روشن تشاكر – صحيفة ترك برس – ترجمة وتحرير ترك برس

منذ عدة أيام، قال رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان:"لقد انتصرت تركيا في كفاحها ضد التنظيم الموازي، وما زالت انتصاراتها مستمرة"، والمقصود بالتنظيم الموازي هو جماعة فتح الله غولن بكل تأكيد.

حاول اردوغان تبسيط الأمور بوصف الأعمال ضد الجماعة بأنها "كفاح"، ولا شك أننا أصلا أمام حرب حقيقية، بل حرب واسعة النطاق، ضد جماعة وتنظيم فتح الله غولن، وأذرعه الممتدة داخل الدولة التركية.

ومهما حاول اردوغان أنْ يصف تلك الحرب، بأنها حرب الدولة التركية، إلا أنها في الحقيقة حرب اردوغان، أو كما يصفها كفاحه، وذلك لأن الهدف الحقيقي لمحاولة الانقلاب التي قامت بها الجماعة فيما بات بعرف بعملية 17-25 كانون أول/ديسمبر العام الماضي، كان هدفها الانقلاب على حُكم العدالة والتنمية، وتحديدا الإطاحة باردوغان، حتى إنّ الجماعة ربما لا تعارض بقاء حزب العدالة والتنمية في الحُكم بشرط أنْ يكون بدون اردوغان.

حتى لو خسرت الجماعة حربها

أصبح من الواضح للجميع، أنّ جماعة غولن لم تستطع تحقيق أهدافها خلال العام الماضي، وقد أحكم اردوغان السيطرة عليهم، بعد فوز حزبه في الانتخابات المحلية، وفوزه هو برئاسة الجمهورية، وبعد ذلك لم نشاهد أعمالا قوية من قبل الجماعة ضد الحزب الحاكم أو ضد اردوغان، وبقيت في موقع الدفاع عن نفسها.

مع كل هذا، ما زال من المبكر جدا أنْ نقول أنّ الحرب قد انتهت، وأنّ الجماعة قد انهزمت في هذه الحرب، لأن هناك العديد من الدلائل التي تشير إلى أنّ الحرب ما تزال مستمرة، ومنها ما ظهر مؤخرا من بقاء لأذرع الجماعة في جهاز القضاء والشرطة حتى الآن.

لكن هناك أمر هام آخر، فحتى او أعلنت الجماعة هزيمتها النهائية، فإنّ الحرب التي يحاول اردوغان تصويرها على أنها لتركيا، وأنّ تركيا انتصرت فيها، ليست كذلك على الإطلاق، فالصراع القائم ما بين الجماعة والحكومة، ربما يكون له انعكاسات خطيرة جدا على الجماعات والأحزاب الإسلامية داخل الدولة التركية.

من ليس معنا فهو من الخوارج

هي في الحقيقة حرب على السلطة، فالطرف الأول يدافع عن الديمقراطية والإرادة الشعبية والحق والحريات، متخذا من الإسلام مرجعية له، فيما يحاول أنْ يظهر الطرف الآخر وكأنه انحرف عن مبادئ الإسلام التي يدعي الانتماء لها، والطرف الآخر أيضا يمارس نفس الأسلوب، وهو محاولة إظهار العدالة والتنمية كحزب منحرف عن تعاليم الإسلام.

إذا بقيت الجماعات الإسلامية والأحزاب الإسلامية تستخدم مبدأ "من ليس معنا فهو من الخوارج"، فهذا خطر حقيقي، ينبغي على الأطراف جميعها أن تدركه وتتداركه، لأن لهذا الأمر انعكاسات خطيرة على النسيج المجتمعي في تركيا، وعلى مبدأ الاحتواء والتعايش بين كافة أطياف الشعب المختلفة.

الحرب ما بين الجماعة وحزب العدالة والتنمية ما زالت مستمرة، واستغلال التنظيم الموازي لتغلغله داخل شرايين الدولة التركية أمر خاطئ، وسيدفعون ثمن ذلك، لكن يجب أنْ ننتبه جيدا لكي لا يكون لهذه الحرب انعكاسات خطيرة على النسيج المجتمعي، وعلى وحدة الجماعات والأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية المختلفة المنطوية تحت إطار الدولة والشعب.

عن الكاتب

روشن تشاكر

كاتب في صحيفة خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس