ترك برس

رأى الإعلامي المصري البارز، أحمد منصور، أن إسرائيل هي المستفيد الرئيسي من ولادة الدولة الكردية في المنطقة، لأنه يمكّنها من زراعة حليف وسط كيانات عربية وإسلامية معادية لها، على رأسها تركيا.

جاء ذلك في تقرير تحليلي نشرته صحيفة الوطن القطرية، في معرض تقييمه للدعم الإسرائيلي العلني لاستفتاء إقليم شمال العراق الذي جرى الأسبوع الماضي رغم رفض العديد من الدول، وفي مقدمتها تركيا وإيران، فضلًا عن الحكومة العراقية المركزية.

وأشار منصور إلى أن أكراد العراق سعوا قبل إعلان الانفصال إلى توسيع رقعة الإقليم، من خلال السيطرة على كثير من المناطق، التي كانت تخضع للموصل، وأقاليم عراقية أخرى، منتهزين فرصة الحرب على داعش، وضم مناطق غنية بالنفط والأهمية الاستراتيجية.

ورغم أن كثيرا من المراقبين يعتبرون الدولة الكردية الوليدة تحمل بذور الفشل من البداية، باعتبارها أقيمت رغما عن كل جيرانها، علاوة على أنها دولة داخلية، لا تملك أية منافذ برية أو بحرية أو جوية، لكن الدعم الأميركي- الإسرائيلي الإماراتي، جعل القائمين على أمرها يعتبرون عدم الاعتراف بها مسألة وقت فقط، وأن القوى التي عملت على ولادتها سوف تفرضها على جيرانها، شاؤوا أم أبوا.

وأضاف منصور أنه رغم الغضب التركي- الإيراني، أعلنت الولايات المتحدة عن إطلاق بناء سفارتها في كركوك عاصمة الدولة الوليدة على مساحة تبلغ مائتي ألف متر مربع، وبذلك ستصبح بالفعل ثالث أكبر سفارة أميركية في العالم، بعد سفارتي الولايات المتحدة في كل من بغداد ويريفان، عاصمة أرمينيا.

وبحسب منصور، فإن هذا يؤكد على أن الولايات المتحدة تقف بقوة وراء مشروع ولادة كردستان العراق الذي قد يكون مقدمة لولادة دويلات كردية، في كل من سوريا وتركيا وإيران، أو توحيد الأكراد تحت دولة عرقية واحدة في تلك الدول الثلاث.

وتابع الإعلامي المصري ومقدم البرامح في قناة الجزيرة القطرية، أن ولادة الدولة الكردية استغرق عمليا أكثر من ستين عاما، وقد رعتها إسرائيل منذ ستينيات القرن الماضي، وأقامت علاقات قوية مع الملا مصطفى البرزاني.

حيث أن إسرائيل هي المستفيد الرئيسي من ولادة الدولة الكردية، لأنه يمكنها من زراعة حليف وسط كيانات عربية وإسلامية معادية لها، على رأسها تركيا التي حاولت الولايات المتحدة، ومعها التحالف الغربي الإطاحة بنظامها غير المريح لها عبر انقلاب عسكري في العام الماضي 2016.

لكن الانقلاب فشل وتمكن أردوغان من ضرب الدولة العميقة الموالية لأميركا وإسرائيل، وتفكيك كثير من أواصرها، غير أن السيناريوهات البديلة دائما قائمة، وكان على رأسها سيناريو تشجيع ولادة دولة كردستان، التي تعتبر خنجرا وليس شوكة في ظهر الدولة التركية.

حيث سعت تركيا طوال السنوات الماضية لمحاولة استيعاب كردستان، حتى لا تقدم على هذه الخطوة، لكن فشل المشروع الأميركي الإسرائيلي لاستبدال النظام في تركيا، عجل بها حتى يصبح أردوغان في ورطة تستنزف مشروعاته المختلفة في تنمية تركيا، أو إقامة أحلاف تقوم على المصالح، يمكن أن تهدد المصالح الأميركية الإسرائيلية الغربية في المنطقة.

لقد أعلن الأكراد ولادة دولتهم، لكن هذا لا يضمن لها الاستقرار أو النجاح حتى لو كانت تدعمها إسرائيل وأميركا وتمولها الإمارات، لأن الأهم من كل ذلك هل يمكن أن يقبل الجيران هذا الأمر أم سيرفضونه بكل الطرق والوسائل المختلفة التي يمكن أن تقوض المشروع وتعوق استقراره في النهاية؟

وفي وقت سابق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن إسرائيل فقط هي من ستؤيد انفصال شمال العراق، مخاطبا حكومة بارزاني بالقول "إن العالم ليس عبارة عن إسرائيل فقط، وماذا يمكنكم نيله من اعتراف إسرائيل لوحدها؟".

وأشار الرئيس التركي إلى أن إقليم شمال العراق سيبقى وحيدا لدى تنفيذ أنقرة العقوبات بحقها، بدءا من إيقاف حركة الشحن إلى الإقليم، مضيفا "لتتفضل إسرائيل وقتها وترسل إليها المساعدات، لكن كيف ومن أين ستفعل ذلك في ظل الحصار على الإقليم".

ورفض أردوغان مجددا الاستفتاء في شمال العراق ونتائجه، قائلا "ليس هناك أي شرعية في الاستفتاء الذي أطلقت فيه منظمة بي كي كي الأفراح حتى قبل البدء في فرز الأصوات"، مضيفا إن هناك تلاعبا في أصوات الناخبين خاصة في المناطق التي فيها أكثرية عربية وتركمانية.

ويتوقع باحثون ومحللون سياسيون أن يزداد التصعيد بين تركيا وإسرائيل، وأن يصل إلى حدود الأزمة السياسية الحقيقية، بسبب دعم الأخيرة استفتاء انفصال إقليم شمال العراق الذي عدّته أنقرة تهديدًا للأمن القومي التركي.

ويشدّد هؤلاء على أن التوتر الجديد يكشف عن هشاشة العلاقات التركية الإسرائيلية، رغم تجاوزها أزمة سفينة "مافي مرمرة" التي قتلت إسرائيل فيها عشرة ناشطين أتراك أثناء إبحارهم في سفينة كسر الحصار عن قطاع غزة الفلسطيني أواسط عام 2010.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!