يشار ياكيش - آراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس

توصف منظومة الدفاع الصاروخي الروسية S-400 بأنها أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورا في العالم،حيث يمكنها تتبع ما يصل إلى 80 هدفا في نفس الوقت، وقادرة على ضرب هدفين في آن واحد، ويمكنها أن تدمر الطائرات وصواريخ كروز وصواريخ متوسطة المدى والطائرات بدون طيار وأنظمة المراقبة المحمولة جوا.

وقد اشترت تركيا هذه المنظومة أخيرا من روسيا. وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي: "لقد وقع أصدقاؤنا للتو (اتفاقية) بشأن صواريخ إس- 400 وتمّ سداد عربون. وستستمر العملية بقروض من روسيا لنا".

لم تُكشف سوى عن تفاصيل صغيرة بشأن الصفقة. ووفقا للمعلومات المتاحة، ستحصل تركيا على بطاريتي صواريخ من طراز S-400، ربما في نهاية عام 2019. وستصنع بطاريتان أخريان لاحقا في تركيا بموجب ترخيص، وستوفر الشركات التابعة لهيئة الصناعات العسكرية التركية نظام "تحديد صديق أو عدو" ويركب في روسيا قبل التسليم.

لم يكن قرار أنقرة شراء منظومة S-400 مفاجئا، فعندما اندلعت حرب الخليج الثانية طلبت تركيا من حلفاء الناتو نشر صواريخ باتريوت فى المطارات القريبة من الحدود العراقية لحمايتها من الهجمات الجوية المحتملة. وافق حلفاء الناتو على مضض، ولكنهم وضعوا عدة شروط. ورفضت الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا تجديد نشرها وسحبت صواريخها من تركيا في الوقت الذي استمرت فيه حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

وقد شعرت تركيا بخيبة أمل شديدة إزاء هذا الموقف من حلفائها في الناتو. وبدأت في البحث عن إنشاء نظامها الخاص للدفاع الصاروخي وفتحت مناقصة لهذا الغرض. وقد تبين أن العطاءات التي قدمتها بلدان حلف شمال الأطلسي كانت أكثر تكلفة بكثير. طلبت تركيا تصنيع بعض المعدات في أرضها، مع نقل بعض التكنولوجيا، لكن طلبها لم يلق أذنا صاغية من حلفائها.

ظهر العرض الصيني على أنه العرض الأنسب، ولكن تركيا لم تتمكن من إتمامها، فكانت الصفقة مع روسيا.

يدعم نظام الدفاع الجوي البري لحلف شمال الأطلسي (NADGE) نظامًا آخر للناتو يدعى أواكس (منظومة السيطرة والإنذار المبكر المحمولة جوا). وفي هذا النظام تعد الثواني بالغة الأهمية في تحديد الصاروخ الموجه إلى بلدك واعتراضه. وحيث إن نظام أواكس محمول جوا، فإن لديه القدرة على رؤية أعمق في أراضي العدو، وبالتالي يعطي إشعارا بإطلاق أي صاروخ للعدو.

في المقابل فإن منظومة S-400 فعالة في تدمير طائرات العدو أو الأهداف البرية. ولا يصطدم الصاروخ بصاروخ العدو، بل ينفجر على مسار الصاروخ القادم في جزء من الثانية قبل أن يفجره ويمنعه من الوصول إلى هدفه.

ويزعم بعض المحللين الدفاعيين أن الاتفاق مع روسيا يعد مؤشرا على أن تركيا تتوقع هجوما من الغرب. إن مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي عالقة، وهناك توتر بين تركيا والناتو أو الاتحاد الأوروبي.

قد يحدث أي شيء على المدى البعيد، ولكن ليس هناك دليل مقنع على أن تركيا قد تكون هدفا لهجوم من الغرب في المستقبل المنظور. ولذلك، فمن الأسلم تفسير الصفقة بوصفها علامة على العلاقات الطيبة بين تركيا وروسيا بدلا من كونها علامة على اشتباك عسكري محتمل بين تركيا والدول الغربية.

ونظرا لأن منظومة S-400 ليست مصممة لتكون قابلة للتشغيل مع نظام الدفاع الجوي البري لحلف شمال الأطلسي، فستحدث ازدواجية تكلف دافعي الضرائب التركية أكثر قليلا من 2.5 مليار دولار، ولكن المعنى السياسي للصفقة ربما يكون أكثر أهمية من مساهمتها في الدفاع التركي.

تفاوت رد فعل حلفاء الناتو على الصفقة. واستخدم البنتاغون لغة حذرة، معربا عن قلقه قائلا: "إن فكرة شراء الحلفاء معدات قابلة للتشغيل البيني جيدة". وذهب وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل إلى أبعد من ذلك وقال إن برلين ستعلق جميع صادرات الأسلحة إلى تركيا. هناك أسباب أخرى لهذا القرار من جانب ألمانيا، ولكن قضية S-400 قدمت عذرا إضافيا.

وعلى الرغم من تآكل الثقة المتبادلة، فمن المرجح أن تبقى تركيا فى الناتو، ولكنها ستتمتع أيضا بعلاقات طيبة مع روسيا. وقد يكون هذا وضعًا ملائمًا بين الناتو وروسيا.

عن الكاتب

يشار ياكيش

وزير الخارجية التركي الأسبق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس