بلال وهبة - تركيا نيوز

"واثق من أن المسلمين هم من اكتشف القارة الأميركية في القرن الثاني عشر وليس كريستوفر كولومبوس الذي وصلها بعد ذلك بـ200 سنة". بهذا التصريح استبق أردوغان زيارة البابا الى تركيا، وليأتي أيضا كرد على تصريحات البابا الأخيرة عن الاسلام والجهاد، ليقول للعالم أن بلاد الحضارة اليوم قد اكتشفها المسلمون وأخرجوها الى النور، ليتضح أن الاسلام دين حضارة وانفتاح ولولا رجاله لما كانت الولايات المتحدة موجودة اليوم.

عندما نتكلم عن تركيا، نرى أردوغان، وعندما نرى أردوغان، نتكلم عن ثورة، حيث انتقل أردوغان بتركيا، من دولة ذات اقتصاد على شفير الانهيار، الى دولة ذات اقتصاد من اقوى اقتصاديات العالم، حيث صنف مؤخرا, بالرقم السادس عشر بالترتيب العالمي، ودخول تركيا مجموعة العشرين، هذا على المستوى الاقتصادي ، أما على المستوى السياسي، دخلت تركيا بقوة على الساحة الاقليمية ،حيث أصبحت تركيا لاعبا اقليميا رئيسيا، وتشكل محورا أساسيا، لكي تكون صاحبة النفوذ الاكبر في الشرق الأوسط ، وأما على المستوى الاجتماعي والثقافي ، فالسينما التركية احتلت الشاشات العربية مصدرتا أفكار وبيئة المجتمع التركي، واخيرا، برزت بشكل لافت، الاعمال التي تتحدث عن العهد العثماني وما اعطاه من أمجاد للاسلام ،مدغدغة مشاعر اكثرية العرب، و لا يمكننا ان ننسى أن المنتوجات التركية اصبحت تغزو الاسواق العربية، بعد ان بدلت تركيا خياراتها بتغيير بوصلتها بتجاه اوروبا الى الشرق الاوسط.

فمن روحية التجربة الأردوغانية، في بناء الدولة الاسلامية الحديثة، الديمقراطية، ذات الاقتصاد المتين، القوي، في زمن ليس فيه اي دولة اسلامية نموذجية حقيقية، تتماشى مع روحية ،وحداثة، وتطور العصر، ينظر الغرب لتركيا على أنها بوابة العالم الاسلامي، ومن هذا المنطلق كانت زيارة بابا روما الى تركيا، حيث تشكل نسبة المسلمين في تركيا حوالي 98% من مجمل عدد السكان.

وتهدف زيارة البابا لتركيا الى تعزيز العلاقات مع الكنيسة الأرثوذكسية التي يتبعها 250 مليون شخص في العالم، ومع بطريرك القسطنطينية، كما تهدف ايضا الى تعزيز العلاقات الإسلامية - المسيحية، فالبابا ينظر الى الحكومة التركية بصفتها نموذجاً للإسلام السياسي، وهو يريد الاستفادة من هذه الزيارة من اجل تطبيق رؤيته الى العلاقات الإسلامية - المسيحية في القرن الحادي والعشرين، ومن أجل احلال السلام في الشرق الأوسط حيث يتعرض المسحيين الى خطر حقيقي في العراق وسوريا، مستنجدا بتركيا حماية الأقليات معتبرا أن تركيا هي الدولة الوحيدة القادرة على حماية المسحيين في مناطق النزاع بما تمثله سياستها من تسامح وحماية واحتواء للأقليات بشكل عام والمسحيين بشكل خاص، وقد قابل أردوغان هواجس وطلب البابا بالقول إنه يتفق في الرأي معه في كل المواضيع المطروحة، مشدداً على أهمية الزيارة التي يقوم بها البابا بالنسبة الى المسلمين والمسيحيين، كما ندد أردوغان بمشاعر العداء للمسلمين التي تجتاح الدول الأوربية، منبهاً الى ضرورة عدم الخلط بين المسلمين والارهابيين.

وفي تركيا الدولة المسلمة تم اذاعة إعلانا مشتركا بين البابا فرنسيس والبطريرك المسكوني برثلماوس الأول  في نهاية اجتماعهما الأحد، والذي يصادف عيدا مهما للكنيسة الأرثوذكسية، وكانت قد انفصلت الكنيستان الكاثوليكية والأرثوذكسية عام 1054 بسبب خلافات على سيادة البابوية، وفي نهاية صلاة مشتركة السبت، انحنى فرنسيس لبرثلماوس ملتمسا بركته، في استعراض مهم للاحترام البابوي لبطريرك أرثوذكسي، وهو ما يسلط الضوء على أمل فرنسيس في إنهاء الشقاق.

الاعلان المشترك بين الكنيستان في تركيا ، يعني أن تركيا ليست أرض الحوار المسيحي - الاسلامي فقط، بل أرض الحوار والالتقاء المسيحي – المسيحي، وهذا ما يعزز ايضا مكانة ودور تركيا في نظر الغرب على أنها أرض الحوار والتلاقي، تمثل الاسلام المعتدل الحديث الذي يهدف الى نشر المحبة والسلام بين البشر، فيمكن القول اليوم أن تركيا أصبحت بوابة الشرق والسلام.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس