ترك برس

رأى المفكّر الموريتاني الدكتور محمد مختار الشنقيطي، أن الأزمة الخليجية ستكون لها آثار استراتيجية على ثورات الربيع العربي، بعضها إيجابي، وهو وضوح الاصطفافات بعد الأزمة، مشيرًا إلى أن قطر وتركيا لم تعودا ملزمتين بمجاملة دول الثورة المضادة.

جاء ذلك خلال حوار مع صحيفة "الشرق" القطرية، ردًا على سؤال عمّا إذا كانت للأزمة آثار سلبية على الربيع العربي "خاصة أن الحصار المفروض على قطر من أجل دعمها للربيع العربي وتطلعات الشعوب".

وقال الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية بجامعة حمد بن خليفة، إنه "كان طموح الذين أشعلوا الأزمة أن يجعلوها نهاية الربيع العربي، من خلال السيطرة على قطر، وحرمان الشعوب العربية الثائرة من الدعم المعنوي والإعلامي الذي تحصل عليه من قطر".

واستدرك: "لكنهم فشلوا في ذلك، كما فشلوا في مسعاهم لإسقاط الرئيس التركي أردوغان العام الماضي، وكان من أهدافهم آنذاك منع الدعم المعنوي والمأوى الذي توفره تركيا للثوار العرب. فالتأثير الذي قصده مشعلو الأزمة فشل".

وأضاف: "لكن من المؤكد أن الأزمة ستكون لها آثار استراتيجية على ثورات الربيع العربي، بعضها إيجابي، وهو وضوح الاصطفافات بعد الأزمة، فلم تعد قطر وتركيا ملزمتين بمجاملة دول الثورة المضادة، وبدأ سلوك الدولتين السياسي يتسم بالعفوية والانسجام مع المبادئ التي تتباها قيادتا الدولتين بشكل أوضح.

وبحسب الشنقيطي، فإن "من آثار الأزمة أيضا التقارب التركي — القطري مع إيران الذي تسببت فيه الأزمة، وسيكون لهذا التقارب أثر عميق على بعض الثورات العربية، خصوصا الثورة السورية".

وأشار المفكر الموريتاني إلى أنه لا يستبعد أن "تتوصل الدول الثلاث (تركيا وقطر وإيران) إلى تصور مشترك لمستقبل سوريا، وتقنع به روسيا، بعيدا عن القوى الإقليمية والدولية الأخرى".

من جهة أخرى، قال الشنقيطي إن المستفيد الأول من الأزمة هي القوى الدولية الساعية للتلاعب بالمنطقة، وهدم عناصر قوتها المادية والمعنوية، واستنزافها في الصراعات الداخلية، وإشغالها بذلك عن أي بناء حضاري.

كما أن بعض الأطراف الإقليمية استفادت من الأزمة، وبعضها خسرت. فأكبر المستفيدين الإقليميين هي إيران التي استثمرت الأزمة بذكاء، واتخذتها فرصة لإعادة تأهيل نفسها في المنطقة، بعد أن كانت سمعتها في الحضيض بسبب سياساتها في العراق وسوريا واليمن.

وتركيا هي المستفيد الثاني من الأزمة، حيث وجدت فيها فرصة لتوسيع نفوذها الإقليمي، وتوطيد علاقاتها التاريخية بالجزيرة العربية، والاستفادة من السوق القطري اقتصادياً، بعد أن فرَّطت فيه السعودية والإمارات.

ويبقى الخاسر الأكبر من الأزمة هي السعودية التي ستشهد تراجعاً استراتيجياً كبيراً، خاصة أنها دفعت المنطقة إلى اصطفافات جديدة ستزيد من تحجيم السعودية وتقزيمها، إضافة إلى الخسارة المالية الضخمة التي ستخسرها السعودية بعد أن فقدت السوق القطري، بحسب الشنقيطي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!