ترك برس

رأى الدكتور أحمد أويصال، رئيس مركز الدراسات الإيرانية في أنقرة، إن علاقة تركيا مع إيران لن تكون بأي حال على حساب علاقاتها بالدول العربية، مبينًا أن طهران مضطرة للتعاون مع أنقرة في سوريا والعراق.

وعمّا إذا كانت علاقة إيران بتركيا ستجعل الأخيرة تتجاوز ملفات المنطقة كسوريا والعراق، قال أويصال -خلال حديث لصحيفة الشرق القطرية - إن تركيا لن تعطي ظهرها إلى العالم العربي، لأن مصيرنا مرتبط ببعضنا.

وأضاف الخبير التركي أن "تعاون تركيا مع إيران سوف يخفض من حدة من الصراع الطائفي في المنطقة، ونحن نرى نتيجة ذلك التعاون في مخرجات مفاوضات أستانا الخاصة بسوريا..

كما أن تعاون البلدين سيمنع تفكك العراق، ويخدم استقرار دول عربية أخرى، وأخيرا فإن تركيا توازن في علاقاتها الخارجية، لذلك فإن علاقتها مع إيران لن تكون بأي حال على حساب علاقاتها بالدول العربية".

وعمّا إذا كانت تركيا قد وجدت في إيران الرغبة الجادة في حل قضايا المنطقة عبر السبل السياسية، أشار أويصال إلى أن إيران تعلم أنها الآن تتعامل مع نظام مختلف تماما عما كان عليه الحال في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، حيث إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معادية لإيران.

ومن ثم فإن إيران تعرف أنه لا يمكن الحفاظ على مكاسبها على الأرض سواء تلك التي حققتها في سوريا أو في العراق، علاوة على ذلك، فإن إيران أكثر قلقا من تركيا وغيرها بشأن قيام دولة كردية مستقلة، لذلك فهي مضطرة للتعاون مع تركيا خاصة في سوريا والعراق.

على سبيل المثال، لم تكن إيران حريصة على عملية أستانا التي عرضتها تركيا وروسيا، لكنها اضطرت للانضمام إليها في وقت لاحق، والآن يبدو أن إيران حريصة أكثر من ذي قبل على إيجاد حل سياسي في سوريا لأنها تدرك أن الأمور أصبحت أكبر من طاقتها هناك.

وتابع الخبير التركي: "إن موقف إيران أفضل من ذي قبل، حتى لو كان ذلك ناجما عن اضطرار، وأتمنى أن تجد حلا مماثلا في أزمة اليمن بين السعودية وإيران، لأن هذه الصراعات لا تجلب إلا الدمار بغض النظر عمن هو صواب أو خطأ".

وحول احتمالات قيام تركيا بدور الوساطة بين إيران وبعض الدول العربية، أكّد أويصال أن تركيا تستطيع القيام بدور الوساطة بين الدول العربية وإيران، لكن الأمر يحتاج لأن يقوم العرب باستغلال الفرص، وتكون لديهم الرغبة في ذلك، وأيضا إيران، وما أعتقده أن الطرفين غير جاهزين الآن للتصالح.

في سياق متصل، يرى أكاديمي ومحلل سياسي تركي، أن تدفق الأحداث ومبادرات أنقرة الدبلوماسية تُشير إلى أن الساسة الأتراك يحاولون إبقاء إيران وروسيا على الجانب التركي في سوريا والعراق.

ويقول "ميتات سيليكبالا"، عضو هيئة التدريس في قسم العلاقات الدولية بجامعة "قادر هاس" بإسطنبول، إن الوضع في سوريا وفي شمال العراق يعدّ حاليا أهم القضايا الأمنية للسياسة الخارجية التركية.

ويُشير مقال تحليلي بمجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، إلى وجود الكثير من التحديات أمام تحالف تركيا الجديد مع إيران وروسيا، وفي مقدمتها الارتياب المتجذر بين الأطراف.

وترى المجلة أن تركيا انخرطت في منافسة مع إيران وروسيا على مدار قرون، متبنيةً سياسة تكبح نفوذهما في الإقليم، وأن خوفها من الزحف الكردي استوجب انفراجة في علاقاتها مع إيران وروسيا في سوريا، لكن تعميق هذا التقارب يتطلب تغيرا تاما في سياسة أنقرة الإقليمية.

ويعني ذلك تعريض نفسها لمزيد من الاحتكاك بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى المعارضة لإيران، والتخلي عن سياسة تقليص النفوذ الإيراني في العراق.

ويعد تغير المزاج التركي هدية بالنسبة إيران، فعقد صفقة مع أنقرة لمعالجة النزعة الكردية الانفصالية -التي ستساعد على توطيد النفوذ الإيراني في سوريا والعراق- هو فوز صريح لطهران.

لكن إيران هي الأخرى منتبهةً إلى العوامل التي دفعت أنقرة باتجاهها هي وروسيا: نيّة ترامب مواصلة العمل مع الأكراد السوريين، وتحول الزخم العسكري في الحرب السورية الآن لصالح الأسد. تعلم إيران جيدا أن أي تغير في تلك الديناميات سيحوّل سياسة تركيا 180 درجة.

كان الفشل مصير جميع الجهود المبذولة سابقا من جانب أنقرة وطهران للبناء على أرضيتهما المشتركة، بسبب الارتياب المتجذر بين الطرفين، والاختلاف بين رؤيتيهما للمنطقة. ويمكن لهذه العوامل نفسها إعاقتهما عن بلوغ تقارب أكثر عمقا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!