ترك برس

بدأت الإستراتيجية الأميركية تتكشف على حقيقتها، من خلال التحالف مع ميليشيات تعتبرها تركيا إرهابية، لحسم مآلات الصراع في سوريا والعراق، فمع اقتراب نهايته في البلدين يبدو واضحا أن واشنطن ترفع البطاقة الحمراء في وجه أنقرة وطهران معا.

ولسان حال واشنطن يقول "لا تحلموا بنفوذ عابر للحدود هنا لقد انتهت الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية أو كادت ولا يتوهمن أحد منكما (أي تركيا وإيران) بجني ثمار حرب يدعي كثيرون أنهم خاضوها وانتصروا فيها".

جاء ذلك في تقرير لقناة الجزيرة القطرية، على خلفية التوتر التركية الأميركي إزاء تسليح واشنطن ميليشيات "PYD / PKK" المتهمة بارتكاب جرائم ضد المدنيين في شمالي سوريا.

وتساءلت الجزيرة في تقريرها "ما الذي حدث لتُغضب واشنطن أنقرة وقد بذلت لها الوعود لإبعادها على الأقل عن موسكو؟".

https://www.youtube.com/watch?v=UmuYet4IMOU

وأشارت إلى أن ما حدث هو أن الولايات المتحدة أعلنت فجأة أنها بصدد إنشاء قوة من ثلاثين ألف فرد، هي فعليا من المليشيات الكردية، على أن تتولى مهمة تأمين الحدود السورية مع تركيا، أي إنشاء ما يشبه المنطقة العازلة في حيز جغرافي بالغ الأهمية الإستراتيجية لأنقرة، لا فيما يتعلق بدورها الإقليمي فحسب بل أيضا بأمنها الوطني نفسه.

لن نقبل ذلك أبدا، يقولها أردوغان، فهي - أي خطط إنشاء هذه القوات - أقرب إلى الخيانة ولعب بالنار بالنسبة لإدارته، وبالنسبة له شخصيا فإن الخيار الوحيد والأوحد هو تدمير أي تنظيمات تهدد حدود بلاده.

لا يكتفي الرجل بذلك بل يتحدث عن أطراف يصفها بالوضيع، وعن دولة تقول إنها حليفة لبلاده بينما تصر على تأسيس جيش من الإرهابيين على حدودها، أيّ وصف لذلك سوى الخذلان بالخيانة.

أما البديل في عمليات في عفرين ومنبج داخل سوريا، بل إن الاستعدادات لما هو أكبر ربما تجري على قدم وساق في تركيا، حيث أن الآليات العسكرية تحشد وترسل إلى الحدود لدعم وتعزيز ما هو موجود بالفعل من قوات هناك.

على أن تضارب الإستراتيجيات بين واشنطن وأنقرة لا تستفيد منه سوى موسكو وفقا للبعض، إنّها موجودة في سوريا وتحضّر لمؤتمر تراهن عليه كثيرا ومن شأن انعقاده ونجاحه تعزيز دورها وتغليب مسار أستانة على جنيف أي منح موسكو حصة الأسد من النفوذ في الشرق الأوسط كله بعد تفكيك تنظيم الدولة.

وحسب هؤلاء، فإن ما يصفونه بتخبط السياسة الأميركية لا يخدم أحدا سوى الروس ولا يضر سوى حلفاء واشنطن التاريخيين أو من يفترض أنها تسعى ليكونوا كذلك.

فالخطوة الأميركية الأخيرة تأتي في أعقاب توتر غير مسبوق بين الأتراك من جهة والروس والإيرانيين من جهة أخرى على خلفية قصف بإدلب، ما سيدفع الأتراك لتجاوز الخلاف والاقتراب مجددا من حلف بوتين-خامنئي، وذلك لن يكون دون ثمن تعرفه أنقرة قبل غيرها.

وكي لا تدفعه قد تضطر إلى ما تكرهه، وهو اللجوء إلى القوة الضاربة وربما إلى الحرب كي لا تتعرض لهزيمة سياسية أسوأ مما يظن البعض، أي أن تنتهي إلى التحالف مع بشار وقد حاربت وإلى تنفيذ أجندة موسكو وقد قاومتها كثيرا والاسوء أن تترك حدودها نهبا لمن تعتبرهم إرهابيين بامتياز.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!