوقت الحاضر، تسببت اعتراضات تركيا على الحصار القطري في توجيه الاتهام إلى أردوغان بالطائفية من قبل وسائل الإعلام الخليجية. ولا يهمنا أن الرئيس التركي كان من أوائل الناس في الشرق الأوسط الذي حذر من التهديد الطائفي، وينتقد بشكل علني وصريح التوسع الإيراني، ونبذ ورفض الاستقطاب السني الشيعي.

بالعودة إلى مشكلة أوروبا مع أردوغان، هناك سببان وراء عدم تمكن القادة الأوروبيين من تحديد طريقة التعامل مع الرئيس التركي. أولاً، إن أردوغان ملتزم تماماً بالبحث عن المصالح الحيوية للأمن القومي في تركيا، ومن ثم ينتقد علناً ​​الاتحاد الأوروبي. وبعبارة أخرى، يشعر قادة الاتحاد الأوروبي بالإحباط تجاه أردوغان لأنه يراقب ويدرك وعودهم التي لم تتحقق ويتحدث عن عدم ثقة الشعب التركي بأوروبا. كما أن الأوروبيين ليسوا سعداء بفكرة أردوغان أن تركيا ليست بلداً يمكن التلاعب بها بسهولة. ومن هنا، يُعتبر أردوغان تركياً استبدادياً لا يمكن التنبؤ به، بل وفي نهاية المطاف يثير استياء أوروبا. المشكلة الثانية لقادة أوروبا هي أنه ليس لديهم خياراً سوى التعاون مع أردوغان على الرغم من أنهم لم يعودوا قادرين على إدارة علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا. ومن المفارقات، أن صورة أردوغان كقائد شعبي تطارد السياسيين الأوروبيين في بلدانهم.

ومن هنا، فالمخرج الوحيد للقادة الأوروبيين هو قبول أردوغان كرئيس لكل شعب تركيا.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس