ترك برس

يشير المحلل الأمني التركي، متين غورجان، إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا على وشك فقدان ثقة الشعب التركي لصالح روسيا التي تحاول جاهدة منذ الإعلان عن صفقة بيع منظومة الدفاع الصاروخي المتطورة إس 400 لتركيا في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي كسب قلوب وعقول الشعب التركي، وتكشف نتائج استطلاعات الرأي أنها نجحت في ذلك إلى حد بعيد.

ويقول غورجان في مقال بموقع المونيتور إن روسيا لم تنحرف قط عن هذا الهدف على الرغم من الأزمات الكبيرة التي مرت بها علاقاتها مع تركيا في المجالين العسكري والأمني مثل اغتيال السفير الروسي في أنقرة، أندري كارلوف، على يد ضابط شرطة تركي في ديسمبر/ كانون الأول 2016، وفرض حظر على صادرات المنتجات الزراعية التركية إلى روسيا، ومقتل ثلاثة جنود أتراك بطريق الخطأ في قصف لطائرة روسية خلال عملية درع الفرات في سوريا.

ولفت المحلل التركي إلى أن دراسة الأخبار والتعليقات والتحليلات في وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي التركي منذ تحول الحديث عن صفقة S-400 إلى موضوع نقاش ساخن، يظهر بوضوح أن روسيا اتخذت خطوات لتحسين استراتيجيتها لتغيير تصورات وأفكار الشعب التركي عنها.  

وتابع أن روسيا تحاول التأكد من إن الحديث عن صفقة S-400 ما تزال تضعف توجه تركيا التقليدي  نحو حلف الناتو، وتوجيه الرأي العام التركي  إلى أن روسيا هي الحليف الأكثر موثوقية، ومنح موسكو فرصة خلق أزمة بنيوية بين تركيا والكتلة الأمنية الغربية والإعلان عن منظوماتها التسليحية لتسهيل وجودها العسكري في الشرق الأوسط، إذ تجري موسكو مفاوضات مع السعودية ومصر كما بدأت مفاوضات مع المغرب من أجل بيع صواريخ S-400.

وأضاف أن وسائل الإعلام التركية تنشر يوميا تقارير تفيد بأن تركيا وروسيا دخلتا مرحلة تعاون مكثف فى مجال الصناعات الدفاعية والأمنية. وفي الآونة الأخيرة نشرت عدة تقارير بأن شركة صناعات الفضاء التركية وقعت مذكرة تفاهم للتعاون والشراكة الاستراتيجية مع شركة إيركوت الروسية في معرض دبي للطيران.

ويعتقد نهاد علي أوزجان، المستشار لدى مؤسسة أبحاث السياسات الاقتصادية في تركيا، أن روسيا تضع بالفعل الأساس لإعادة صياغة تصور الجمهور التركي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو. وقال: "لا عجب أن تطغى علينا الأخبار الواردة من روسيا، وبعضها واقعي وبعضها مصنوع حسب الحاجة اليومية".

وأضاف أن فريق بوتين يتمتع بالكفاءة، وليس حفنة من الأغبياء المنمقين، يعملون تحت إدارة رجل استخبارات سابق لديه استراتيجية مصممة بحكمة. ويؤكد أوزجان أن سياسات الغرب المتناقضة والروايات الشعبوية ضد تركيا تدفع الشعب التركي أيضا نحو روسيا.

ويقول كاتب المقال إن رأي أوزجان تدعمه نتائج استطلاع للرأي. ففي دراسة عن "سياسة تركيا الخارجية: البحث عن التصورات العامة"، أصدرتها جامعة قادر هاس في شهر تموز/ يوليو الماضي، أظهر الاستطلاع أن 44.2٪ من الأتراك يرون أن مكافحة الإرهاب أكبر مشكلة  تواجه السياسة الخارجية التركية، وجاءت الحرب السورية ثانية، إذ بلغت 24.6٪.

وأضاف أن موسكو التي تدرك هاتين الحساسيتين، ترسم بمهارة صورة الولايات المتحدة على أنها التهديد الرئيسي  لتركيا سواء في الإرهاب أو الحرب السورية في الوقت الذي تتجنب  فيه وسائل الإعلام لفت الأنظار إلى علاقات موسكو مع حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وكلاهما تعده تركيا جماعة إرهابية.

كان من النتائج الملحوظة في هذا الاستطلاع السنوي هبوط النسبة المئوية لمن ينظرون إلى روسيا على أنها تهديد من 34.9٪ في عام 2016 إلى 18.5٪ في عام 2017. وفي العام الماضي قال المستطلعة آراؤهم إن دول الشرق الأوسط تشكل أكبر تهديد لتركيا، ولكن هذا العام قال 66.5٪ إن الولايات المتحدة هي أسوأ تهديد لتركيا، مقابل 44.1٪ في العام الماضي. وفي حين رأى 14.8٪ فقط أن التعاون الاستراتيجي مع روسيا يمكن أن يكون بديلا لعضوية الاتحاد الأوروبي، ارتفع هذا الرقم إلى  27.6٪ هذا العام.

وتكشف نتائج هذه الاستطلاعات أن صورة روسيا لدى الرأي العام التركي في عام 2017 تتحسن بسرعة، في حين أن صورة الولايات المتحدة والدول الأوروبية آخذة في التدهور.

ويخلص غورجان إلى القول بأن "علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كان باستطاعة موسكو أن تقوض روابط أنقرة مع حلف الأطلسي من خلال التركيز على العملية برمتها وليس نتيجة صفقة صواريخ S-400"، مشيرا إلى أن مواقف الولايات المتحدة والغرب ستكون هي العامل المحدد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!