طه داغلي – موقع خبر تورك – ترجمة وتحرير ترك برس

في السابع من مايو التقى نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس بحكومة الإقليم الكردي، وتوصل الطرفان لاتفاق بخصوص استفتاء انفصال الإقليم عن العراق.

وفي اليوم ذاته، اجتمعت حكومة الإقليم مع وزير الخارجية البريطاني وحددا تقويمًا للاستفتاء، وحصل الإقليم على وعد أمريكي بإجرائه في سبتمبر.

وفي 15 سبتمبر، قبل عشرة أيام من الاستفتاء طلب البيت الأبيض إلغاء الاستفتاء. وقبل أيام من إعلان واشنطن هذا أكدت مندوبتها في الأمم المتحدة نيكي هالي ومبعوثها إلى العراق وسوريا بريت مكغورك معارضتهما للاستفتاء.

فما الذي حدث حتى نكصت الولايات المتحدة على عقبيها؟

ما فعلته واشنطن في الواقع هو إخراج المارد من القمقم.

فبارزاني كان في مأزق سياسي منذ 2013.. ولايته منتهية، وبرلمان الإقليم معطل.

وبينما كانت أربيل تحت ضغوط طهران وبغداد، عانت في الوقت ذاته من الأزمة الاقتصادية.

الفرصة الأفضل للخروج من هذا المأزق كان اللعب بورقة الانفصال. ولهذا كان يواصل مساعيه خلال السنوات الماضية.

قرار الاستفتاء كان يعني بالنسبة لبارزاني استعادة الهيبة المفقودة، بيد أن العملية حافلة بالمخاطر. انطلق في طريقه بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.

ومع اقتراب موعد الاستفتاء رأينا أن الولايات المتحدة تخلت عن بارزاني، وتركته وحيدًا في منتصف الطريق.

فهل معارضة واشنطن الاستفتاء إلى هذا الحد نابعة من حرصها على وحدة التراب العراقي؟

إذا كان الأمر كذلك، لماذا دفعت بارزاني إلى هذا الطريق في مايو الماضي؟

من الواضح أن الولايات المتحدة لديها وصفة مختلفة لشمال العراق.

يبدو أن واشنطن تفكر في تصفية بارزاني، فمواقفها الأخيرة يمكن اعتبارها حملات تهدف لاتمام عملية التصفية.

لا بد من تفسير منطقي لدفع بارزاني إلى اتخاذ إجراء الاستفتاء، ثم التخلي عنه في منتصف الطريق.

لم تتخل واشنطن عن فكرة إنشاء دولة في شمال العراق، وسوف تنفذها. لكنها ستسلم هذه الدولة لحزب العمال الكردستاني وليس لبارزاني.

تقول الولايات المتحدة إن الوقت غير مناسب للاستفتاء، وتشترط القضاء على داعش تمامًا. وهي تجلب حزب العمال الكردستاني إلى المناطق التي ينسحب منها داعش في سوريا والعراق.

واشنطن دفعت بارزاني إلى إشعال فتيل الاستفتاء، والغاية من التخلي عنه الآن هي إزاحته تمامًا.

لن يكون من المدهش إلغاء أو تأجيل الاستفتاء، لكن هذا لا يعني أن المشروع الأمريكي بشأن كردستان قد انتهى.

وفي حال التوجه إلى صناديق الاقتراع ستثور فوضى وسينشب صراع بين أربيل وبغداد، يدخل فيه الحشد الشعبي وإيران. أما في حال التراجع عن الاستفتاء فسيعتزل بارزاني السياسة.

على الساحة الإسرائيلية، تؤكد تل أبيب على تأسيس كردستان مهما كانت الظروف، ولا تتراجع عن موقفها هذا شأنها في ذلك شأن واشنطن.

وفي الحقيقة، فإن بارزاني أقرب إلى إسرائيل منه إلى الولايات المتحدة. لكن ما يهم تل أبيب هو النتيجة. المهم تأسيس كردستان سواء أكان ذلك على يد حليفها بارزاني أم حليفها الآخر حزب العمال الكردستاني.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس