إبراهيم كيراس – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

اعتقد أن الحديث عما تعرض له زملائي العاملين في إعلام جماعة فتح الله غولن، أمر صعب بالنسبة لي تحديدا، فمن وجهة نظري الشخصية، مهما حصل ومهما حدث، علينا تجنب –قدر الامكان- إظهار تركيا كدولة تستجوب صحفيين فيها بسبب آرائهم السياسية، هذا أولا.

ثانيا، أنا أدافع عن كل شخص، تعرض للظلم، أثناء القيام بالحملة المستحقة ضد "التنظيم الموازي"، فالدفاع عن الحق، لا يعني أن تظلم أناسا آخرين في طريقك لإحقاق الحق، فما بالك عند الحديث عن زملاء لنا في نفس المهنة، فهذا التعاطف والتضامن المنتظر بلا شك أمر طبيعي، مهما كان فكرهم وتفكيرهم ومهما كانت آراؤهم.

لن ننظر اليوم إلى ردة فعل صحفيي جماعة فتح الله غولن، حينما تم اعتقال "أحمد شك"، و"نديم شنر" في الماضي قبل حُكم حزب العدالة والتنمية، وإلقائهم بالسجن بسبب أنهم قاما بكتابة بعض الكتب، ولن نأخذ أقوال بعض الصحفيين حينذاك عندما قالوا :"يجب عدم إعلان براءتهم قبل اتخاذ الحكم من قبل المحكمة" بعين الاعتبار، لن نتصرف معهم بالمثل، وإنما سنقول لهم :"انتبهوا لكتاباتكم، وخذوا العبر مما جرى لأحمد ونديم من قبل!".

لست أنا من يقرر فيما إذا كان المعتقلون يوم أمس، من إعلاميي فتح الله غولن، قد ارتكبوا جرما أو خرقوا قانونا، لأن تلك الأحكام لا تقع على عاتقي ككاتب صحفي، ولو وضعنا أنفسنا مكان القضاء، لا نستطيع الإعلان عن براءتهم ولا استطيع اتهامهم في هذه اللحظة، بمعنى، أنني لا أستطيع أن أقول لهم، كما قالوا هم لصحفيين زملاء لهم في السابق :" يجب عدم إعلان براءتهم قبل اتخاذ الحكم من قبل المحكمة ".

لكن ما أريد قوله هو العكس تماما، أتمنى أن يعقلوا قبل أن يقعوا في المحظور، كما لا أتمنى أن يحصل لهم ما كانوا يريدون أن يحصل لغيرهم من الصحفيين قبل سنوات، ولحسن الحظ، فإن المعتقلين، يظهرون بمظهر أنهم زملائنا في المهنة، وهنا لا أريد أن أقول أنهم لعبوا دورا بارزا في جماعة فتح الله غولن والتنظيم الموازي، والذي شكل عنصر تهديد حقيقي للدولة التركية، فلست أنا من يتهمهم بذلك.

ولست أنا من يصدر بحقهم وبحق جماعة غولن لائحة اتهام، بسرقة أسئلة امتحانات مدارس الشرطة، والوصول إلى مراكز الشرطة من خلال الغش وباستخدام أساليب لا أخلاقية، والاستيلاء عليها بالغصب، وحرمان من استحق الوصول إلى تلك المراكز من أفراد الشرطة المجتهدين والذين حاولوا الحصول عليها بعرق جبينهم وبجهدهم.

ولست أنا من يصدر بحقهم لائحة اتهام، باستخدامهم لإمكانياتهم التي سيطروا عليها من خلال مراكز الشرطة ومحاكم القضاء، بصورة غير قانونية، من خلال زرع أجهزة التنصت في مراكز حساسة في الدولة التركية، مستهدفين كيان الدولة، ليسقطوها ويسيطروا عليها لاحقا.

ولست أنا من يُصدر بحقهم لائحة اتهام، بإجبار العديد من العاملين على العمل معهم، وتهديدهم بصورة رخيصة بمعاشهم وبمرتبهم الشهري، وبأنهم حرموا العديد من الناس من الوظائف التابعة لهم بسبب معارضتهم لسياستهم، وتسببوا بإيداع العديد من الأشخاص المظلومين في السجن من خلال إجبارهم على القيام بأعمال تمس أمن الدولة.

ولست أنا من يصدر لائحة اتهام بحقهم، لأنهم زرعوا كاميرات في غرف نوم خصومهم أو ما يرونه كأعداء لهم، من أجل انتهاك حرماتهم واستخدامها بعد ذلك لأهداف سياسية وتجارية، ولست أنا من يتهمهم بإفشاء أسرار الدولية التركية، والتي مست بصورة مباشرة بالأمن القومي التركي، من خلال إيصالها لقوات استخبارية أجنبية.

والأهم من كل ذلك، أنني لا استطيع اتهامهم بأنهم قاموا بكل تلك الأفعال والأعمال، من خلال استخدام اسم الدين، وأنّ العمل خالص لله، وبالتالي استطاعوا خداع الشباب، ليخونوا إيمانهم وعقيدتهم دون أن يشعروا، لأنهم يرون بعملهم هو الصواب، كما علمهم أسيادهم، وهذه كارثة بحد ذاتها.

لن نعاملهم بالمثل، ولن نتهمهم، ولن نعلن براءتهم في نفس الوقت، وإنما نعلن أننا ضد أن تكون الدولة التركية تظهر للخارج كدولة تستجوب صحفييها كما أسلفت، وننتظر القضاء والمحكمة لتقول كلمتها، فربما لم يتم اعتقالهم لأنهم صحفيين، وإنما لأسباب أخرى، لذلك سننتظر ونتابع ونرى ما الذي سيحصل في الأيام القادمة.

عن الكاتب

إبراهيم كيراس

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس