محمد كوجاك – صحيفة يني عقد – ترجمة وتحرير ترك برس

مضى 68 عاماً على إنشاء حلف الشمال الأطلسي المعروف باسم "الـناتو". بينما أنهت تركيا عامها الـ 65 من عضويتها فيه.

أدت مطالبة دول الاتحاد السوفيتي بحقوقها التي تزعم وجودها في أدرهان وكارس والمضائق إلى إجبار تركيا على اتخاذ خطوة حاسمة. إذ كانت هذه الخطوة هي انضمام تركيا لحلف الناتو. لأن السياسيين الأتراك كانوا على دراية بأن السبيل الوحيد لإفشال الخطر الذي يشكله الاتحاد السوفيتي يكمن في المادة الخامسة لاتفاقية حلف الناتو.

إذ تنص المادة الخامسة لاتفاقية حلف الناتو على ما يلي: "سيتم الرد على أي هجمة موجهة لأي دولة من أعضاء حلف الناتو بالتعاون بين جميع الدول الأعضاء في الحلف". أي أن أحد الأسباب الرئيسة في انضمام تركيا لحلف الناتو هي المادة الخامسة المذكورة، في حين أن تركيا هي الدولة الإسلامية الوحيدة في حلف الناتو. كما أسهمت الجمهورية التركية والجيش التركي منذ الانضمام إلى الحلف في دعم الدول الأعضاء على الصعيد اللوجستي والاستراتيجي والعسكري.

إن حجم مساهمة تركيا في دعم حلف الناتو لمدة 65 عاماً أكبر بكثير من الدعم الذي حصلت عليه خلال هذه المدة. إن الجمهورية التركية هي دولة تحركت بموجب المسؤوليات التي تقع عاتقها ونفذت المهام المكلفة بها بكل جدارة.

وافقت الدول الإمبريالية التي أسهمت في انهيار وتقسيم الدولة العثمانية على انضمام تركيا لحلف الناتو نتيجة مخاوفها المتولدة من السياسية التوسعية التي تمارسها دول الاتحاد السوفيتي. لأن تركيا كانت الدولة الوحيدة التي تملك جيشاً قادراً على الوقوف في وجه وصول الاتحاد السوفيتي إلى الحدود البحرية وزيادة فعالياتها التوسعية في المنطقة. لكن  لم تأت الموافقة على انضمام تركيا لحلف الناتو بهذه البساطة. إذ دفعت تركيا ثمناً باهظاً خلال حرب كوريا للحصول على هذه الموافقة.  721 شهيد، 175 حالة اختفاء، 2147 جريح و346 مريض. تم رفض طلب الانضمام الأول لتركيا من قبل حلف الناتو. لكن أجبرت تركيا حلف الناتو فيما بعد على قبول طلب الانضمام من خلال إثبات نفسها عن طريق مشاركاتها وانجازاتها خلال حرب كوريا على الرغم من أنها لم تكن عضواً في حلف الناتو. أي أن حلف الناتو وافق على انضمام تركيا بسبب الحاجة وبهدف زيادة أمان الدول الأعضاء في الحلف.

انتقال عداوة تركيا إلى حلف الناتو

أدى تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار اتحاد وارسو المؤسس ضد حلف الناتو إلى زعزعة التوازن. إذ لجأ حلف الناتو  الذي يمثل الإمبريالية والقوة العسكرية للغرب تحت ريادة أمريكا  والاتحاد الأوروبي إلى اعتماد مفهوم جديد. في حين أدى المفهوم الجديد إلى تغير أعداء الناتو وتجاهه نحو أهداف وعلاقات جديدة. كما بدأ الموقف المناهض لتركيا بإظهار نفسه لدى أمريكا والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الحلف. ومع مرور الوقت تطور هذا الموقف المناهض لتركيا إلى أن تحوّل إلى موقف عدواني. مع الأسف وصلت السياسة المناهضة لتركيا وحملات التشهير الرامية إلى إضعافها إلى قلب الناتو. والدليل الأكبر لذلك هي الفضيحة الأخيرة للحلف. إذ تمثل الإساءة إلى رئيس الجهمورية الأول "مصطفى كمال أتاتورك" والرئيس الحالي "رجب طيب أردوغان" ووضعهم في قائمة القادة الأعداء ووضع صورهما واسميهما على لائحة الهدف خلال تدريبات قوات الحلف أكبر إهانة يمكن أن تُوجّه للحكومة القومية التركية. إنها عداوة واضحة وصريحة من قبل الناتو.

كان يتوجب على حلف الشمال الأطلسي عقد اجتماع طارئ وإدانة جميع الدول الأعضاء نتيجة هذه الفضيحة من خلال بيان مشترك أمام الرأي العام. ولكن الناتو لم يفعل ذلك، كما كان ينبغي على الناتو تأسيس لجنة أبحاث ومعاقبة القائمين والمحرضين على هذا التصرف بأشد أنواع العقاب، وكذلك لم يفعلها بينما وجدناه حاول إنهاء المسألة بمجرد اعتذار من قبل الأمين العام للحلف دون اتخاذ أي خطوة ملموسة في هذا الصدد.

حلف الناتو يتحرك بناء على الأوامر، أي أن ما حدث ليس مشكلةً يمكن حلها بين موظفين عاديين. إن هذه الفضيحة عبارة عن انعكاس حسابات سياسية وعسكرية عميقة واضحة للجميع. لم تشهد تركيا مثل هذا الحدث خلال الـ 65 عاماً من تاريخ الناتو. لأنهم كانوا حينها بحاجة للجيش التركي. أما الآن فإن الظروف قد تغيرت ولم يعد هناك خطر مثل الاتحاد السوفيتي ليهدد حلف الناتو.

إن الفضيحة التي وقعت خلال تدريبات قوات حلف الناتو تشير إلى استمرار العداوة الموجودة في أمريكا والاتحاد الأوروبي تجاه تركيا. إذ لا يستطيع حلف الناتو هضم وجود دولة إسلامية مثل تركيا بين الأعضاء كما لا يرغب الاتحاد الأوروبي في ذلك أيضاً.

وإضافةً إلى ذلك إن القوى المعارضة لتركيا نفذت هذه الفضيحة بالاتفاق على وجهة نظر "يجب أن لا نطردهم بأنفسنا، إنما علينا أن نزعجهم ليغادروا بأنفسهم".

الخلاصة من ذلك هو أن حلف الناتو يفكر فقط بالجيوش الصليبية التي تخدم الإمبريالية الغربية.

عن الكاتب

محمد كوتشاك

إعلامي وكاتب لدى صحيفة يني عقد التركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس