ترك برس

نظّم الوقف الدولي للأبحاث التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية "أوتيساف"، التابع لجمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين "موصياد"، برنامج المناخ الفكري تحت شعار المهاجرون وكيفية الاستفادة من مهارات وكفاءات المهاجرين من خلال وضع استراتيجيات متعددة فيما يتعلق بالمهاجرين في تركيا.

وجرت فعاليات البرنامج في مقر جمعية موصياد بإسطنبول، وشارك فيه أعضاء من الهيئة التدريسية بجامعة إسطنبول ميديبول مثل د. كرم ألكين, أ.د. بيرات أوزيباك، ود. خديجة كاراهان، ود. فائق تانري قولو، بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات الأهلية ومسؤولين في البرلمان التركي ونخبة من الأكاديميين ورجال الأعمال الأتراك والسوريين.

تطرق برنامج المناخ الفكري إلى لجوء الملايين من السوريين إلى تركيا بسبب الحرب المشتعلة فيها منذ 6 سنوات، وأثر ذلك على الاقتصاد التركي، وافتتح البرنامج بكلمة من وكيل رئيس وقف أوتيساف محمد دفلي أوغلو.

وفي كلمته أشار دفلي أوغلو إلى أن أهمية وضع حلول دائمة وملائمة لقضية اللجوء التي باتت تفرض نفسها بقوة على الساحة التركية، مؤكدًا حرص الوقف على تناول القضايا الساخنة وإيجاد الحلول المناسبة لها وفق استراتيجية واضحة ومحددة.

مهارات اللاجئين المختلفة تقتضي وضع خطط استراتيجية متعددة

كما تحدث الأستاذ كرم ألكين المُحاضر في جامعة إسطنبول عن واقع تركيا بعد الاستفتاء الأخير، وقال: "تركيا التي شهدت تحولًا تاريخيًا مهمًا في 16 نيسان/ أبريل بحاجة اليوم إلى وضع خطط استراتيجية في مجالات متعددة مبنية على أسس قيمية راسخة آخذة بعين الاعتبار النظرة الشمولية للأحداث والتطورات التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية".

وأشار ألكين إلى استراتيجية الهجرة المطبقة في الولايات المتحدة الأمريكية التي وصفها بأنها الأكثر نجاحًا في العالم، حيث أن الجيل الثاني والثالث من المهاجرين فيها قد أسّسوا العديد من الشركات التكنولوجية الريادية في العالم، مثل أبل، وغوغل، وفيسبوك، وأمازون، وياهو.

ونوّه إلى أنه حتى تستفيد تركيا من أصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية من اللاجئين المقيمين في أراضيها عليها أن تضع الاستراتيجيات الواضحة للاستفادة منهم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وفي حال لم تقم بذلك فإن الواقع التركي سيدفع أصحاب الكفاءات العلمية والفكرية إلى الهجرة والبحث عن مناخ ملائم لها، ما ينعكس سلبًا على نمو الاقتصاد التركي وتطوره.

وأضاف: "إن لم يكن الإعلام قد سلط الضوء عليهم، فإن تركيا تستضيف العديد من الفنانين والموسيقيين والنحاتين من اللاجئين اللامعين في مجالات متعددة، وعلينا الاستفادة من هذه المهارات والكفاءات، وذلك من خلال وضع استراتيجيات متعددة: كاستراتيجية خاصة للعاملين في مجال التصنيع، واستراتيجية خاصة للمستثمرين في مجال الإنتاج، واستراتيجيات تبدأ من الرياضة وتنتهي بالفن، فواقع تركيا يحتم علينا الاستفادة من اللاجئين ووضع الاستراتيجيات التنموية في مجالات متعددة".

التضليل الإعلامي حول اللاجئين في تركيا

سلّط الأستاذ الدكتور بكير بيرات أوزيباك الأستاذ في جامعة إسطنبول مديبول الضوء على التضليل الإعلامي حول اللاجئين في تركيا، حيث قال: "إن الإعلام يعطي صورة مغلوطة عن الواقع، فحيث إن وسائل الإعلام توحي للناس أننا نعيش في حالة من التفرقة بين اللاجئين على أساس العرق إلى جانب إطلاقها أحكامًا مسبقة مبنية على أسس اقتصادية مغلوطة".

وأشار أوزيباك إلى أن الأحكام المسبقة التي يطلقها الإعلام مثل "أن الاجئين باتوا يشكلون عبئًا على الاقتصاد التركي وأن الدولة تأخذ حق المواطن التركي لتعطيه للاجئين" موجودة ومتداولة بكثرة في الإعلام اليوم، مضيفًا: "بالنسبة لنا لا يعنينا مثل هذا التضليل الإعلامي بقدر ما يعنينا التعاطي الإنساني مع قضية اللجوء بما يتناسب مع مبادئنا وحضارتنا الممتدة لآلاف السنين".

كل مهاجر في الخارج ممثل لتركيا

 ومن جهته، أشار يوسف جواهر عضو مجلس أمناء وقف أوتيساف إلى واقع المهاجرين في تريكا وورش العمل الاقتصادية، وقال: "باعتباري كثير السفر إلى الخارج فإنني سأتكلم في جانبين: الجانب الأول: بالأمس كان القانون التركي لا يعطي للطلاب الأجانب الذين يدرسون في تركيا حق العمل وهذه خسارة لتركيا وهدر للوقت، أما الآن وبفضل الله تم تجاوزه".

وأضاف جواهر: "أما الجانب الآخر فهو أن اللاجئ ما اختار تركيا إلا ليحافظ على حياته، وهذا فيما بعد سيكون ممثلًا لنا في الخارج، وأرى أن هذا الأمر بحاجة إلى أن نقف عنده قليلًا".

وذكر جواهر أن رئيس وزراء ليبيا الأسبق المهندس محمد المنقوش الذي توفي في تركيا في شهر آذار/ مارس 2016 أنهى دراسته الثانوية في ثانوية كبطاش بإسطنبول بمنحة تعليمية، ثم التحق بجامعة يلدز التقنية، وأكمل دراسته الجامعية فيها أيضًا بمنحة تعليمية، ولما رجع إلى ليبيا استلم حقيبة وزارة الإسكان، ثم استلم رئاسة مشروع النهر الصناعي، وبعد ست سنوات استلم اللجنة الشعبية العامة ورئاسة الوزراء ثم رجع إلى تركيا حيث عمل سفيرًا لليبيا في تركيا لست سنوات.

وتابع جواهر قائلًا: "في السبعينيات من القرن الماضي، استقدم المنقوش المقاولين الأتراك إلى ليبيا. فالمشاريع الإسكانية الضخمة التي نفذها المقاولون الأتراك في ليبيا هي التي جعلتهم أصحاب مال وجاه وريادة. وهذا الفضل كله راجع إلى محمد المنقوش، وقول هذا هو من قبيل العهد والوفاء منا لهذا الرجل الذي أنهى دراسته الجامعية في تركيا".

أشرفت الدكتورة خديجة كاراهان على الجلسة الثانية من البرنامج التي شارك فيها مسؤولون برلمانيون ورجال أعمال لمناقشة الفرص والتحديات التي تواجه المهاجرين في تركيا، إلى جانب مناقشة عمل المنظمات الأهلية وأثر الهجرة على الاقتصاد والنسيج الاجتماعي والخطوات المتبعة في ذلك.

وتمت كذلك مناقشة تجارب بعض المدن التركية في التعامل مع اللاجئين السوريين وتقديم الإحصاءات والدراسات الاستقصائية حول ذلك، لتنتهي الجلسة بتوصية وضع الخطط الاستراتيجية في قضية الهجرة على المدى القصير والبعيد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!