د. عمر بولاط - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

كان عام 2017 مُرضيًا بالنسبة للاقتصاد العالمي والاقتصاد التركي على حدّ سواء، ويعتقد أن العام 2018 سيكون جيدًا بالقدر نفسه على الأقل.

كُنّا قد أعلنّا توقعاتنا الإيجابية للعام 2017 منذ بدايته من خلال المقالات المنشورة وذكرنا أنّنا "متفائلون بحذر"، على الرغم من وجود بعض الذين لا يثقون ببلدانهم واقتصادها فيلجؤون إلى سماع سيناريوهات الكوارث والتشاؤم التي تتدفق من الخارج، فنحمد الله لأنهم كانوا على خطأ.

أخذنا في الاعتبار عوامل مثل الاستقرار السياسي والإدارة القوية والبيئة الموثوقة والتوقعات النفسية الإيجابية للشعب والأسس السليمة للاقتصاد والنظام المصرفي القوي والانضباط المالي وحركة الإنتاج في المناطق الصناعية وتجارة التجزئة في السوق.

ومع بداية عام 2017، كان الاقتصاد التركي يعمل على إزالة الآثار السلبية للانقلاب الفاشل الذي جرى في 15 تموز/ يوليو، بالإضافة إلى ذلك فقد خفضت 3 وكالات أمريكية التصنيف الائتماني لتركيا إلى دون الدرجة الاستثمارية، إلى جانب تأثير السياسة الاقتصادية الأمريكية بعد تطبيق سياسة "أمريكا أولا" عقب انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، الأمر الذي سرّع تدفق رؤوس الأموال إليها وارتفاع قيمة الدولار.

وبالتزامن مع ما سبق، فإن الحكومة التركية عملت على اتخاذ تدابير مكثفة لطمأنة وإنعاش الأسواق، وعملت على توفير ائتمانات جديدة، فدعمت 341 ألف إدارة تشغيلية من خلال صندوق ضمان الائتمان بقيمة 218 مليار ليرة تركية.

وبالإضافة إلى ذلك، خفضت ضريبة القيمة المضافة في قطاعات السلع البيضاء (أجهزة المطبخ) والأثاث والبناء، وتم إنشاء 250 ألف شركة صغيرة ومتوسطة بقيمة 6 مليارات ليرة تركية، من خلال توفير القروض الخالية من الفوائد من قبل إدارة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (KOSGEB).

ومع بدء نمو الصادرات مرة أخرى بعد سنوات عديدة، وتسارع النمو الاقتصادي في أوروبا إلى نسبة 2.1 في المئة، وانخفاض البطالة فيها، أدى ذلك إلى زيادة ودعم الصادرات التركية، وقد ساهم رفع البنك المركزي الأمريكي سعر الفائدة ثلاث مرات محدودة في نهاية عام 2017، في تقليل المخاوف من سياسات ترامب الاقتصادية.

اتّبع الاقتصاد العالمي اتجاهاً إيجابياً خلال العام 2017، في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، حيث بلغ متوسط النمو 3.6 في المئة، ومن المتوقع أيضاً أن يتباطأ بشكل طفيف في العام 2018 ليبلغ معدل النمو 3.3 في المئة.

وفي عام 2017، ارتفعت أسعار السلع الأساسية في العالم بنحو 25 في المئة في المتوسط، وزاد هذا الوضع من فاتورة الواردات التركية، باعتبار تركيا مستوردة للمواد الخام والسلع الوسيطة.

وبالنظر إلى مؤشرات الاقتصاد التركي بحلول عام 2017، فإن معدل النمو بلغ 7.4 في المئة في الأشهر التسعة الأولى، في حين كان معدل النمو في الربع الثالث الأعلى في العالم حيث بلغ نسبة 11.1 في المئة.

وبالإضافة إلى النمو، ينبغي أن ترتفع الصادرات بنسبة 11 في المئة، لتصل إلى 156 مليار دولار بنهاية العام، وبلغت الزيادة في العمالة في السنة الأخيرة مليوناً و233 ألف شخص، وبلغ العجز في الموازنة خلال 11 شهراً 26.5 مليار ليرة تركية (تعادل 6.8 مليار دولار تقريبًا)، في حين نما الإنتاج في قطاعات الطاقة والزراعة والخدمات وتجارة التجزئة بنسبة 20 في المئة.

ومن ناحية أخرى، بلغ معدل التضخم على أساس مؤشر أسعار المستهلك 12.98 في المئة، وبسبب الارتفاع الكبير في واردات الطاقة والذهب بلغ العجز في التجارة الخارجية نسبة 32.1 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2017، ليصل إلى 61 مليار دولار، في حين ارتفع عجز الحساب الجاري ليبلغ 41.3 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى، وعلى الرغم من الزيادة في الكبيرة في العمالة إلا أنه لم يتم تخفيض معدل البطالة إلى خانة واحدة فبقي بمعدل 10.6 في المئة.

وفي نهاية المطاف، فإن جميع مؤشرات الاقتصاد الكلي في تركيا تظهر بأن العام 2017 كان إيجابيًا رغم الصراعات والحروب وعدم الاستقرار في بلدان الجوار، ونتوقع استمرار الأداء الاقتصادي لتركيا في العام 2018 كما كان في 2017، ونأمل في أن يكون الاقتصاد التركي في العام المقبل أفضل من العام 2017، فيكفي ألا نفقد الاستقرار السياسي والثقة في الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى أن نجاحنا في إخماد الصراعات والحروب لدى جيراننا وفي منطقة الشرق الأوسط، سيؤثر إيجابياً على اقتصادات المنطقة.

عن الكاتب

د. عمر بولاط

الدكتور عمر بولاط / رئيس جمعية الموصياد لرجال الأعمال والصناعين السابق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس