ترك برس

ميكائيل باتريك دوغان، هو مؤرخ فن إيرلندي ومحاضرٌ في معهد بحوث الحضارات المتوسطية في أنطاليا، ويعمل كباحثٍ حول تاريخ الفن السلجوقي في تلك المدينة التركية حيث انتقل إليها قبل 27 عامًا بعد أن أعجب بالنسيج التاريخي للمدينة، كما يعمل على البحث عن القطع الفنية الأناضولية الإسلامية التي تم تهريبها من الأناضول.

يقول ميكائيل: "هناك أعدادٌ كبيرةٌ من الأعمال القديمة التي تم تهريبها خارج تركيا وقد تم بيعها بالفعل من خلال مبادراتٍ عديدة وكثيفة. إنني أعتقد أنه لا يوجد عددٌ كافٍ من المحاولات التي يجب أن يُقام بها من أجل البحث عن القطع الفنية الإسلامية الأناضولية المُهرّبة واستعادتها".

فبعد قيامه بالعديد من البحوث حول الفن التاريخ التركي، قرّر أن يدرس الفن الإسلامي في بداياته قديمًا في الأناضول.

وفي حديثٍ له مع وكالة الأناضول، قال ميكائيل أنه قد قرّر البحث حول العالم الإسلامي والأراضي التي حكمها ألكساندر الأكبر، ووضّح أنه من خلال مروره بمدنٍ عظيمة في مسير 5.5 كيلومتر من ثيسالونيكي إلى مصر، قرّر اعتناق الإسلام بعد البحوث التي قام بها حول الأديان.

سافر ميكائيل إلى عددٍ من المدن التركية وتنقّل بينها، وذهب إلى أنطاليا التي يسكنها منذ 1990 بسبب حبه للسلاجقة وشغفه بالبحث في تاريخهم. ويقول إنه وقف أمام جامع يفلي ميناري لمدة ستة ساعاتٍ كاملةٍ يتأمل فيها، الأمر الذي زاد شغفه كباحثٍ تاريخي للبحث في هذه الحضارة.

يقول ميكائيل: "انتقلتُ إلى أنطاليا من أجل رسم الصور وإجراء البحوث التاريخية على السلاجقة بالتحديد. إنني أدرسُ الفن السلجوقي منذ 27 عامًا. لقد تعدّى السلطان السلجوقي علاء الدين كقباد حدود أنطاليا، وبتتبّع أثره قررتُ أن أبدأ بحوثي حول الفن السلجوقي".

وقد قام ميكائيل بالبحث حول العديد من الأعمال التي تعود للفترة السلجوقية في أنطاليا، بما في ذلك مسجد آهي يوسف، ومسجد علاء الدين، ومدرسة غياث الدين كيهوسريف، وإيفدير كارافانسيري، وكيركغوز كارافانسيري، وقلعة ألانيا، وبرج سوجاكسو في حي آكسو، والسلطان بافيليون في مسرح اسبيندوس القديم في حي سيريك، وكوخ الصيد في حي كيمير وكارغي كارافانسيري في حي مانافغات.

لم تقتصر بحوثه على أنطاليا فحسب، بل درس ميكائيل الأعمال السلجوقية في عدد من المدن الأخرى مثل قونيا وأرضروم ونيغدى وأكسراي حيث يتواجد الكثيرُ من المباني التي تعود للفترة السلجوقية.

من خلال قيامه بإجراء أبحاثٍ حول الفن السلجوقي في داخل وخارج تركيا، اكتشف ميكائيل أن الكثير من قطع السلاجقة تم تهريبها من الأناضول إلى الخارج، وعلى الرغم من أن العديد من القطع التي تعود للعصور القديمة قد أعيدت إلى تركيا، فإن العديد من الأعمال الأخرى غير التابوت والتماثيل لا تزال في الخارج.

يقول ميكائيل: "إن عدد الأعمال القديمة المهربة من تركيا مرتفعٌ، ويتم العمل على إعادتها من خلال مبادراتٍ مكثفة وهذا عملٌ جيدٌ ومشروع. لكنني أعتقد أنه ليس هناك ما يكفي من المحاولات لاستعادة أعمال السلاجقة المهربة من مختلف مدن الأناضول".

ويضيف: "هذا هو السبب الذي جعلني كمؤرخٍ فني من الغرب، أن أكرّس نفسي للكشف عن الأعمال الإسلامية الهامة المهربة من الأناضول، وخاصةً السلجوقية منها. لقد وجدتُ أن معظم تلك الأعمال في المتاحف أو في مجموعاتٍ خاصة. وإن وزارة الثقافة والسياحة تقوم ببعض المبادرات والمحاولات لاستعادتها، لكن ما يتم تهريبُه إلى الخارج يُباع في مزاداتٍ خاصة. إنني أحاول التعرف عليهم وإبلاغ المؤسسات المعنية".

وأكّد ميكائيل على أن أحد أهم الأعمال التركية الإسلامية المهربة للخارج هو بلاطُ إزنيك، وقال إن قطعه موجودةٌ في متاحف ومجموعاتٍ خاصة في المملكة المتحدة، كما أن هناك بعضُ القطع منه في باريس ونيويورك، وقد تم تهريبها من العديد من المدن الأناضولية من بينها قونيا وقيصري.

وعلى الرغم من أن معظم الأعمال الأناضولية الإسلامية قد تم تهريبها في بداية القرن التاسع عشر، إلا أن هناك أيضًا قطعٌ أثريةٌ هُرّبت مؤخرًا. ويقول ميكائيل، أن قطعة الملك الثنائي الرخامية المزخرفة قد تم تهريبها حديثًا من قونيا، وبيعت في إحدى المزادات، بالإضافة لخاتمٍ يحمل رأس أسد.

ويشير ميكائيل إلى أهمية القطع الفنية الإسلامية قائلًا: "ليست فقط القطع الرومانية والقطع التي ترجع للحضارات القديمة هي ما يجب استرجاعها، ولكن القطع الإسلامية أيضًا تعد نتاج هذه الأرض ويجب بذل الجهود لإعادتها".

وقال إن الأعمال الإسلامية تُهرب إلى الغرب والدول العربية مثل الكويت والمملكة العربية السعودية. واستشهد بمقولةٍ لأتاتورك يقول فيها: "أساس تركيا هو الثقافة، وكل عمل فني مُهربٌ من هذا البلد يمثل الثقافة التركية ولهذا يجب استرجاع كل تلك الأعمال".

ويعتقد ميكائيل أن أولئك الذين باعوا أصولًا ثقافية مقابل المال لا يمكن أن يكونوا من هذه الحضارة، وأكّد على أن لا أحد من الغرب أو الشرق الأقصى يقبل أن تُباع أعمال حضارته ليتم عرضها في بلدٍ آخر. وتساءل: "إذا كان الجيل الجديد لا يرى تلك الأعمال في بلاده، كيف سيكونُ على بينةٍ من وجود ثقافته وحضارته الخاصة؟".

ومن خلال الدراسات التي أجراها على الأعمال الفنية التي تعود لمختلف الحضارات والثقافات، يرى ميكائيل أن الاعمال الفنية الإسلامية تحمل جميعُها معانٍ عميقةٍ وقيّمة، فحتى الزخارف التي قاموا برسمها هي ذات دلالاتٍ مرتبطة بالمنطق، الأمر الذي جعله معجبًا بها وقرّبه منها بشكلٍ خاص دونًا عن أعمال الثقافات الأخرى.

لقد أنشئت الثقافة والفن السلجوقيين من خلال التاريخ التركي الخالص، من أجل ذلك يجب الكشف عن كافة السمات العلمية والفنية والتاريخية لهذه الحضارة عميقة الجذور وتقديمها للناس.

وسوف يقوم ميكائيل بتقديم عرضٍ شاملٍ لوزارة الثقافة والسياحة بشأن قطع الثقافة السلجوقية والأناضولية الإسلامية الموجودة في الخارج والتي قام بتحديدها.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!