حمزة تكين - هافغ بوست

تُعد طبقة الأوزون جزءاً من طبقات الغلاف الجوي لكوكب الأرض، وقد سُمّيت هذه الطبقة بهذا الاسم لاحتوائها على كميات كبيرة من غاز الأوزون، وهي طبقة لها دور أساسي في بقاء الحياة واستمرارها على الأرض، فهي تحجب من 95% إلى 99% من الأشعة فوق البنفسجية التي تسبب سرطان الجلد.

تُشير الاكتشافات إلى وجود ثقب كبير في طبقة الأوزون توازي مساحته مساحة القارة الأميركية الشمالية، وهو موجود فوق القطب الجنوبي ويُسمى بثقب الأوزون الأعظم، كما يوجد أيضاً ثقب آخر أصغر فوق القطب الشمالي.

إن السبب الرئيسي لثُقب طبقة الأوزون هو غازات "الكلوروفلوروكربون" إذ تم تصنيع هذه المركبات الكيميائية عام 1928، وهذه الغازات غير قابلة للاشتعال تستخدم في مجال التكييف والتبريد والبخّاخات التي تنفُث مبيدات الحشرات ومُزيل العرق والعطور، ومواد أخرى.

تتراكم غازات "الكلوروفلوروكربون" في الطبقات العليا من الجو، وتتحلل في طبقة الأوزون بسبب الأشعة فوق البنفسجية، ما يؤدي لخروج غاز الكلور، الذي يَضُر بطبقة الأوزون ويعمل على تفكيك ذرات الأكسجين التي يتشكّل منها الأوزون نفسه، إذ تعمل ذرة الكلور الواحدة على تحليل ما يقارب مائة ألف جزيء من الأوزون.

يُعدّ الاحتباس الحراري من المخاطر الناتجة عن ثقب طبقة الأوزون، والذي أصبح اليوم الشغل الشاغل للعديد من المؤسسات والهيئات الدولية.

ومن الأضرار الناتجة عن ثقب طبقة الأوزون: انخفاض المناعة لعدد كبير من البشر، وإصابتهم بسرطان الجلد، وازدياد حدوث الحرائق، وإصابة العيون بالماء الزرقاء، فضلاً عن تسرّب الأشعة فوق البنفسجية ووصولها إلى سطح الأرض، ما يؤدي إلى الإضرار بالكائنات الحية كافة.

كل ما مرّ آنفاً هو كلام العلماء أهل الاختصاص والعلم والفهم، المستخلص من دراسات عديدة أجروها على مدى سنوات عديدة بناء لقواعد علمية بعيداً عن أي نظريات خرافية.

ولكن إن أتينا لموضوع العملاء فإنهم يشبهون بدرجة عالية ونسب مرتفعة غازات "الكلوروفلوروكربون" التي تعيث بطبقة الأوزون تفككاً وتدميراً، فهم يعيثون بالمجتمعات الإنسانية عامة والإسلامية خاصة فساداً وتدميراً.

عملاء إن تحدثوا عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فإن أمراً واحداً ينقصهم وهو قولهم إن "أردوغان هو المسؤول عن ثقب طبقة الأوزون".

عملاء وبكل وقاحة لم يتركوا تهمة على وجه الأرض إلا ووجهوها لهذا الرئيس المنتخب بطريقة ديمقراطية، في محاولة منهم لإرضاء أسيادهم وتشويه صورة زعيم تجاوزت زعامته حدود تركيا، وزعزعة ثقة أبناء الأمة بمسيرة "العدالة والتنمية" التي يقودها.

علماء الاقتصاد يشهدون لمسيرة الطيب أردوغان بالنجاح الباهر، ولكن العملاء يرفضون الاعتراف بهذه الإنجازات، وإن اعترفوا بها يبثون سمومهم "أنها إنجازات لتركيا فقط" متناسين عن عمد وخبث أن قوة تركيا وقوة أي دولة إسلامية هي في الحقيقة قوة لتلك الدولة وبنفس الوقت قوة لكل الأمة وكل المسلمين... يشبهون غازات "الكلوروفلوروكربون".

علماء الاجتماع يشيدون بالتطور الاجتماعي الذي تشهده تركيا بشكل متدرج منذ 15 عاماً، بعد أن كانت تركيا تعيش فترة من الظلام تحت حكم الانقلابات العسكرية الدموية، ولكن العملاء يتهمون أردوغان بإهمال هذه النقطة، وبالتالي أنه شخص "فاشل"، في محاولة منهم لتفكيك الترابط القوي بين القائد والشعب... يشبهون غازات "الكلوروفلوروكربون".

علماء السياسة منبهرون بالسياسة التركية الخارجية التي يقودها الطيب أردوغان في حقل من الألغام والنيران، والتي تمكنت من تجنيب تركيا الحريق الذي أشعله أسياد العملاء في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك السياسة الداخلية التي جنبت تركيا أيضاً أي اصطدام حاد بين السلطة والمعارضة، وبقيت البلاد محافظة على مبادئ الديمقراطية وصندوق الانتخابات، ولكن بالرغم من ذلك يحاول العملاء تغييب هذا النجاح والتقليل من هذا الأمر الذي يعتبر ثورة في عالم السياسة علّهم يزعزعون الثقة بالطيب أردوغان.. يشبهون غازات "الكلوروفلوروكربون".

علماء الدين يقفون إلى جانب مسيرة "العدالة والتنمية" بقيادة الطيب أردوغان ويشهدون له بالخير والنية الطيبة الصافية تجاه الأمة كلها، وما تقوم به تركيا اليوم مع كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لهو خير دليل على وقوفها ـ بما تستطيع ـ إلى جانبهم، ولكن العملاء ليس لديهم إلا التكفير تارة والتفسيق تارة أخرى والتشريك تارة ثالثة، والتخوين رابعة.. يشبهون غازات "الكلوروفلوروكربون".

علماء الإنسانية يشيدون ليل نهار بتوجهات تركيا بقيادة الطيب أردوغان تجاه مختلف الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، وبصمات الخير والعمل والتنمية التي تتركها تركيا يومياً في مختلف دول العالم خير دليل، ولكن العملاء ليس لديهم إلا اتهام الطيب أردوغان ومسيرته بـ"العنصرية" متعامين عن كل الإيجابيات علهم يفكون الترابط الكبيرة الذي تبنيه تركيا مع شعوب العالم... يشبهون غازات "الكلوروفلوروكربون".

عند كل أمر جلل يصيب الأمة نرى أول المتدخلين للحل والإنقاذ تركيا والطيب أردوغان، وآخر هذه الأمور ما يتعلق بالعاصمة الفلسطينية الأبدية القدس والقرار الأميركي غير الشرعي باعتبارها عاصمة للكيان الإسرائيلي الصهيوني، فالطيب أردوغان كان أول الزعماء المبادرين لمجابهة هذا الخطر الداهم، فقاد حملة دبلوماسية عاملية تاريخية تمكن خلالها من حشر الولايات المتحدة الأميركية في زاوية "الأمم المتحدة" لأول مرة في التاريخ.

إنجاز تاريخي ونجاح كبير للدبلوماسية التركية في هذا الشأن، استدعى إشادات واسعة من زعماء العالم الإسلامي وقادة المقاومة على الأرض، إلا أن العملاء وكعادتهم بدأوا ببث خبثهم في المجتمعات مقللين من شأن الخطوة التركية التاريخية، فضلاً عن محاولتهم تحويل البوصلة عن قضية القدس إلى قضايا أخرى، ووصل بهم الأمر ولأول مرة للسخرية من الملايين الذين انتفضوا حول العالم نصرة للعاصمة الفلسطينية القدس، ساخرين منهم مستهزئين بتحركاتهم ومظاهراتهم.

عند هؤلاء العملاء، الطيب أردوغان هو المسؤول عن عدم تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قراره بشأن القدس الشريف، بحجة العلاقات التركية الأميركية وأن الطيب أردوغان لم يقطع علاقات تركيا مع أميركا أو حتى مع "إسرائيل"، متناسين المليارات التي حملها ترامب معه من الشرق الأوسط إلى "تل أبيب" ومنها إلى واشنطن، متناسين العلاقات الوطيدة جداً جداً للدول التي يحملون جنسياتها مع أميركا ظاهراً ومع "إسرائيل" سراً... عملاء يرمون بيوت غيرهم بالحجارة وبيوتهم من زجاج هش متشقق.

عملاء يتهمون الطيب أردوغان بـ"النيران" المشتعلة في بلدان الشرق الأوسط، وأنه "شريك" في رسم مخططات تدمير هذه البلدان، متعامين عن الدور التركي الذي يسعى ليل نهار لإطفاء الحرائق في تلك البلدان، فإن لهيبها يكاد يصل لتركيا ـ لا قدر الله ـ وكيف يشارك رئيس بحريق يهدد بلده إلا إن كان غبياً أو عميلاً، والشعب التركي يشهد بذكاء وإخلاص رئيسه.

يتعامون عن هذا الدور الإيجابي، ويتناسون داعمي الثورات المضادة التي أهلكت الحرث والنسل في كثير من الدول، لصالح دول لا ترى إلا النفط والمال والممرات البحرية على حساب الإنسانية والبشرية والأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ والشباب.

يتهمون الطيب أردوغان زوراً وبهتاناً، ويكفي الطيب أردوغان في هذه النقطة أن شعوب تلك الدول باتت اليوم تعرف الحق من الباطل، باتت تعرف من يهتم بها ويسعى لخيرها ومن يسعى لنهب ثرواتها وتدميرها لأجل عيون رسّامي "الشرق الأوسط الجديد"، شعوب تلعن ليل نهار من تسبب بمآسيها، إلا أنها شعوب لم تنم مساء 15 يوليو/تموز 2016 وهي تدعو للطيب أردوغان ولتركيا والشعب التركي بالنصر على الانقلابيين الخونة، ولم تنم في اليوم التالي تحتفل مع أحرار العالم بالانتصار على العملاء وأسيادهم.

أسياد العملاء خلقوا تنظيم "داعش" الإرهابي وحمّلوه زوراً وبهتاناً راية الإسلام، وما هو في الحقيقة إلا تنظيم إرهابي مجرم خلقوه لتدمير البلاد وقتل العباد وسلب التراث والتاريخ وتشويه الإسلام العظيم، تنظيم مفضوح لم يهدد بلاد أسياده ولو بكلمة واحدة إلا أنه فجر وقتل ودمر في العديد من دولنا وقام بعدة عمليات إرهابية في تركيا راح ضحيتها مدنيون وتضرر اقتصاد بلد كامل، وحتى اليوم تقوم قوات الأمن التركية باكتشاف عناصر له وتعتقلهم، ويأتي العملاء وبكل وقاحة يتهمون الطيب أردوغان وتركيا بـ"الوقوف" خلف هذا التنظيم، في محاولة منهم لإضاعة البوصلة عن أسيادهم الخبثاء وتحويلها لمن حارب "داعش" حق المحاربة، علّهم يضربون مسيرة "العدالة والتنمية".

الزلزال الذي ضرب مؤخراً إيران ومناطق شمالي العراق، كانت تركيا وبتعليمات من الطيب أردوغان أول دولة تصل إلى المناطق المتضررة لتقديم يد العون للسكان، وما زالت الفرق الإغاثية التركية مستمرة بعملها شمالي العراق حتى اليوم.

لقد أشاد العلماء بالتحرك التركي السريع المبهر، إلا أن العملاء انبروا مهاجمين تركيا أنها "تستغل الظروف لتحقيق مصالحها"، متعامين عن تقصير البلدان التي يحملون جنسياتها والتي حتى اليوم لم تقدم قشة واحدة للمتضررين، اتهام خبيث حقير غير إنساني يوضح حقيقة القلوب السوداء في جثث أولئك العملاء.

بثوا هذه الأفكار الخبيثة لضرب الجهود التركية وسمعة تركيا والطيب أردوغان، محاولين تفكيك أواصر التآخي بين الشعوب ـ كما تفعل غازات "الكلوروفلوروكربون" ـ ولم يكن ينقصهم إلا القول أن "أردوغان يقف خلف الزلزال".

في قضية مسلمي الروهينغا الذين يتعرضون لمجازر على يد العصابات البوذية الإرهابية المتطرفة بإقليم أراكان في ميانمار، كانت تركيا من أولى الدول التي أغاثت اللاجئين ـ وما زالت ـ زوجة الطيب أردوغان ووزراء ورئيس الوزراء بن علي يلديرم زاروا اللاجئين كفكفوا دموعهم وقدموا لهم يد العون والإغاثة، إلى جانب قيادة الطيب أردوغان حملة اتصالات دولية واسعة لإيقاف الظلم بحق الروهينغا، كل هذا الأمر رآه العلماء ولكن العملاء تعاموا عنه وبثوا خبثهم أنه "لماذا لا يتحرك الجيش التركي لنصرة الروهينغا؟"، مستخفين بعقول البشر معرضين عن توجيه السؤال نفسه لجيوش البلدان التي يحملون جنسياتها، اتهام خبيث يحاولون من خلاله تحطيم الجهود التركية وإظهار تركيا أنها "دولة كاذبة".

هنا مرة جديدة يكون الطيب أردوغان بعيون هؤلاء العملاء "هو المسؤول" عن مأساة الروهينغا، ولكن يكفي تركيا شرفاً حب الروهينغا لها، ولعن الروهينغا لـ"الدول الإسلامية" التي تقاعست وما زالت تتقاعس عن نصرتهم ومساعدتهم.

حتى في قضية قطر، يتهم العملاء تركيا والطيب أردوغان بـ"الوقوف وراءها" وذلك بسبب التحرك التركي السريع الذي وقف إلى جانب دولة قطر المعترف باستقلالها في "الأمم المتحدة"، وما الموقف التركي إلا احتراماً للعهود فبين تركيا وقطر معاهدات مشتركة لا يحترمها إلا وفيّ، ورفضاً لمبدأ محاصرة الأخ لأخيه.

نعم، العلماء يعرفون جيداً أسباب الأزمة الخليجية وحصار دولة قطر، ولكن العملاء يقفون مجدداً متهمين الطيب أردوغان بـ"تأجيج" الأزمة، متناسين مبادئ الأخوة وتعاليم الإسلام... عملاء يشبهون غازات "الكلوروفلوروكربون" في مساعيهم لتفكيك المجتمعات وإبعادها عن بعضها البعض خدمة للأسياد خلف المحيطات.

اللائحة تطول وتطول... فهؤلاء العملاء يتعامون عامدين متعمدين عن كل إيجابيات الطيب أردوغان ومسيرة "العدالة والتنمية"، وفي الوقت نفسه يختلقون الأكاذيب والأفكار الخبيثة تجاه تركيا والطيب أردوغان علّهم يشوهون السمعة الطيبة، ولا ينقصهم إلا أن يقولوا إن "أردوغان مسؤول عن ثقب طبقة الأوزون".

وهنا يجب التأكيد لهؤلاء أن الطيب أردوغان مستمر بمشيئة الله تعالى في مسيرته حتى آخر نفس، سواء رضيتم أم لم ترضوا، سواء بثثتم أكاذيبكم وخبثكم تجاه تركيا أم لم تبثوها، سواء تطاولتم على مسيرة النجاح أم لم تتطاولوا... المسيرة مستمرة "وما توفيقي إلا بالله".

في مواجهة أولئك العملاء، يجب علينا أن نكون علماء بأنفسنا وواقعنا وتاريخنا وديننا وإنسانيتنا، كي لا يفلح عميل أو غاز دخيل على تفكيك وحدتنا وإخوتنا.

في مواجهة أولئك العملاء يجب علينا أن نكون طبقة متماسكة أقوى من طبقة الأوزون؛ لنشكل غلافاً يحمي أرض قوتنا ومستقبلنا ويحجب عنا الأشعة السلبية التي يبثها العملاء، حجباً يصل لـ100%؛ كي تستمر حياتنا بعزّة وكرامة وصدق.

العملاء أمرهم مفضوح لكل العلماء أصحاب العقول، رائحتهم الكريهة كرائحة غازات "الكلوروفلوروكربون"، فيجب علينا ألا نسمح لهم بالتغلغل بيننا؛ ليفكّكوا خُططنا التي رسمناها لبناء أمة قوية ومستقبل مشرق.

لا تسكتوا لأي عميل، فالعميل الواحد قد يبث فكرة خبيثة واحدة تؤثر بشكل سلبي على مجتمع بأكمله، كما تنتج غازات "الكلوروفلوروكربون" في طبقة الأوزون غاز الكلور الذي تعمل ذرة واحدة منه على تحليل ما يقارب مائة ألف جزيء من الأوزون.

وكما أن الاحتباس الحراري أحد المخاطر الناتجة عن ثقب طبقة الأوزون، والذي أصبح اليوم الشغل الشاغل للعديد من المؤسسات والهيئات الدولية، فإن العملاء أيضاً خطر على أمتنا ومجتمعاتنا ومستقبلنا، ولذلك يجب أن تكون محاربتنا لهم بالعقل والمنطق والبرهان شغلنا الشاغل أفراداً ومجتمعات ومؤسسات.

يجب أن نكون علماء ونعمل بكل جد لفضح هؤلاء العملاء؛ كي لا تنخفض مناعتنا على مواجهة مخاطر العدو الخارجي، وكي لا نصاب بسرطان التشتت والتفكك والعصبيات والخلافات المقيتة، وكي لا تحترق أمتنا بسبب تقاعسنا، وكي لا تصاب أعيننا بالعمى عن الحق.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس