يشار ياكيش - موقع آراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس

التقى رئيس الأركان الإيراني، اللواء محمد باقر نظيره التركي الجنرال خلوصي أكار، فى الرابع عشر من آب/ أغسطس الجاري، واجتمع بعدها بيوم مع وزير الدفاع، نور الدين جانيكلي، والرئيس رجب طيب أردوغان. وأعقبت زيارة باقري أنقرة زيارة رئيس الأركان الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، كما سيزورها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس هذا الشهر.

لا يمكن أن يكون توقيت هذه الزيارات وترتيبها مجرد مصادفة بحتة، ذلك أن تركيا ترغب في أن توضح لأصدقائها وحلفائها موقفها بشأن مختلف القضايا الحاسمة بغية تجنب سوء الفهم غير الضروري، كما أنها قد تطمح إلى الحصول على موقف تفاوضي قوي في المحادثات مع ماتيس من أجل استباق احتلال ميليشيا وحدات حماية الشعب المدعومة أمريكيا لمدينة إدلب.

تناولت محادثات رئيس الأركان الإيراني كلها تقريبا جميع القضايا ذات الآثار العسكرية، وأهمها القضية الكردية.

مواقف البلدين من هذه القضية ليست متطابقة ولكنها متقاربة، فقد أوضحت إيران أنها تعارض الاستفتاء الذي تخطط الحكومة الإقليمية الكردية لعقده يوم 25 أيلول/ سبتمبر. ويختلف القادة الأتراك مع توقيت الاستفتاء وليس مضمونه. وبمزيد من الجهود الصادقة يمكن أن يتحد هذان الموقفان.

تعارض تركيا بشدة إعلان الكانتونات الكردية المستقلة في مختلف المحافظات السورية التي يطلق عليها الأكراد روج آفا، بينما تركز إيران أكثر على خط الإمدادات المتصل لحزب الله اللبناني. وليس من الواضح ما إذا كانت طهران قد تقبل نوعا من الحكم الذاتي للأكراد أو اتحاد كونفدرالي، في إطار وحدة الأراضي السورية مقابل بقاء هذا الخط.

في الفصل السوري من المحادثات الثنائية، تتقارب المصالح التركية الإيرانية وتتعارض، حيث تؤيد إيران بقوة استمرار نظام الأسد، في حين تفضل تركيا بشدة إزاحته من السلطة فورا، على الرغم من أن المجتمع الدولي أعطى أولوية عليا لمحاربة داعش.

وتتفق إيران مع النظام السوري على تصنيف جميع الجماعات التي تقاتلها إرهابية، في حين تدعم تركيا بعضها، مثل أحرار الشام، وتدرب وتزود الآخرين مثل الجيش السوري الحر. وعارضت إيران العملية العسكرية التركية في شمال سوريا المعروفة باسم درع الفرات ووصفتها  بأنها "انتهاك غير مقبول للسيادة السورية". وقال أردوغان خلال زيارته للبحرين في 14 فبراير/ شباط "إن هناك من يعملون جاهدين على تقسيم العراق".

ولكن على الرغم من هذه المصالح المتباينة والاتهامات المضادة، فإن تركيا وإيران تشعران بالقلق لأن هيئة تحرير الشام التي كانت تعرف سابقا باسم جبهة النصرة، سيطرت تدريجيا على مدينة إدلب السورية الشمالية الغربية. وقد اكتسبت ميزتين إضافيتين بالإطاحة، في 23 يوليو/ تموز، بجماعة أحرار الشام، وذلك بالاستيلاء على نقطة العبور الحدودية في باب الهوى.

يشعر البلدان بالقلق من نجاح هيئة تحرير الشام، ولكل منهما أسبابه، حيث يرجع قلق تركيا إلى أن حركة أحرار الشام التي كانت تدعمها قد تتفكك، وقد تنضم بعض المجموعات فيها إلى الهيئة، وهذا من شأنه أن يقيد بشدة أي دور تركي في إدلب. لذلك من المرجح أن تسعى تركيا إلى تمكين أحرار الشام من استعادة السيطرة على المدينة، في حين تفضل إيران طرد كل من هذه المنظمات وغيرها من الجماعات القتالية الأصغر حجما من المدينة ونقل سيطرتها إلى النظام السوري.

تناولت المحادثات مع الجنرال باقري أيضا التعاون التركي الإيراني في محافظة عفرين السورية المجاورة، حيث أعلنت تركيا نيتها تنفيذ عملية عسكرية لتفكيك الكانتون المستقل الذي أعلنته في 29 يناير/ كانون الثاني 2014 وحدات حماية الشعب وفرعها السياسي، حزب الاتحاد الديمقراطي.

على الجبهة الروسية الإيرانية، فإن الزيارات المتتالية لتركيا من قبل رؤساء الأركان العسكرية قد تسهل إزالة العقبات المتبقية في توسيع مناطق نزع السلاح إلى إدلب. وهو ما لا تتفق معه تركيا تماما بسبب مخاوفها من استهداف الضامنين لاتفاق نزع السلاح لمقاتلي المعارضة.

على أنه ليس من السهل معرفة مدى تعاون تركيا مع إيران. ولا يبدو أن التعاون الاستراتيجي مدرج على جدول أعمال أي منهما، ولكن التعاون التكتيكي في سوريا والقضية الكردية أمر ممكن وحتى مقبول. وبالنظر إلى الموقف القوي لإيران وروسيا في سوريا، فإن هذا التعاون سيكون ممكنا إذا اتخذت تركيا خطوات نحو هذا الموقف المشترك.

عن الكاتب

يشار ياكيش

وزير الخارجية التركي الأسبق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس