ترك برس

تعتزم تركيا تعزيز إنفاقها العسكري بشكل ملحوظ فى العام القادم، وفقا لما ذكرته أرقام الميزانية الأولية التي كشفت هذا الأسبوع.

تحتل تركيا حاليا المرتبة الثامنة عشرة عالميا في حجم الإنفاق العسكري، إذ قدرت ميزانيتها الدفاعية في عام 2016 بنحو 14.8 مليار دولار، وفقا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI)، الذي صدر في أبريل/ نيسان. ويشير المعهد إلى أن هذا الرقم لا يعدو كونه تقديرا لأنه أصبح من الصعب الحصول على بيانات مفصلة منذ محاولة الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز 2016.

قدمت وزارة المالية للبرلمان مشروع ميزانية 2018 في الـ16 من الشهر الحالي، وتتوقع تسليم المشرعين الاقتراح النهائي في 25 أكتوبر. وعلى الرغم من أن التعليم سيحصل على أكبر جزء من الميزانية، فقد صرح وزير المالية، ناجي أغبال، بأن الارتفاع الكبير في الإنفاق العسكري يعكس "اقتصاد الحرب". وأشار إلى "المخاطر الجيوسياسية التي تتطلب زيادة الميزانية."

وقال الوزير إن قرابة 7.2 مليار دولار من العائدات الإضافية ستُحصل من الرسوم الإضافية على السيارات والوقود والعقارات وضرائب الدخل الشخصي، وسيخصص نحو  2.3 مليار دولار مباشرة لصناعة الدفاع. وتتوقع تركيا زيادة قدرها 5.2 مليار دولار في نفقات الدفاع لعام 2018.

ووفقا لأغبال، سيحول مبلغ إضافي قدره 7.5 مليار دولار في عام 2018 إلى الميزانية العسكرية والدفاعية التركية. ومن هذا التمويل الجديد، سيخصص نحو 2.3 مليار دولار لوكيل وزارة الدفاع، الذي يقوم بشراء أنظمة الأسلحة التركية ومعداتها. وعلاوة على ذلك، سترتفع ميزانية وزارة الدفاع بنسبة 41٪ لتصل إلى 12 مليار دولار. وستزداد ميزانية وزارة الداخلية بنسبة 25%، وستزداد ميزانية قيادة الدرك بنسبة 42%، في حين سترتفع ميزانية الشرطة الوطنية بنسبة 18%، وستحصل دائرة الاستخبارات الوطنية على ميزانية إضافية تقدر بـ20% .

ويرى أردا مولود أوغلو، الخبير البارز في صناعة الدفاع التركية، أن هناك اتجاها جديدا واضحا في الإنفاق الدفاعي والأمني ​​في تركيا. وقال إنه بسبب معدل النمو في تركيا فإن الزيادات السريعة في نفقات الدفاع العسكري لا تنعكس فى إجمالي الناتج المحلي. ويشير أوغلو إلى زيادة ملحوظة في دخل المُصنّعين المحليين، ففي حين بلغ إجمالي إيرادات صناعات الدفاع والطيران التركية 1.855 مليار دولار بين عامي 2006-2016، فقد أصبح الآن 5.968 مليار دولار.

ويلفت متين غورجان المحلل الأمني والمستشار العسكري السابق، إلى أن تركيا، في الوقت الذي تحدث فيه قدراتها الوطنية في مجال الدفاع والردع خلال السنوات العشر الماضية، تركز على الاستثمارات الطويلة الأجل وحشد الموارد الوطنية. ومن ثم كانت مشترياتها من الخارج ضئيلة من أجل مكافحة التهديدات الأمنية، حيث تعتقد أنقرة أن مواردها الدفاعية والأمنية كافية لمواجهة التهديدات القائمة والمتوقعة.

لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يؤكد أن طبيعة التهديدات وأبعادها في المنطقة تتجاوز عادة قدرة أي بلد إقليمي واحد على التغلب عليها، لا سيما مع التطورات في سوريا والعراق. وهذا يتطلب، كما يقول، الحفاظ على توازن حساس بين تنمية القدرات على المدى الطويل على الصعيد الوطني، والاحتياجات الملحة لشراء معدات من مصادر خارجية".

ويضيف أوغلو إن استهلاك الذخيرة في العمليات القتالية الحديثة والعمليات المماثلة عادة ما يتجاوز جميع التنبؤات. وهناك أمثلة على ذلك، مثل عملية الناتو عام 1999 ضد يوغوسلافيا، وحرب الخليج 2003، وعملية ليبيا 2011، وعمليات التحالف العربي في اليمن، وأخيرا في عملية التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على داعش. وتتطلب الصراعات الطويلة الأمد ضد التهديدات غير المتماثلة في منطقة القتال إنتاجا ضخما وتكديسا للذخائر، بسبب الاحتياجات غير المتماثلة والحرب الحضرية، والحاجة إلى معدات محددة ومركبات تتجاوز تكلفتها التوقعات.

وعلى الرغم من أن الميزانية المتوقعة للدفاع عن المصالح الوطنية لتركيا في سوريا والعراق تبدو مرتفعة، فمن الممكن، كما يشير متين غورجان، أن تكون هذه المبالغ غير كافية للشراء من الصناعات الدفاعية الوطنية والأجنبية. أي أن العبء الاقتصادي الإضافي للعمليات العسكرية الأخرى في سوريا سيكون أعلى بكثير من ذي قبل.

وأضاف المصدر أن تركيا تشتري حاليا أكثر من 60٪ من معداتها وإمداداتها العسكرية من الموارد الوطنية. ومن ثم فإن الإنتاج المحلي له أهمية حيوية لتركيا، ولكن تكاليفه مرتفعة للغاية مقارنة بالمصادر الأجنبية، ولذلك يجب على تركيا أن تجد أسواقا جديدة لإنتاجها المحلي لضمان نموها المستدام في صناعة الدفاع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!