سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

لو أنّ استطلاع الرأي الذي أجرته شركة يورو باروميتر حول رغبة الشّعب التركي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في هذه الأيام، لربّما كانت النتيجة أقلّ من تلك النسبة التي أعلنتها الشّركة. فقد أجرت شركة يورو باروميتر في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اسطلاعاً للرأي حول رغبة الشّعب التركي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأظهرت النتائج المعلنة تراجع نسبة المؤيدين للإنضمام إلى 28 بالمئة. بينما كانت نسبة التأييد للانضمام في نفس الشّهر من العام 38 بالمئة.

ففي شهر تشرين الثاني، أي عندما أجرت الشركة المذكورة هذا الاستطلاع، كانت تسود العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا نوع من الودّية والتّقارب. وعلى الرغم من هذا التّقارب الملحوظ خلال فترة إجراء الاستطلاع، إلّا أنّ النتائج جاءت دون المأمول.

أعتقد أنّه وبعد المشاحنات التي شهدتها العلاقات التركية الأوروبية وخاصّة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي حصلت ضد عناصر تنظيم الكيان الموازي والانتقادات المتبادلة بين الطّرفين بشأن هذه الحملة، فإنّ نسبة التأييد الشعبي قد تراجعت إلى مادون الـ 28 بالمئة.

بالمقابل، صرّح وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة التركية وكبير المفاوضين "فولكان بوزكير" بأنّ الحكومة التركية لم تتلقّى نتائج هذا الاستطلاع بشكل رسمي. كما أبدى بوزكير شكوكه حول نزاهة الاستطلاع الذي أجرته الشركة المذكورة. لكنه في الوقت ذاته لم يخفي تضائل أمله في موافقة الاتحاد الأوروبي على الانضمام التام لتركيا إلى الاتحاد.

علينا أن لا نستغرب من تراجع التأييد الشّعبي لمسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تركيا. فهذا التّراجع نتيجة طبيعية لخيبة الأمل التي أصابت الشعب التركي منذ سنين طويلة من المفاوضات التي لم تجدِ نفعاً. فالشعب التركي بدأ يتململ من هذه المسألة. وإلى جانب خيبة الأمل لدى الشّعب التركي، فإنّ تصعيد القادة الأتراك من لهجتهم ضدّ الاتحاد كان له دور في تراجع نسبة الدّعم الشعبي لهذا الانضمام أيضاً.

وإنّني في هذا الصّدد لا أشكّ في أنّ التبادل الكلامي والمشاحنات التي حدثت بين الاتحاد وتركيا عقب حملة الاعتقالات الأخيرة التي شهدتها تركيا، ولّدت لدى الشّعب التركي نوعا من عدم الثّقة بالاتحاد الأوروبي. بل ولربّما تجاوزت ذلك إلى حدّ الكُره للاتحاد لدى طائفة كبيرة من الشعب التركي.

المهمّ هنا أن نطرح السؤال التالي: كيف ستؤثر المشاحنات بين الاتحاد الأوروبي والقيادات التركية على سير المفاوضات بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد.

ولا أعتقد في هذا الصّدد أن يكون لهذه المشادّات الكلامية تأثير بالغ على محادثات الطّرفين. لا سيما أنّ السفير التركي لدى بروكسل "سليم ينيل" أكّد بأنّ الطّرف الأوروبي لا يرغب في قطع العلاقات مع الجانب التركي وأنّ المفاوضات بين الطّرفين وصلت إلى مرحلة لا يمكن الرّجوع عنها إلى نقطة الصّفر.

بالمقابل فإنّ الطّرف التركي أيضاً لا يرغب في تعليق المحادثات مع الجانب الأوروبي على الرّغم من اللهجة التّصعيديّة التي اتّبعها الرئيس أردوغان عقب التّصريحات الأوروبية النّاقدة لحملة الاعتقالات ضدّ جماعة فتح الله غولن. فتصريحات الرئيس أردوغان لا تعني بأنّ أنقرة قد أدارت ظهرها على القارة الأوروبية وأنّها تخلّت عن فكرة الانضمام إليها. فوزير الشّؤون الأوروبية "فولكان بوزكير" أكّد أنّ الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يعدّ من الأهداف الاستراتيجية بالنسبة لتركيا وأنّ الرئيس أردوغان يتابع بنفسه مجريات المحادثات بين الطّرفين في هذا الصدد.

كما صرّح بوزكير بأنّ الحكومة التركية عازمة على المضي قُدُماً نحو تحقيق هذا الهدف، حيث أعلن أنّه لم يطرأ أيّ تعديلٍ على الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إلى العاصمة البلجيكية بروكسل خلال الشهر القادم قبل أن يقوم الرئيس أردوغان بزيارة العاصمة نفسها خلال شهر نيسان/ أبريل من العام القادم، وذلك من أجل تسريع سير المفاوضات في هذا الخصوص.

ويُفهم من هذا أنّ العلاقات الرّسميّة والسياسات الأساسية بين الطّرفين لن تتأثّر بما حصل من مشاحناتٍ كلاميّة بين الطّرفين. أمّا على صعيد الشّارع التركي والأوروبي، فإنّنا نجد لهذه المناقشات بين قيادات الطّرفين تأثيراً بالغاً على رأي الشارع العام لدى كلا الطّرفين.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس