سمير صالحة - خاص ترك برس

هم بالغوا هذه المرة في العداء لتركيا ولرئيسها ولحكومتها ولشعبها الذي اختار رجب طيب أردوغان والعدالة والتنمية في السلطة.

رسالتنا هذه تعني أوروبا والغرب طبعا، لكن اللوبي المصري، الخليجي، المؤتمِر إيرانيا والمعادي لتركيا والمنتشر بكثافة في بعض المؤسسات الإعلامية العربية وبالتنسيق مع اصدقائهم من الأتراك خصوم الدولة بدأ يتفاعل داخل هذه المؤسسات مباشرة لتقديم مطالبه على طريقة المفوض السامي علها تأخذ مكانها في الحرب التي تشن بهدف أضعاف وإسقاط العدالة والتنمية هو الذي دفعنا لإعطائه الأولوية في الحديث.

العديد من جرائد العالم العربي لا تقبل إلا الصوت الواحد، النفس الواحد، النبرة الواحدة في المبنى الذي تتواجد فيه مكاتبها. قد يكون لكل كاتب هناك خصوصيته وهويته التي يختلف فيها عن الاخر دينيا وعرقيا وعقائديا لكنه لا بد ان يلتقي معه أمام سياسة أصحاب المؤسسة ومن يمولها.

توقيف بعض الإعلاميين ورجال الأمن في عملية 14 كانون الأول/ ديسمبر الأخيرة في تركيا دفعهم للتحرك والتضامن مع زملاء لهم في المهنة والوقوف إلى جانب الصحافة التركية في محنتها هذه!.

لا يعرفون التركية ليتابعوا مباشرة ما يجري. ومن يزعم منهم أنه يعرفها يقرأ ما يعجبه وينقل ما يناسبه فقط.

هم يجمعون معلوماتهم من قبل بعض أصدقائهم الأتراك المعارضين لحكومة العدالة والتنمية أو من الإعلام التركي المعارض أو من الإعلام الغربي الذي ينتقي ما يريد نقله وإيصاله لا غير.

بعض ما أبرزه الإعلام العربي المرئي والمسموع والمكتوب هذا الأسبوع ليكون صوت الذين لا صوت لهم في تركيا: 

أردوغان يواصل حربه على حرية الرأي في تركيا.

التطويع بالترغيب والترهيب في الإعلام التركي.

مداهمات سافرة بقيادة أردوغان لمواقع صحف.

هي المرة الأولى التي تقمع فيها الصحافة التركية بهذا الشكل.

حملة اعتقالات تطال الإعلام المعارض.

طالما أن بعض وسائل الإعلام العربية تطوعت لتكون في صفوف المدافعين عن حرية الرأي في تركيا التي "يقمعها" حزب العدالة والتنمية. نتمنى أن يعرجوا في طريقهم على ما كتب وقيل حول مئات الأحداث والأخبار والضحايا والسجناء في أقبية أنظمتهم باسم الدفاع عن أمن واستقرار البلاد ضد الأقلام المأجورة والعميلة والتي لا يعرف عنها الإعلام التركي الكثير حتى يكتب حولها ومن الأفضل أن لا يعرف ربما.

المشهد شبه واضح بعض الإعلام العربي اليوم في ذروة التحريض لأنه يريد أن ينتقم من كل ما له علاقة بتركيا.

لا أحد يناقش موقع بعض الصحف العربية على لوائح المؤسسات العالمية ولا ترتيبها وتراتبيتها ومن هو المأجور والمستقل منها وباسم أية طائفة أو مذهب أو حزب سياسي تتحدث. فهي تصر على استقلاليتها وحياديتها..  ربما فقط في الهجوم عندما يطلب اليها ذلك كما حدث مؤخراً في إعلان الحرب على رجب طيب أردوغان وحزبه وتركيا باسم الدفاع عن حرية الرأي رغما عن الأتراك.

من يزودهم بالمعلومات والأخبار؟

مصادرهم في اعتماد المعلومة مشبوهة مشكوك ومطعون بها .

إمّا أنها أقلام لا تكتب إلا ما يعجبها ضد الحكومة والسلطة السياسية التي تخلت عن خدماتها فتحولت الى أقلام حاقدة أو أنهم يفبركون هم على مزاجهم باسم من يدعوهم لفعل ذلك أو ينفذون ما تريده أنظمة تستطيع أن تفرض الخبر كما تراه أو تريد أن تراه هي.

من يزودهم بالمعلومات من أصدقائهم الأتراك وأعداء حكومة العدالة اليوم في لبنان وسوريا ومصر وبعض دول الخليج أسماؤهم معروفة في تركيا أيضا.

المشكلة أنهم في العلن يزورن تركيا وسفاراتها في بلدانهم وأن القيادات في تركيا تفتح لهم الأبواب لكن السفارات لا تنقل ما يكتبون ويقولون في بلدانهم. البعثات الدبلوماسية لا تقوم بواجبها كما يجب لكن الأهم والأخطر أن المؤسسات الرسمية لا تتابع بسرعة ودقة ما يجري وهذه مشكلة أنقرة التي عليها تفعيلها لعدم تمرير كل هذا التطاول والإهانات والافتراء والتجني تحت عنوان الغيرة على مصالح تركيا والأتراك في الداخل والخارج.

تركيا تريد أن تكون دولة أساسية في المنطقة وبين اللاعبين الكبار في العالم لذلك ربما عليها أن تتحرك مثلهم. يكون لها مكاتبها وعلاقاتها وموازناتها في دول المنطقة ترصد الحركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية هناك.

الخارجية التركية تحتاج إلى مراجعة سياساتها حيال من افترضت أنهم أصدقاء لتركيا فانقلبوا عليها رغم العديد من الدعوات والزيارات واللقاءات التي نظمتها لهم. عليها أولا أن تقرأ ما يكتبون حول تركيا ثم نتساءل لماذا يفعلون ذلك وبعدها تتعامل بأسلوب حضاري مع ما يفعلون، الحوار مباشرة مع رؤوس هذه المؤسسات.

آخر دمية بين أيديهم كان اسمها الدفاع عن الحريات الصحافية في تركيا. من يبيع الزيت لمن؟ حراك الداخل التركي يمنعهم ربما من الحديث عما يجري داخل المؤسسات عندهم منذ عقود.

في تركيا حتى أصحاب هذه المؤسسات والمشرفون عليها يقولون حول أحداث 14 كانون الأول دخلوا بأدبهم وخرجوا بأدبهم، لا بل يرددون نحن ذهبنا إليهم قبل أن يحضروا هم إلينا. ومع ذلك فبعض الإعلام العربي سارع للمشاركة في التصدي للمؤامرة التي تستهدف الإعلام والإعلاميين في تركيا.

هم يريدون أن يعطوا أردوغان درسا في الديمقراطية لكنهم تسرعوا في الكشف عما في جعبتهم من سموم. أردوغان يقول هم يريدون أن يعطونا درسا في الديمقراطية تعالوا نلقنكم نحن الدرس.

عن الكاتب

د. سمير صالحة

البرفسور الدكتور سمير صالحة هو أكاديمي تركي والعميد المؤسس لكلية القانون في جامعة غازي عنتاب وأستاذ مادتي القانون الدولي العام والعلاقات الدولية في جامعة كوجالي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس