جيرين غورسيلير أوزبيغيتش - مركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات - ترجمة وتحرير ترك برس

مرة أخرى يُختبر حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال وضع مدينة القدس. وعلاوة على ذلك أدت الإجراءات الإسرائيلية في مجمع الحرم الشريف وسط التوترات القائمة إلى رد فعل  قوي من جانب الفلسطينيين. وفي النهاية ألغت تل أبيب إجراءاتها الأمنية المثيرة للجدل التي هددت طبيعة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وهذا التراجع من جانب إسرائيل يمكن أن يفسر على أنه نجاح للفلسطينيين، لكنه لا يمكن أن يضمن أن الحكومة الإسرائيلية سوف تمتنع عن اتخاذ خطوات مماثلة ومثيرة للجدل في المستقبل.

لم يتفاعل المقدسيون فحسب مع الإجراءات الإسرائيلية بل انضم إليهم أيضا بقية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وشاركوا في المظاهرات، كما ظهرت إشارة غير مألوفة على الوحدة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، حيث دعت حماس وفتح إلى احتجاجات لإظهار الرفض للإجراءات الإسرائيلية. وأعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستعلق تعاونها الأمني مع إسرائيل. لقد تم اختبار المشهد الفلسطيني بشأن التوترات في القدس، وصار مفهوما أن الفلسطينيين ما يزالون يرفضون الاحتلال الإسرائيلي وسياساته ذات الصلة.

إن توقيت التوترات الأخيرة أمر مهم نظرا لقيام دول معينة بتغيير التوازن والمشهد السياسي في الشرق الأوسط. وبعبارة أخرى، فإن إسرائيل تهدف إلى أن تتحول من عدو إلى صديق بصرف النظر عن الجمود في الصراع الفلسطيني. وبدلا من ذلك، تصور إيران بوصفها العدو المشترك للشرق الأوسط حتى يمكن إنشاء جبهة مقبولة وموحدة والحفاظ عليها.

ومن ثم يمكن القول إن التوترات وردود الأفعال على الصراع فيما يتعلق بمجمع الحرم الشريف كانت أيضا اختبارا لبقية دول منطقة الشرق الأوسط. لقد أصبحت قيمة البعد الديني للصراع الفلسطيني الإسرائيلي أداة فريدة يمكن أن تجتذب الدعم من العالم الإسلامي بعد تراجع أهمية القضية الفلسطينية لصالح زيادة الاهتمام بالصراع  في سوريا والعراق في الأجندة السياسية في الشرق الأوسط. ويمكن لردود الأفعال التي صدرت من العالم العربي أن تقدم تفسيرا لإمكانية قيام الدول العربية بصنع السلام مع إسرائيل على الرغم من استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعلى الرغم من البعد الديني للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي تجلى في الأحداث الأخيرة، يمكن القول إن الجماهير العربية والدول العربية لم تتخذ أي ردود أفعال قوية ضد إسرائيل.

وفي الختام، تمكن الفلسطينيون من مقاومة كثير من الإجراءات الإسرائيلية في مجمع الحرم الشريف. وإذا كان الفلسطينيون لم يحصلوا سوى على دعم محدود من العالم العربي، فإن هذا لا يعني أن أي عدوان آخر على الأماكن الدينية المقدسة في القدس سوف تقبله الدول العربية والجماهير العربية على حد سواء، لأن القدس لها أهمية دينية ورمزية كبيرة في الإسلام. وقد امتنعت فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية عن إبراز البعد الديني للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وعلى الرغم من هذه الحقيقة، فقد أكدت تل أبيب البعد الديني للصراع، كما أن بعض الهجمات الفلسطينية على قوات الأمن الإسرائيلية بالقرب من المسجد الأقصى يمكن تفسيرها على أنها تؤكد البعد الديني للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس