محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تعيش تركيا تحت حصار مبطن من جانب الولايات المتحدة إلا أنها لم تعد وحيدة. قضية القدس وسياسة أنقرة متعددة الاتجاهات في سوريا جعلتا الولايات المتحدة وترامب يعيشان في عزلة.

من المعروف أن العالم أكبر من خمسة بلدان (أعضاء مجلس الأمن)، لكن الجميع رأوا أنه أكبر بكثير من بلد واحد. تعابير وجهة مندوبة الولايات المتحدة، التي بقيت وحيدة في مواجهة 14 عضوًا، خلال التصويت بمجلس الأمن، كانت مؤشرًا أوليًّا عما ينتظر بلاد العم سام.

أصبحت الولايات المتحدة بلدًا تزعزعت هيمنته.. وهذا ما اتضح بشكل أكبر في الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضًا.

نتوجه نحو عالم جديد، تتغير فيه الشراكات الاستراتيجية والتحالفات. هناك مطالب بإعادة هيكلة المؤسسات العالمية كالأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي وحلف شمال الأطلسي، وهي مؤسسات تحافظ على الوضع الراهن، وتهيمن عليها الولايات المتحدة.

بطبيعة الحال، فإن المجال الاقتصادي هو الذي يشهد التغير العميق والمزلزل. يعيش النظام الرأسمالي مرحلة من الركود. ويقول خبراء الاقتصاد إن القطاع الحقيقي في العالم حجمه 70 تريليون دولار، في حين أن حجم القطاع المالي الذي يمسك العالم بقبضته يبلغ 700 تريليون.

وهذا ما يجر العالم إلى حافة حرب جديدة تهدف إلى تقاسم العالم. زعيمة النظام العالمي الولايات المتحدة تلجأ إلى الإرغام لأنها غير قادرة على إدارة المرحلة، وتهدد العالم بحرب مستترة بغطاء السلام.

ولهذا فقد شكلت محور السعودية- إسرائيل- مصر، وأعلنت إيران عدوًّا صريحًا، وتركيا عدوًّا مبطنًا. هذه خطة حرب جديدة وضعوا أسسها في تسعينات القرن الماضي ضد الإسلام، الذي أعلنوه عدوًّا.

تركيا تفسد على الولايات المتحدة هذه الحسابات، التي تصطدم بأنقرة وموسكو وبكين، ليس لأن هناك تحالف قائم بين العواصم الثلاث، بل لأن مركز العالم بدأ يميل نحو الشرق.

يسعى الشرق وراء السلام والعدل، وليس الحرب، ويريد تحقيق التنمية الاقتصادية والرخاء وفتح طريق الحرير الجديد. ويتوجب ضم بعض بلدان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى هذا التوجه. ومن هذا المنطلق علينا أن ندرك مدى أهمية السياسة الخارجية التركية متعددة الاتجاهات.

باختصار مع بدء إنشاء عالم جديد تتصدع الهيمنة الأمريكية على العالم الحالي. وهذا ما يثير جنون من يحكمون الولايات المتحدة.

قد تدفع الإنسانية ثمن هذا الجنون الأمريكي في الشرق الأوسط أو كوريا الشمالية، لكنه هذا الثمن سيقضي في الوقت ذاته على الولايات المتحدة.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس